22 فبراير 2016
كلنا سماح أنور
هل فكرت أننا ربما كنا نكره بعضنا البعض إلى أبعد درجة لأننا نشبه بعضنا إلى أقصى درجة؟ ألا يقولون أن الأقطاب المتشابهة تتنافر. ولذلك، فنحن متنافرون جداً لأننا ببساطة متشابهون جداً؟
لا أدري لماذا لام كثيرون على الفنانة سماح أنور، حين طالبت بإحراق المعتصمين في التحرير ضد مبارك لتستمر الحياة في مصر بدونهم؟ على الأقل اعتذرت سماح، وقالت إن تلك العبارة كانت زلة لسان، بينما تبنى كثيرون منا منهج الدعوة لحرق الخصوم، ليحق علينا قول الفنان وليد طاهر "كلنا سماح أنور". سبقَنا إلى ذلك الإخوان وحلفاؤهم، بمجرد أن شموا رائحة الوصول إلى الحكم، ثم بعد أن بلغوه، وظنوا أنهم غير مفارقيه، كرّسوه وأصّلوا له، وها هم عندما دارت عليهم الدوائر يصبحون ضحيته، فأصبحنا نسمع كل يوم تفنينة تقترح وسيلة للخلاص من معتصمي رابعة والنهضة، هذا يقترح تجويعهم وذلك يقترح إغراقهم بالمجاري وتلك تقترح إفناءهم لكي تحيا مصر، ومثلما كان الإخوان يباركون فض اعتصام التحرير ويستخرجون لقتل معتصميه أسانيد شرعية، يبارك كثير منا الآن فض اعتصامهم بالقوة ويستخرجون له أسانيد حضارية من أفعال الدول المتقدمة، من دون أن يأتي أحدهم بواقعة فض واحدة سقط فيها عشرات القتلى كما حدث لدينا قبل حتى أن يقع الفض.
... عندما يتحدث كثيرون، الآن، عن ضرورة فض الاعتصامات المسلحة بالقوة، أياً كان الثمن لأن الاعتصام السلمي وحده يستحق الحماية، إياك أن تذكرهم بأن الإخوان كانوا يبررون قتل معارضيهم لأنهم لم يعودوا سلميين باستخدامهم للخرطوش والمولوتوف، لا تقل لهم أن سياسة النفس الطويل أفضل من تعقيد الموقف بالعنف الغشيم مع من يتمناه، لو فعلت ذلك سيسحبون منك شهادة الوطنية وصك الثورية، إنس مثلهم أن شيوع وصف أنصار مرسي بالخرفان لم يكن تحقيرا لأشخاصهم، بل لأنهم يسيرون في القطيع من دون تفكير، سِر في القطيع أنت أيضا، واجعل الحق ركوبة إذا كان ذلك في مصلحتك وتجاهله عندما لا يكون في مصلحتك، ولا تخجل فنحن نشبه بعضنا البعض.
... صدقني: نحن نشبه بعضنا كثيرا، عندما نكون في المعارضة نقول أنه لا يمكن أن يتقدم الوطن وبه مؤسسات معصومة من الحساب، وعندما نشارك في الحكم ننسى ما قلناه بدعوى الحفاظ على أمن الوطن، الذي ننسى أنه لن يتقدم شبرا بدون تطبيق إجراءات العدالة الإنتقالية التي هي أرقى من رغبات الإنتقام وأعقد من شعارات القصاص، عندما يكون الفقير في صفنا نتحدث عن الشعب الأصيل الواعي، وعندما يكون في الصف المواجه نرثي للشعب المضحوك عليه بالزيت والسكر، نحب الإعلام المنحاز الزاعق عندما يكون في صفنا فقط، قيمة الإنسان لدينا يحددها مشاركته لنا في الموقف السياسي، لذلك بدلا من اتخاذ موقف ثابت ضد أي إرهاب سواءا كان حكوميا أو إخوانيا فندين أي سفك للدماء ونطالب بمحاسبة المسئولين عنه، نفضل أن "نخش لبعض فيديوهات"، لنتذكر الوساخات السابقة التي صمت عليها الإخوان وبرروها، ليبدو شكلنا أفضل ونحن نصمت على الوساخات الحالية أو نبررها.
عندما تتذكر كيف أصبح الذين افترت الداخلية عليهم بكذبها وقمعها حتى أسابيع مضت يصدقون رواياتها فجأة ويتحدثون أنها تغيرت وأصبحت في خدمة الشعب، أرجوك لا تخجل فالقتلى هذه المرة هم الآخرون وليسوا نحن، ونحن نشبههم، فهم أيضا عندما وصلوا إلى الحكم نسوا كيف ظلمتهم الداخلية وافترت عليهم وبصموا بالعشرة على رواياتها وأقسموا أنها تغيرت وأصبحت في خدمة الشعب، أرجوك لا تخجل عندما ترى كيف نتخذ دماء الضباط الشجعان والجنود الغلابة الذين يسقطون وهم يحاربون الإرهاب والجريمة مادة للتنافس السياسي بيننا، فمثلما كان الإخوان يستخدمونه ضدنا وهم في الحكم، أصبحنا الآن نستخدمه ضدهم، فنحن نشبه بعضنا البعض، ولذلك نكره بعضنا البعض.
