في ليلة شتوية من العام 2012، خرج السودانيون في تظاهرات عفوية، بعد أن أذاعت القوات المسلحة بياناً أعلنت فيه استعادة السيطرة على مدينة هجليج الغنية بالنفط، والواقعة على الحدود الجنوبية، وذلك بعد أسابيع من احتلالها بواسطة دولة جنوب السودان.
بعد تلك الليلة، بدأ السودانيون يتعرفون على شخصية القائد العسكري الذي قاد عملية التحرير، اللواء كمال عبد المعروف، والذي كان معروفاً قبل ذلك بقوة شخصيته واحترافيته داخل الجيش السوداني، الذي التحق به في العام 1978، متنقلًا بين كثير من الوحدات العسكرية، ودون أن يتوقف تأهليه العسكري والأكاديمي؛ فقد حصل على دبلوم العلوم العسكرية، كما نال بكالوريوس العلوم العسكرية والإدارية من إحدى الجامعات الأردنية.
وإلى جانب ذلك، حصل ابن منطقة المكنية في شمال السودان، على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وزمالة الحرب العليا من الأكاديمية العسكرية العليا، وأيضاً نال دورات كبار القادة الاستراتيجية، ودورة السياسات الأمنية والاستراتيجية من مركز جنيف للسلام، قبل أن يحصل على درجة ماجستير أخرى من جامعة الزعيم الأزهري في الدراسات الاستراتيجية، ثم درجة الدكتوراه من جامعة كرري في مجال إدارة الأعمال.
وابتُعث اللواء كمال عبد المعروف، في فترة من الفترات، للعمل ملحقاً عسكرياً بسفارة السودان في بكين، وملحقاً عسكرياً غير مقيم بكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية وفيتنام، ثم عمل بعدها مديراً لإدارة العلاقات الدولية بوزارة الدفاع، قبل أن يعين قائداً للكلية الحربية السودانية، وهي الكلية التي خرجت الغالبية العظمى من ضباط الجيش السوداني.
وحينما دخلت قوات الجيش الشعبي الموالية لدولة جنوب السودان، كان اللواء كمال عبد المعروف قائداً للكلية الحربية، وسرعان ما نقل منها قائداً للفرقة 14 في هجليج، ليضع بنفسه خطة التحرير، ويشرف على التنفيذ، ويشارك فيها بنفسه، ومعه القائد الثاني، العميد محمد إبراهيم، المعروف بـ(ود إبراهيم)، لذا حينما اتهم (ود إبراهيم) بقيادة محاولة انقلابية في العام 2013، سرعان ما نقلت وسائل إعلامية عديدة، أن كمال عبد المعروف كان ضمن الضباط المشاركين في المحاولة، وخاصة أن معظم الضباط فيها كانوا ممن قادهم عبد المعروف في عملية تحرير هجليج، لكن سرعان ما تم نفي المعلومة.
خلال السنوات التالية، تدرج عبد المعروف في المناصب القيادية، من مسؤول شؤون الضباط، إلى نائب رئيس هيئة أركان العمليات، ثم قائد هيئة أركان القوات البرية، ثم مفتش عام للقوات المسلحة. واليوم، الثلاثاء، رُقّي من رتبة الفريق إلى الفريق أول، وعين في المنصب الأول في الجيش السوداني.
يقول ضابط متقاعد في القوات المسلحة لـ"العربي الجديد"، إن الفريق أول كمال عبد المعروف، الذي قضى نحو أربعين عامًا في القوات المسلحة، وصل لمنصبه اليوم، "نتيجة لتأهيله العسكري، وانضباطه الصارم، وإيمانه المطلق بالولاء للقوات المسلحة، دون كثير من الولاءات"، متوقعاً أن يحدث عبد المعروف نقلات واسعة في الجيش السوداني.