من أجل بارسا جيد لا أكثر ولا أقل..3 خطط في عقل فالفيردي

03 أكتوبر 2017
فالفيردي مدرب مرن إلى حد كبير (Getty)
+ الخط -
حقق برشلونة الفوز في أكثر من مباراة، بعد تعرضه للخسارة أمام ريال مدريد في مواجهتي السوبر الإسباني مطلع الموسم. ونجح إرنستو فالفيردي في العبور بفريقه إلى منطقة آمنة، ليمتص غضب الجماهير ويحصل على ثقة لاعبيه سريعاً. ورغم الانتصارات المتتالية للبلاوغرانا، إلا أن المستوى العام للفريق كان سيئاً إلى حد كبير، خصوصاً أمام خيتافي وجيرونا بالليغا، وسبورتينغ لشبونة ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا.

العلامة الكاملة
توجد مشاكل كبيرة في أكثر من مكان داخل الملعب، إلا أن المتابع الجيد لبرشلونة يدرك فوراً تحسن أداء المجموعة دفاعياً، وضبط المدرب الجديد لبوصلة التحولات من الهجوم إلى الدفاع بالأخص، وذلك لتمركز اللاعبين بشكل مثالي من دون الكرة. فالبارسا يلعب بثلاثي خلفي في معظم الأحيان عند الاستحواذ، بتقدم ألبا إلى نصف ملعب الخصم، وثبات سيميدو الظهير البرتغالي على اليمين، مع صعوده بحساب من هجمة لأخرى، مما يعني وجود سيميدو وبيكيه وأومتيتي أمام مرمى تير شتيغن، لمواجهة المرتدات السريعة في حالة قطع الهجمة.

يعود بوسكيتس أيضاً بين قلبي الدفاع، لإضافة خيارات جديدة أمام حارس المرمى من أجل التمرير، مع تحول راكيتيتش إلى العمق وكأنه لاعب ارتكاز إضافي بجوار سيرجيو، أي أن الفريق يدافع بخمسة لاعبين دفعة واحدة، ليغلق الطرف الأيمن بظهير حقيقي، مع ميل بوسكيتس إلى اليسار في حالة تقدم ألبا، ووجود بيكيه وأومتيتي بالعمق وأمامهما راكيتيتش، حتى لا يتعرض الفريق لهزة عنيفة كتلك التي ضربته في ذهاب السوبر الإسباني أمام ريال مدريد، حينما سجل الضيوف هدفين بنفس الطريقة، برمي الكرات الطولية أسفل الأطراف خلف الأظهرة المتقدمة.

الصبر قبل الحكم
يحتاج أي مدرب إلى فترة من الوقت حتى يعرف الفريق جيداً، ويضع يده على نقاط القوة والضعف في التشكيلة. يقول خبراء الكرة بأن الجميع يريد النجاح، لكن النجاح يحتاج إلى عامل الوقت، من أجل التجربة ومتابعة سير العملية قبل الحكم في النهاية. ورغم أن برشلونة الحالي أقل بريقاً من بارسا لويس إنريكي، إلا أن غياب نيمار عامل مؤثر بالسلب على الشق الهجومي، وانخفاض مستوى سواريز الحالي قلب المجريات رأساً على عقب، بالإضافة إلى عدم تدعيم خط الوسط بأكثر من خيار، كما وعدت الإدارة في بداية الميركاتو الصيفي.

قال روبرتو فيرنانديز، المدير الرياضي للنادي الكتالوني، نصاً، "بعد نجاحنا في ضم عثمان ديمبلي، سندعم الفريق بلاعب أو اثنين خلال الأيام المقبلة"، لكن هذا لم يحدث في النهاية بعد فشل التعاقد مع كوتينيو ودي ماريا، وإيقاف المفاوضات مع جان سيري لاعب نيس دون أسباب مفهومة، ليجد فالفيردي نفسه أمام أزمة حقيقية، بقلة العناصر المتاحة أمامه، وحاجة الأسماء الجديدة إلى وقت للتأقلم، بالإضافة لانخفاض مستوى أكثر من نجم، دون نسيان الإصابة القوية التي تعرض لها ديمبلي، في ثالث مباراة رسمية له مع البلاوغرانا.

يضم وسط برشلونة أكثر من اسم، إنييستا وبوسكيتس وراكيتيتش وأندريا غوميز ورافينيا، مع أردا توران ودينيس سواريز وباولينيو وغيرهم، لكن لا يتمتع أي لاعب من هؤلاء بميزة السيطرة والتحكم في نسق المباريات كتشافي سابقاً، لذلك تستمر المعاناة أمام الفرق التي تضغط بقوة، ويجد الفريق صعوبة بالغة في الخروج بالكرة من الخلف، نتيجة وجود أكثر من لاعب وسط هجومي، مع ندرة الأسماء في مركز الدائرة، وهذا ما فشل في معالجته فيرنانديز بعد تمسك باريس سان جيرمان بالإيطالي فيراتي.

عقل فالفيردي
يعتبر إرنستو مدربا مرنا إلى حد كبير، ربما كان هذا السبب ضمن أهم العوامل التي رجحت كفته بالنسبة لإدارة برشلونة، فالرجل رضي تماماً بفشل المفاوضات مع فيراتي، ولم يجبر المدير الرياضي على التعاقد مع جان سيري، حتى إنه لم يطلب باولينيو كما أشيع من طرف الصحافة الكتالونية، بعد تصريحاته الأخيرة حول أن هذه الصفقة جاءت بتحرك مباشر من المدراء. وبعد رحيل نيمار، آمن المدرب الجديد بصعوبة اللعب بخطة 4-3-3 مع قلة عدد الأجنحة، وضعف خط وسطه فيما يخص التحكم والسيطرة، لذلك قرر التحول إلى ما يشبه 4-3-2-1 و4-4-2 وفق ظروف كل مباراة وقدرات الخصم.

