كيف ستسيطر الكويت على عجز الموازنة؟

13 يوليو 2015
المستثمرون يتخوفون من استمرار العجز (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
دق وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، ناقوس الخطر بعد تأكيده أن السياسة المالية المتبعة في الكويت تحتاج إلى إعادة نظر بعد تسجيل عجز أسرع من التوقعات في نهاية السنة المالية 2014/2015 في أبريل/نيسان الماضي بنحو 2.31 مليار دينار، أي ما يعادل 7.6 مليارات دولار للمرة الأولى منذ عام 2000.

وقال الصالح، إن العجز المحقق حصل نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار النفط بنحو 48%، خلال النصف الأول من العام الماضي، إذ بات سعر برميل النفط قريباً أو معادلاً سعرَ التعادل الذي تفترضه الميزانية السنوية للدولة. ومتوقعاً أن يصل العجز في نهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في أبريل/نيسان 2016 إلى ما بين 3.5 أو 4.5 مليارات دينار، أي ما يعادل 15 مليار دولار.

وأثارت الأرقام التي أعلنها الوزير الصالح، خوف المستثمرين ورجال الاقتصاد في الدولة، خصوصاً وأن السنوات الماضية شهدت تحقيق الدولة فوائض لم تقل عن 16 مليار دولار سنوياً... فكيف ستخرج الكويت من مشكلتها؟

اقرأ أيضا: الكويت تخفض تكاليف إنشاء الشركات

أوضح الخبير الاقتصادي، أحمد الدويسان، أن الكويت دخلت، الآن، في مرحلة جديدة بعد تسجيل العجز قبل نحو سنتين من التوقعات. وبيّن أن الفترة المقبلة ستشهد اتخاذ العديد من الخيارات لترشيد الإنفاق، ومنها تخفيض حجم التوظيف في الدولة، إذ إن الحكومة الكويتية وديوان الخدمة المدنية يوظفان سنوياً نحو 20 إلى 30 ألف مواطن في الإدارات العامة والهيئات الحكومية، مما يؤدي إلى زيادة الرواتب والنفقات من 10 إلى 20 % سنوياً. ولفت إلى أن الحكومة الكويتية تعد، اليوم، أكبر حكومة من حيث عدد الموظفين فيها، إذ يصل إلى نصف مليون موظف، أي أن 50% من الموظفين حكوميون، والنصف الآخر ينتظر دوره للدخول إلى ملاك الوظيفة العامة. وقال الدويسان في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إن العجز والذي يتوقع أن يصل إلى 15 مليار دولار في نهاية أبريل/نيسان 2016، سيجعل الحكومة مجبرة نوعاً ما على تأخير تنفيذ بعض المشاريع الحيوية.

ومن جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي، إبراهيم الصالح، إن سبل تمويل العجز في الكويت عديدة، ومنها الاقتراض من صندوق الأجيال المقبلة، الذي كانت تحول إليه الدولة 10 إلى 25% من فائضها السنوي، فضلاً عن التخارج من بعض الاستثمارات التي تملكها في السوق المحلية وفي الخارج، والتي يمكن أن توفر عوائد تصل إلى 13% من قيمة الاستثمارات، ما يساعدها على الوقوف على رجلها مرة أخرى. وشرح أن التوقعات تشير إلى أن سعر النفط لن يعود إلى مستوياته المرتفعة، خلال فترة قريبة، بالتوزاي مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية والذي يمكن أن يؤدي إلى تخفيض تصدير المنتجات النفطية إلى الخارج، أو انخفاض الأسعار أكثر مما هي عليه الآن.

ورأى أن بعض الأساليب الممكنة أيضاً، زيادة الحصص في بعض الشركات المدرجة في البورصة الكويتية، خصوصاً ذات القيمة السوقية العالية، ما قد يوفر إيرادات كبيرة وعوائد عالية في نهاية العام. ولفت إلى أن البورصة الكويتية تعد الأكثر تأثراً بالعجز الذي تحقق قبل موعده بفترة طويلة، مما أدى إلى انخفاض السيولة المتداولة، وعدم ضخ كميات كبيرة من الأموال في شراء الأسهم، بانتظار نهاية فصل الصيف، وإعلان الشركات نتائج النصف الأول من العام الحالي والتي قد تعكس مجريات الأمور للفترة المتبقية من العام الحالي والعام المقبل.

وأضاف الصالح في تصريح لـ "العربي الجديد" أنه من الممكن على الحكومة زيادة الأسعار التي تتقاضاها لقاء تقديم بعض الخدمات، خصوصاً بالنسبة للوافدين، من حيث رفع سعر الحصول على تأشيرات الزيارة السياحية، وزيادة بدل تجديد الإقامة في الدولة، وفرض رسوم على التحويلات المالية التي تشكل 6.9 % من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الكويت وتبلغ نحو 15 مليار دولار سنوياً تقريباً.

اقرأ أيضا: المصارف الكويتية تتخطى الأزمة

وذكر الصالح أنه يمكن للحكومة الكويتية، أيضاً، الاستفادة من المشاريع التي تقام من القطاع الخاص في جميع المناطق، من حيث فرض اقتطاع نسبة من الأرباح. وبيّن أنه من شأن الإيرادات الحفاظ على الأموال الموجودة في صندوق الأجيال المقبلة والتي تقدر بالمليارات والتي تهدف إلى تحقيق متطلبات الأجيال المقبلة من الشعب الكويتي.

وفي سياق آخر، قال الخبير الاقتصادي، علي العنزي، إن إمكانيات سد العجز في الكويت ممكنة عبر رفع عدد الشركات العاملة في السوق المحلية، وهو ما باشرت به من خلال تخفيض الحد الأدنى لرأسمال الشركات، بالإضافة إلى تسريع إجراءات افتتاح فروع للشركات الأجنبية في السوق من خلال قانون الاستثمار الأجنبي. ولفت إلى أن العام الحالي شهد افتتاح فرعين لشركتي "هواوي" و"آي بي إم" في مجال التكنولوجيا واللتين ستعملان على إنفاق نحو مليار دولار تقريباً على تنفيذ وتحسين قطاع الاتصالات في الفترة المقبلة.
دلالات