تحب أن ترتدي ملابس صيفية. تربط شعرها لتفلت منه بعض الخصلات. كان لديها الجرأة لتجعل لونه رمادياً. تستلقي في ممر ضيق يؤدي إلى غرفتها، وتحدق في ليراتها الفضية من دون سبب. فجأة، تشعر أن حرارة جسمها ترتفع. ليست مريضة. إنها على الأرجح الجوارب الصوفية التي ترتديها في هذا اليوم الدافئ. تدرك أنه أمر غريب، لكنها مع ذلك لا تخلعها. كأنها كانت تخشى شيئاً ما.
تضعُ كأساً شفافاً في "المكروويف". تتأمله يدور ويدور ويعود إلى النقطة ذاتها، كما حبيبها. تتذكر أن هذه المرة كانت الأطول على الاطلاق، وقد عانت كثيراً. بعد ثلاثة أشهر، تمكن من أخذ إجازة من عمله خارج المحافظة ليراها. ربما سيكملان حياتهما معاً. في بداية العام المقبل، سيتقدم لخطبتها، وبعد عام آخر سيتزوجان. يملك بيتاً لحسن الحظ، وأمّه تحبها.
بخار النعنع المغلي يرسم أشكالاً على زجاج "المكروويف". تقطع ليمونة وتعصرها في الكأس الدافئ كأنها تخفف بذلك من أوجاعها. ترتشف قليلاً منه وتأخذه معها إلى السرير محاولة النوم. تستنجد بكمية من الأغطية خشية أن تصاب بنوبة برد. تكتئب. تكشف عن بطنها وتقرصه. في هذه الأيام، يحبس جسمها المياه. لكنها تعود وتحضنه بكلتا يديها كأنه طفل رضيع يحتاج إلى قليل من العناق ليتوقف عن البكاء.
كانت قد استفاقت على أغنية فيروز "جاءت معذبتي.. في غيهب الغسق" لتذكرها بأبشع أيام الشهر، حين تبكي وتضحك وتغضب من دون سبب.
في تلك اللحظات، لا تحتاج أكثر من رجل يشعر بها ويحدّثها عن أنوثتها المفقودة. رجلٌ يحتضن قدميها. تتّخذ أوضاعاً مختلفة أثناء محاولتها تخفيف آلامها. ترقدُ على أحد جانبيها وتطوي ركبتيها، كما يفعل الجنين في رحم أمه. تارةً تنام على بطنها. لا تهدأ أوجاعها. تتريّث قليلاً قبل أن تنام على ظهرها وترفع ساقيها على وسادة. ثم، ترفعهما نحو صدرها وتحضنهما. بعد قليل، تحاول النوم وقد اتخذت شكل الركوع أثناء الصلاة.
تتخيل أن آلام النساء الدورية كفيلة بغفران ذنوبهن جميعاً، وإدخالهن الجنة دون حساب. كأن القدر ميزهن لترأف دورتهن الشهرية بحالهن.
تستيقظ حنين بعد 16 ساعة من النوم على صوت المطر يضرب زجاج نافذتها. تبدو آثار الكحل الأسود واضحة حول عينيها. تنظر حولها، لتجد كوبين من النعنع المغلي، وكيس مياه دافئاً إلى جانب وسادتها، وعلبة فوط صحية، ودواء، ومياها. تنظر إلى نهديها وتبتسم. تسحب هاتفها من تحت الوسادة، وقد وجدت رسالة منه أخيراً. تبكي وتعود إلى النوم.