هجمة كورونا المستمرة، وتزايد الإصابات والوفيات حول العالم يحتمان الالتفات إلى الدول الأفقر في معركتها مع الوباء، وهو ما تعمل الأمم المتحدة عليه
بينما اقترب عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد حول العالم من 14 مليوناً، ارتفعت نسبة الشفاء بينهم إلى نحو 56 في المائة. لكنّ المعركة ضدّ الوباء العالمي تتفاوت بين بلد وآخر بحسب الإمكانات الطبية والوقائية، وما يندرج في إطارهما من فحوص وعلاج وعزل صحي وحجر منزلي وتباعد اجتماعي وغيرها من تدابير.
على هذا الأساس، تسعى الأمم المتحدة لجمع 3.6 مليارات دولار أميركية إضافية لتمويل خطتها للاستجابة الإنسانية العالمية في مواجهة الفيروس. وقد حذرت الهيئة الدولية جميع الدول المتقدمة من "كلفة التقاعس" حيال الفيروس في الدول الفقيرة. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك: "هناك خطر كبير من حصول عدة مجاعات في نهاية هذا العام وبداية العام المقبل. يجب أن نعمل الآن لمنع وقوع ذلك".
وإلى جانب الصومال وجنوب السودان ونيجيريا (أفريقيا) واليمن (آسيا) التي تعاني أصلاً من نقص التغذية، أعرب لوكوك عن قلقه بشأن السودان وزيمبابوي (أفريقيا) وهايتي (أميركا الوسطى) أيضاً. وبالإضافة إلى مكافحة انعدام الأمن الغذائي الذي تفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء، فإنّ الأموال ستسمح بشراء المعدات الطبية لفحص المرضى ومعالجتهم وإجراء حملات إعلامية وإنشاء جسور جوية إنسانية مع أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وأعرب مارك لوكوك عن أسفه إذ إنّه "حتى الآن، كان رد فعل الدول الغنية على الوضع في الدول الأخرى غير كافٍ"، لافتاً إلى أنّه "يمكن معالجة المشاكل الهائلة التي يواجهها العالم بقليل من المال نسبياً والكثير من الخيال". وهذا هو ثالث نداء لجمع التبرعات توجهه الأمم المتحدة منذ إطلاق خطتها في 25 مارس/ آذار الماضي. وكانت الأمم المتحدة تسعى آنذاك للحصول على ملياري دولار أُضيفت إليها في أوائل مايو/ أيار الماضي 4.7 مليارات دولار. ومع الطلب الجديد يرتفع إجمالي المبلغ المطلوب من الأمم المتحدة إلى 10.3 مليارات دولار، لم تتمكن من جمع أكثر من 1.7 مليار دولار فقط منه.
على صعيد الوباء نفسه، شهدت السويد تزايداً حاداً في حجم الإصابات، إذ وصلت إلى نحو 77 ألفاً، فيما الوفيات وصلت إلى نحو 5600. وبالرغم من فرض الحجر المنزلي في مدينة ملبورن الأسترالية، بولاية فيكتوريا، فقد استمر عدد الإصابات في الارتفاع، وسجّلت ثاني كبرى المدن الأسترالية، في آخر حصيلة يومية أكثر من 400 إصابة جديدة. وبينما تجاوزت الهند مليون إصابة والبرازيل مليوني إصابة، طلبت عاصمة إقليم كاتالونيا الإسباني، برشلونة، من السكان البقاء في منازلهم، والإحجام عن التجمعات التي تزيد عن عشرة أشخاص لمكافحة انتشار الفيروس. لكنّ الحكومة المحلية لم تصل إلى حدّ فرض إجراءات عزل عام إلزامية في ثاني أكبر مدن إسبانيا، وقالت إنّ الإجراءات التي طلبتها من السكان تهدف لتجنب اللجوء لذلك.
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إنّ الحياة لن تعود إلى طبيعتها قبل نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، على أحسن تقدير، وحذر من أنّ الملاهي الليلية ومناطق لعب الأطفال يجب أن تظل مغلقة، وأن تبقى حفلات الزواج محدودة. وأضاف جونسون أنّ السلطات ستسمح ابتداء من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل للجماهير بحضور الفعاليات الرياضية. لكنّه قال إنّ الحكومة ستبحث العودة للحياة الطبيعية بشكل أكبر ابتداء من نوفمبر. وأوضح أنّ السلطات المحلية ستكون لها صلاحيات أكبر في فرض إجراءات العزل العام ابتداء من يوم غدٍ السبت، مشيراً إلى أنّ "هذه الصلاحيات ستمكّن السلطات المحلية من التحرك بشكل أسرع للتصدي لحالات التفشي حيث تكون للسرعة أهمية بالغة".
من جهته، ومع استمرار تسجيل إصابات كبيرة جداً في الولايات المتحدة، ناشد خبير الأمراض المعدية البارز الدكتور أنطوني فاوتشي، الفئات الأصغر سناً الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، والإجراءات الأخرى الرامية للحدّ من انتشار الفيروس. وقال: "أرجوكم... تحملوا المسؤولية المجتمعية وكونوا جزءاً من الحلّ لا المشكلة". وارتفعت الإصابات الجديدة في الولايات المتحدة إلى أكثر من 75 ألف إصابة يومياً مقارنة بما يقلّ عن 20 ألف إصابة يومية في مايو/ أيار الماضي. وقال فاوتشي إنّ متوسط عمر المصابين انخفض بنحو 15 سنة إذ باتت فئات أصغر سناً تصاب بالعدوى.