طالب الائتلاف الوطني السوري المعارض المؤسسات الدولية والمنظمات الصحية بزيادة الاهتمام بالشمال السوري، وذلك بعد تسجيل محافظة إدلب الإصابة الأولى بفيروس كورونا، مساء أمس الخميس، فيما تسود حال من الخوف في مناطق الشمال خشية تفشي الوباء في المنطقة المكتظة وخاصة في المخيمات، في ظل تدهور وضع المنشآت الصحية التي خرج معظمها عن الخدمة نتيجة قصف قوات النظام وروسيا.
ودعا الائتلاف في بيانٍ نشره على موقعه الرسمي المؤسسات الدولية إلى دعم الشمال السوري "بما يلزم لمنع أي فرصة لانتشار فيروس كورونا، مع ضمان وصول المساعدات اللازمة". وحث البيان المواطنين بالالتزام بتوصيات وزارة الصحة والجهات الطبية في ما يتعلق بالتباعد الاجتماعي وإجراءات السلامة وتجنب اللقاءات والتجمعات.
وأكد الائتلاف أن وزارة الصحة تتابع الحالات جميعها التي يشتبه في علاقتها بالفيروس، و"سيتم الإفصاح بمنتهى الشفافية عن الحالات الإيجابية في حال ظهور المزيد منها".
وكانت محافظة إدلب قد سجّلت مساء الخميس، الإصابة الأولى بالفيروس لأحد الطواقم الطبية العاملة في مستشفى باب الهوى، حيث أغلقت المستشفى وعملت على تتبع الحالات المخالطة.
وذكر الائتلاف، أن المصاب طبيب سوري مقيم في تركيا ويعمل في مجال الرعاية الطبية في الداخل السوري، ويدخل بشكل متكرر إلى سورية بسبب طبيعة عمله، وقد اتخذ الإجراءات اللازمة فور ظهور الأعراض عليه، كما تمت متابعة أوضاع عائلته، والأشخاص الذين اختلط بهم للتحقق من حالتهم الصحية.
وعقب الإعلان عن الإصابة، انتشر الخوف بين أهالي المحافظة، بسبب صعوبة السيطرة على هذا الفيروس حال انتشاره، ولا سيما أن إدلب تعاني من كثافة سكانية كبيرة وضعف في القطاع الصحي.
سجّلت المحافظة الإصابة الأولى لأحد الأطباء في مستشفى باب الهوى، مما أدى إلى إغلاق المستشفى وانتشار حال من الخوف
وقد باشرت الجهات المعنية في المحافظة في اتخاذ إجراءات عدة لتوعية الأهالي بمخاطر الفيروس وكيفية الوقاية منها. وحسب رئيس مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ، علي كده، فإن الحكومة، اجتمعت مساء الخميس، وتم التوافق على اتخاذ "إجراءات احترازية لحماية أهلنا في المناطق المحررة، وندعو المنظمات الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية للمشاركة في تحمّل مسؤوليتها أمام التجمع البشري الكبير في الشمال المحرر، والذي يهدد المنطقة كاملة ولن يقتصر على الشمال".
بدوره، قال وزير الإدارة المحلية والخدمات في حكومة الإنقاذ، قتيبة الخلف "سنعمل على التخفيف من التجمعات في الأسواق الشعبية وغيرها بما يضمن سلامة أهلنا قدر المستطاع، وسنوجه العاملين في المؤسسات لاتخاذ التدابير الوقائية اللازمة".
وفي إطار هذه الإجراءات، أوقفت مديرية صحة إدلب الحرة العمليات الباردة والعيادات الخارجية في جميع المشافي والمراكز الصحية بالمحافظة لمدة أسبوع اعتباراً من اليوم الجمعة. وقالت في بيان لها إن عملية الإغلاق قابلة للتمديد حسب تطور الحالة الناتجة عن الإصابة الأولى، وحثت المواطنين على الالتزام الكامل بمعايير الوقاية وعدم مراجعة المنشآت الطبية إلا في حالات الضرورة القصوى.
تعاني المحافظة من كثافة عالية في السكان بسبب عمليات التهجير، وضعف في القطاع الصحي بعد عمليات القصف
وقال وزير الاقتصاد والموارد في "حكومة الإنقاذ" باسل عبد العزيز، إنه طُلب من جميع الأفران والمخابز في المناطق المحررة التشديد على التعقيم وارتداء الكمامات والقفازات أثناء صناعة الخبز وتوزيعه وتعقيم الأفران بشكل دوري، فيما أعلن وزير الأوقاف، إبراهيم شاشو، أنهم سيوجهون القائمين على المساجد للقيام بالإجراءات الوقائية اللازمة، من تعقيم للمساجد وتقصير فترة الخطبة قدر المستطاع والتخفيف من التجمعات قبل الصلاة وبعدها والتباعد في الصلاة ولبس الكمامات.
بدوره، قال وزير التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ، عادل حديدي إن وزارته ستزيد من الإجراءات الاحترازية كتعقيم المراكز والقاعات الامتحانية، وإلزام الطلاب والمراقبين بارتداء الكمامات، ومنع التجمعات أمام المراكز وتعقيمها، إضافة إلى إيقاف الدوام الصيفي في المدارس، وانتهاج التعليم عن بعد. وكانت الوزارة قد أعلنت في بيان لها اليوم الجمعة، استمرار تقديم الطلبة لامتحاناتهم العلمية مع مراعاة الإجراءات الوقائية.
من جهتها، حثّت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمالي إدلب، المسافرين والمراجعين على ضرورة التقيد التام بإجراءات الوقاية. وشددت في بيان لها، على ضرورة ارتداء جميع الأهالي للكمامات الطبية والحرص على نظافة اليدين وتعقيمهما. كما أوصت إدارة المعبر، بالحفاظ على مسافة آمنة لا تقل عن متر ونصف عن الآخرين، وتجنب المصافحة والسلام بالأيدي أو الاحتكاك مع الآخرين.
ويعاني القطاع الصحي في مناطق الشمال السوري، وخاصةً إدلب من تدني مستوى الخدمات، بسبب قصف النظام وشح الدعم، ما يضعه أمام تحدٍ كبير في حال تفشى الفيروس بالمنطقة. وكانت منظمة الصحة العالمية قد وعدت بتزويد القطاع الصحي في إدلب ومناطق الشمال السوري بالمعدات اللازمة لمواجهة الفيروس.
يذكر أن النظام السوري أعلن حتى اليوم، عن تسجيل 372 إصابة توفي منها 14 في مناطق سيطرته، بينما سجلت المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية إصابتين توفيت منهما واحدة. وشككت منظمة الصحة العالمية بالأرقام الرسمية التي يعلنها النظام عن كورونا، وقال ريتشارد برينان مدير عمليات الطوارئ في المنظمة، إن الأرقام الرسمية للإصابات بكورونا في سورية أقل بكثير على الأرجح من الأعداد الحقيقية، وهذا ليس مقتصراً على سورية وحدها.