للأسف ستطول حربنا مع بعضنا بالسلاح أو بالكراهية، حتى وإن ظن البعض هنا أو هناك أنها حرب قابلة للحسم بقوة السلاح وغشومية القمع أو بغدر الإرهاب وتجارة الدين، ستطول لأن أغلبنا لا يمتلك التفوق الأخلاقي الذي لا تتقدم الأمم إلا عندما تتمتع أغلبيتها به. صدقني سينصلح حالنا عندما تكون الأغلبية بيننا لمن يطلبون الحق للجميع وليس لأنفسهم فقط، أما دون ذلك فالجميع مهزومون حتى وإن خرجوا بالملايين إلى الشوارع يحتفلون بنصر زائف، سبق لغيرهم أن احتفلوا به ثم انهزموا، فالله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، لذلك يا مؤمن ابحث عن العدل تجد النصر إن أردت إليه سبيلا، أو انشغل بعد القتلى وتشيير الفيديوهات وتبرير الوساخات.
(مقتطفات من مقال نشرته في صحيفة الشروق بتاريخ 3 أغسطس 2013)
... عندما يتحدث كثيرون، الآن، عن ضرورة فض الاعتصامات المسلحة بالقوة، أياً كان الثمن لأن الاعتصام السلمي وحده يستحق الحماية، إياك أن تذكرهم بأن الإخوان كانوا يبررون قتل معارضيهم لأنهم لم يعودوا سلميين باستخدامهم للخرطوش والمولوتوف، لا تقل لهم أن سياسة النفس الطويل أفضل من تعقيد الموقف بالعنف الغشيم مع من يتمناه، لو فعلت ذلك سيسحبون منك شهادة الوطنية وصك الثورية، إنس مثلهم أن شيوع وصف أنصار مرسي بالخرفان لم يكن تحقيرا لأشخاصهم، بل لأنهم يسيرون في القطيع من دون تفكير، سِر في القطيع أنت أيضا، واجعل الحق ركوبة إذا كان ذلك في مصلحتك وتجاهله عندما لا يكون في مصلحتك، ولا تخجل فنحن نشبه بعضنا البعض.
... صدقني: نحن نشبه بعضنا كثيرا، عندما نكون في المعارضة نقول أنه لا يمكن أن يتقدم الوطن وبه مؤسسات معصومة من الحساب، وعندما نشارك في الحكم ننسى ما قلناه بدعوى الحفاظ على أمن الوطن، الذي ننسى أنه لن يتقدم شبرا بدون تطبيق إجراءات العدالة الإنتقالية التي هي أرقى من رغبات الإنتقام وأعقد من شعارات القصاص، عندما يكون الفقير في صفنا نتحدث عن الشعب الأصيل الواعي، وعندما يكون في الصف المواجه نرثي للشعب المضحوك عليه بالزيت والسكر، نحب الإعلام المنحاز الزاعق عندما يكون في صفنا فقط، قيمة الإنسان لدينا يحددها مشاركته لنا في الموقف السياسي، لذلك بدلا من اتخاذ موقف ثابت ضد أي إرهاب سواءا كان حكوميا أو إخوانيا فندين أي سفك للدماء ونطالب بمحاسبة المسئولين عنه، نفضل أن "نخش لبعض فيديوهات"، لنتذكر الوساخات السابقة التي صمت عليها الإخوان وبرروها، ليبدو شكلنا أفضل ونحن نصمت على الوساخات الحالية أو نبررها.
عندما تتذكر كيف أصبح الذين افترت الداخلية عليهم بكذبها وقمعها حتى أسابيع مضت يصدقون رواياتها فجأة ويتحدثون أنها تغيرت وأصبحت في خدمة الشعب، أرجوك لا تخجل فالقتلى هذه المرة هم الآخرون وليسوا نحن، ونحن نشبههم، فهم أيضا عندما وصلوا إلى الحكم نسوا كيف ظلمتهم الداخلية وافترت عليهم وبصموا بالعشرة على رواياتها وأقسموا أنها تغيرت وأصبحت في خدمة الشعب، أرجوك لا تخجل عندما ترى كيف نتخذ دماء الضباط الشجعان والجنود الغلابة الذين يسقطون وهم يحاربون الإرهاب والجريمة مادة للتنافس السياسي بيننا، فمثلما كان الإخوان يستخدمونه ضدنا وهم في الحكم، أصبحنا الآن نستخدمه ضدهم، فنحن نشبه بعضنا البعض، ولذلك نكره بعضنا البعض.
للأسف ستطول حربنا مع بعضنا بالسلاح أو بالكراهية، حتى وإن ظن البعض هنا أو هناك أنها حرب قابلة للحسم بقوة السلاح وغشومية القمع أو بغدر الإرهاب وتجارة الدين، ستطول لأن أغلبنا لا يمتلك التفوق الأخلاقي الذي لا تتقدم الأمم إلا عندما تتمتع أغلبيتها به. صدقني سينصلح حالنا عندما تكون الأغلبية بيننا لمن يطلبون الحق للجميع وليس لأنفسهم فقط، أما دون ذلك فالجميع مهزومون حتى وإن خرجوا بالملايين إلى الشوارع يحتفلون بنصر زائف، سبق لغيرهم أن احتفلوا به ثم انهزموا، فالله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، لذلك يا مؤمن ابحث عن العدل تجد النصر إن أردت إليه سبيلا، أو انشغل بعد القتلى وتشيير الفيديوهات وتبرير الوساخات.
(مقتطفات من مقال نشرته في صحيفة الشروق بتاريخ 3 أغسطس 2013)