تفرض الكويت إجراءات صارمة للحد من انتشار فيروس كورونا في ظل عدد الإصابات الكبير. وعلى الرغم من فرض حظر التجول، يتجمع مواطنون في الدواوين وغيرها
تعيش الكويت في ظلّ حظر تجوال صارم تفرضه السلطات الصحيّة في البلاد بعد انتشار فيروس كورونا وارتفاع معدل الإصابات إلى أكثر من ألف إصابة يومياً، ما يسبّب ضغطاً كبيراً على القطاع الصحي في البلاد. ويفترض أن ينتهي حظر التجول الكلي في الثلاثين من شهر مايو/ أيار الجاري. إلا أنه قابل للتمديد كما يقول وزير الصحة الكويتي باسل الصباح.
ولم تتناقص معدّلات الإصابة بالفيروس خلال هذا الأسبوع، كما لم يلتزم المواطنون بالبقاء في منازلهم والتوقف عن زيارة الدواوين والتجمعات العائلية داخل البيوت، والتي تعدّ مصدراً خطيراً للإصابة بالفيروس.
وتنتشر فرق الشرطة والجيش والحرس الوطني عند مداخل ومخارج المناطق، فيما يشكل الدفاع المدني فرقاً تطوعية لتنظيم عملية الدخول إلى الجمعيات التعاونية والتي يسمح بدخولها بعد حجز موعد عبر الإنترنت. واللافت هو تشكيل وزارة الداخلية فريقاً أمنياً خاصاً لضبط التجمعات في الدواوين (وهي ملاحق متصلة بالبيت يتجمع فيها الرجال) وتحويلهم إلى المحاكمة.
وداهمت الشرطة عدداً من الدواوين التي كان يتجمع فيها سكان المنطقة لتناول الفطور أو السحور خلال شهر رمضان. ويستغلّ البعض التصاريح الأمنية التي تخولهم التنقل بين محافظات ومناطق البلاد بسبب طبيعة عملهم لزيارة أقربائهم أو أصدقائهم، فيما يتنقل البعض الآخر سيراً على الأقدام بين البيوت للوصول إلى الديوانية والاجتماعات كاسرين بذلك حظر التجول الكلي.
وداهمت المباحث الجنائية اجتماعاً عائلياً داخل أحد المنازل في منطقة الظهر جنوب الكويت، واعتقلت تسعة أشخاص من عائلة واحدة تجمعوا لتناول وجبة الطعام وصوروا مقطع فيديو وهم يتباهون بكسر حظر التجول والقرار الوزاري رقم 64 لعام 2020، والذي يمنع التجمعات وإقامة الولائم، ونشروه على وسائل التواصل الاجتماعي. وتقوم وزارة الداخلية بتتبع كافة الفيديوهات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي وتلقي الشكاوى والتبليغات الأمنية في حال قيام أي شخص بنشر فيديو داخل ديوانية أو تجمع مع أشخاص من غير سكان المنزل، ما جعل الكثير من المشاهير يحجمون عن تصوير يومياتهم الكاملة خوفاً من مساءلتهم قانونياً.
وطالب مدير العلاقات العامة والإعلام الأمني في وزارة الداخلية العميد توحيد الكندري، المواطنين الإبلاغ عن أي تجمع يشاهدونه في الدواوين أو في المنازل، محذّراً الجميع من إقامة الولائم أو الأعراس أو العزاء.
ويمثّل قدوم عيد الفطر تحدياً كبيراً للسلطات الكويتية، إذ ستراقب الشرطة كافة الشوارع والأحياء وتتأكد من عدم وجود تجمعات كبيرة للمعايدة. ويقول مصدر طبي في وزارة الصحة لـ "العربي الجديد": "أيام العيد ستكون التحدي الحقيقي للسلطات الأمنية في فرض حظر التجول بقوة".
من جهته، يقول الشرطي في محافظة الجهراء أحمد العنزي لـ "العربي الجديد" إنّ أفراد الدوريات والشرطة يتجولون بين الشوارع الفرعية. وإذا لاحظوا تجمعاً داخل ديوانية ما، فإنهم يسألون صاحب المكان عن الأشخاص الموجودين، وإذا كانوا في المنزل أم لا". يضيف أن "غالبية الذين يتجمعون لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، ولا يستوعبون خطورة الوضع الصحي في البلاد. وكل شرطي أو فرقة أمنية تتعامل مع هؤلاء بحسب أساليبها. البعض يطبق عليه القانون كاملاً، فيما يقوم آخرون بأخذ تعهدات منهم. ويفضّل آخرون تقديم نصائح لهم وفض التجمعات من دون إجراءات قانونية".
إلا أن حملات وزارة الداخلية التفتيشية لم تقتصر على المنازل والأحياء السكنية فحسب، بل امتدت إلى الشاليهات والمنازل الصيفية، إذ حجزت بعض العائلات والمجموعات الشبابية شاليهات تقع في مدينة صباح الأحمد البحرية لقضاء فترة حظر التجول الكلي فيها، ما يعد مخالفة قانونية تستلزم العقوبة بحسب وزارة الداخلية.
واعتقلت الشرطة خالد العثمان وهو يلعب الرياضة أمام المساحة المخصصة لشاليه عائلته، لكنها أفرجت عنه بعد تأكدها من أن الموجودين هم من أفراد عائلته فقط.
ويقول العثمان لـ "العربي الجديد": "أثناء التحقيق معي رأيت عدداً من الموقوفين من صغار السن الذين سيتم تحويلهم إلى سجن الأحداث بسبب تجمعهم داخل أحد الشاليهات ولعبهم كرة القدم. يبدو أن الداخلية لا تتهاون في أمور مثل هذه".
في هذا السياق، يشرح الخبير القانوني والمحامي حسين الشمري لـ "العربي الجديد" آليات العقوبات المفروضة على المتجمعين في الديوانيات، ويقول إن السلطات تملك خيارين لمعاقبة زائري الديوانية إضافة إلى صاحب المكان أو المنزل. الخيار الأول هو معاقبتهم بحسب قانون رقم 8 لعام 1969 الخاص بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية وتعديلاته، إذ يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ديناراً (ما يعادل 160 دولاراً أميركياً)، ولا تتجاوز 200 دينار (ما يعادل 646 دولاراً أميركياً) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما يمكن معاقبة زوار المكان الذين لا يملكون تصريحاً أمنياً بالخروج وفق قانون الدفاع المدني. وتنص المادة الـ 15 من القانون الذي يحمل رقم 21 لعام 1978 على تجريم كل من يكسر قرارات حظر التجول بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة سنوات وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف دينار كويتي (ما يعادل 32 ألف دولار أميركي).
لكن الشمري دعا أفراد الشرطة إلى تطبيق روحية القانون، وتوعية الناس بدلاً من زجهم في السجون، خصوصاً فيما يتعلق بالتجمعات العائلية أو الدواوين التي تضم سكان الحي فقط. ويقول: "لا ينبغي أن تسود روح الانتقام القانون، لا سيما إذا علمنا أن الوعي الشعبي متدنٍ جداً في هذه المسألة، الأحوط هو أخذ تعهدات عليهم وإرجاعهم لمنازلهم، وهو ما حدث مرات عدة بحسب ما وصل لي وما اطلعت عليه".