وقالت مصادر من أوبك وخارجها إن بوتين وولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني تدخلوا في لحظات حاسمة قبيل اجتماع المنظمة يوم الأربعاء.
وكان دور بوتين في الوساطة بين الرياض وطهران بالغ الأهمية، إذ أبرز تنامي نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط منذ تدخلها العسكري في الأزمة السورية قبل نحو عام.
وبدأ الأمر حينما اجتمع الرئيس الروسي مع الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر/أيلول الماضي على هامش اجتماع قمة "مجموعة العشرين" في الصين.
واتفق الجانبان على التعاون لمساعدة أسواق النفط العالمية على تصريف تخمة المعروض التي دفعت أسعار الخام للهبوط إلى أقل من النصف منذ 2014، وهو ما أثر سلباً على إيرادات حكومتي روسيا والسعودية.
وارتفعت أسعار النفط 10% هذا الأسبوع، متجاوزة 53 دولاراً للبرميل.
وكانت المتاعب المالية أبرز العوامل التي جعلت الاتفاق أمراً ممكناً على الرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين موسكو والرياض حول سورية.
وقال مصدر في قطاع الطاقة الروسي مطلع على المحادثات إن "بوتين يريد الاتفاق. هذا كل ما في الأمر. وسيتعين على الشركات الروسية أن تخفض الإنتاج".
وفي سبتمبر/أيلول، اتفقت أوبك مبدئياً في اجتماع بالجزائر على خفض الإنتاج للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في 2008. لكن تنفيذ هذا الاتفاق لا يزال في حاجة إلى جهود دبلوماسية كثيرة.
وأخفقت اجتماعات أوبك في الآونة الأخيرة نظراً للجدل بين السعودية القائد الفعلي للمنظمة وإيران ثالث أكبر منتج للنفط في التكتل.
ولطالما قالت طهران إن أوبك لا يحق لها أن تمنعها من استعادة مستويات الإنتاج التي فقدتها خلال سنوات العقوبات الغربية.
وتسببت حروب بالوكالة في سورية واليمن في تأجيج التوترات المستمرة منذ عقود بين السعودية وإيران.
مع اقتراب موعد الاجتماع، لم تكن المؤشرات مبشرة بالخير. فأسواق النفط اتجهت صوب الهبوط والأمير محمد بن سلمان طالب إيران مراراً بالمشاركة في خفض الإمدادات، ودخل مفاوضو السعودية وإيران في أوبك في دائرة مفرغة من الجدل قبيل الاجتماع.
وقبل أيام قليلة من الاجتماع، بدت الرياض بعيدة عن إبرام اتفاق، وهددت بزيادة الإنتاج إذا لم تشارك إيران في الخفض.
لكن بوتين أدرك أن السعودية ستتحمل نصيب الأسد في الخفض طالما أن الرياض لن ينظر إليها وكأنها تقدم تنازلاً كبيراً لإيران، وأن الاتفاق ممكن طالما لا تحتفل طهران بالانتصار على المملكة.
وساهمت مكالمة هاتفية بين بوتين وروحاني في تمهيد الطريق. وبعد المكالمة ذهب روحاني ووزير النفط الإيراني، بيغن زنغنه، إلى المرشد الأعلى للحصول على موافقته، وفق مصدر مقرب من خامنئي.
وأضاف المصدر أنه "خلال الاجتماع، أوضح خامنئي أهمية التمسك بخط إيران الأحمر، وهو عدم الرضوخ لضغوط سياسية وعدم القبول بأي خفض في فيينا. قدم زنغنه بدقة استراتيجيته، وحصل على موافقة المرشد. تم الاتفاق أيضاً على أن حشد الدعم السياسي أمر مهم، وخصوصاً مع بوتين".
ووافقت السعودية، أول من أمس الأربعاء، على خفض كبير في الإنتاج لتتحمل "عبئاً ثقيلاً" على حد قول وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، بينما جرى السماح لإيران بزيادة طفيفة في إنتاجها.
وقال مندوبون في أوبك إن زنغنه حرص على ألا يخطف الأضواء في الاجتماع، حيث وافق بالفعل على الاتفاق مساء الثلاثاء بوساطة من الجزائر دون إحداث ضجيج.
وبعد الاجتماع، تفادى زنغنه الإدلاء بأي تعليق يستشف منه إحراز نصر على الرياض.
وقال للتلفزيون الحكومي الإيراني، "لقد كنا حازمين. لعبت المكالمة بين روحاني وبوتين دوراً رئيسياً... بعد المكالمة أيدت روسيا الخفض".
العراق.. عقبة اللحظة الأخيرة
غير أن أوبك لن تكون هي دون أن تشهد خلافاً في اللحظة الأخيرة يعرقل الاتفاق. وهذه المرة كان العراق.
فمع إجراء المحادثات الوزارية أصر العراق، ثاني أكبر منتج في المنظمة، على أنه لا يستطيع تحمل خفض الإنتاج نظراً لتكلفة الحرب التي يخوضها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
لكن مع الضغوط التي مارستها بقية الدول الأعضاء في المنظمة، التقط وزير النفط العراقي، جبار علي اللعيبي، سماعة الهاتف أمام نظرائه ليحادث رئيس وزرائه، حيدر العبادي.
وقال مصدر في أوبك إن العبادي أبلغ اللعيبي بأن يوافق على الاتفاق.
(رويترز)