لا خلاف على رباعي دفاعي أمام شتيغن، بيكيه أو ماسكيرانو بجوار الفرنسي أومتيتي، سيميدو مع فيدال خيارات الجهة اليمنى، وألبا أساسياً على اليسار، بينما يقود بوسكيتس المنتصف وأمامه أكثر من خيار، إما باولينيو على اليمين للركض والتسديد، أو راكيتيتش للتغطية خلف تقدم الأظهرة، بينما يحصل إنييستا على دور القائد بالوسط الهجومي، مع تواجد دينيس وغوميز كبدائل جاهزة، بينما في الهجوم أصبح الرهان على ميسي في العمق، على خطى أيام غوارديولا وفيلانوفا.





ما أراده فالفيردي بداية الموسم
لم يعد الفريق بحاجة لوجود ليو على اليمين، خصوصاً بعد ضم ظهير أيمن حقيقي، لذلك حصل ديولوفيو على مركز الجناح الأيمن على الخط، وبعده عثمان ديمبلي في نفس المكان، أما لويس سواريز فتحرك قليلاً نحو اليسار، ليصبح نصف مهاجم ونصف جناح بالتبادل مع جوردي ألبا، حتى ينطلق ثنائي يميناً ويساراً من دون الكرة، من أجل خلق الفراغ اللازم أمام ميسي لاستلام الكرة من مناطق تسمح له بالتسديد والمراوغة وتسجيل الأهداف، هكذا هي خطة 4-3-2-1/ 4-3-1-2.

خيارات أخرى
وبعد إصابة ديمبلي وانخفاض مستوى ديولوفيو وعدم توفيقه، لعب الكتلان برسم قريب من 4-4-2، بوجود ميسي وسواريز في الأمام، وفتح الطرفين بروبرتو أو فيدال يميناً أمام سيميدو، بينما يتحرك إنييستا على اليسار بالقرب من ألبا، وتمركز ثنائي محوري بالمنتصف أمام رباعي الدفاع. وفاز الفريق على أكثر من منافس بهذه الخطة، لكنها أبعدت ميسي كثيراً عن المرمى، نتيجة وقوف سواريز بجواره في معظم الهجمات، وفشل الأوروغواياني في استغلال تمريرات ليو الحاسمة، مع نقص الدعم الهجومي من جانب لاعبي الوسط.





مشاكل بالجملة وفق رسم 4-4-2
انعدمت أهمية راكيتيتش بعد نهاية قصة الـ MSN، فالكرواتي أدى وظائف الأعمال "القذرة" مع إنريكي، بالتغطية المستمرة خلف لاعبي الهجوم، وترك ميسي يتجول بحرية بالثلث الأخير، مع إغلاق الجبهة اليمنى بواسطة راكي وروبرتو، لكن بعد رحيل نيمار، واللعب بديولوفيو وديمبلي وفيدال، أصبح دور إيفان غير مفهوم بالمرة، لأن اللاعب سيئ جداً بالكرة، ولا يجيد الاختراق العمودي المباشر تجاه المرمى، لدرجة أن ميسي أبدى انزعاجه من بطء حركته في أكثر من مرة بالمباريات الأخيرة.

فيدال هو الآخر ظهر خجولاً في التمرير والمراوغة ولعب العرضيات، ليفشل في تقديم الإضافة المرجوة، ويجبر ميسي على العودة باستمرار إلى المنتصف للاستلام بنفسه، مما جعل الفريق يلعب بصورة شبه متوقعة، صحيح أن الدفاع تحسن بوضوح في تفاصيل عديدة، إلا أن صناعة الفرص قلت بشدة، لدرجة أن البارسا سجل ثلاثة أهداف مؤخراً بالنيران الصديقة، لفشل ميسي ورفاقه في صناعة أي فرص حقيقية، أمام الفرق التي تلعب بنظام الرقابة الفردية على الرقم 10، وتغلق الأطراف جيداً مقابل جهة ألبا، كما حدث ضد لشبونة، لأن المدرب البرتغالي جيسوس وضع مارتينيز أمام الظهير الأيسر باستمرار، وراقب ميسي كظله بمواطنه باتاغليا، وكأن الإجابة سهلة للغاية، حاول قدر المستطاع إيقاف ميسي بلاعب وإثنين، ستجد برشلونة في حالة صعبة، نتيجة ندرة الخيارات الأخرى مع سوء مستوى سواريز وفيدال وروبرتو.

الحلول المتاحة
مع عودة عثمان ديمبلي من الإصابة، ستتحسن بعض الأمور إلى أفضل، لأن الفرنسي الشاب قوي في المراوغة، وقادر على سحب اللاعبين إلى اليمين، في سبيل حصول ميسي على حرية أكبر بالعمق، كما حدث في مباراة يوفنتوس بكامب نو، لكنه لن يكون كافياً لحل كل المعضلات، خصوصاً في حالة استمرار مستوى لويس سواريز الحالي، فاللاتيني لم يعد يعاني من ندرة التهديف، بل ساءت لمسته وصار بطيئاً في التصرف بالكرة تحت الضغط، ليفقد برشلونة محطة هجومية قوية، ساعدته في حسم لقب الدوري خلال موسمين ماضيين قبل فوز الريال مؤخراً.

يجب أن يحصل دينيس سواريز على فرصة أكبر، الإسباني الشاب هو أفضل خيار ممكن في مركز الجناح الوهمي، ذلك المركز الذي صنع خصيصاً للبرازيلي كوتينيو، اللاعب الذي أراده فالفيردي بشدة، حتى يلعب على يسار الوسط، ويفتح الملعب عرضياً بالتبادل مع ديمبلي، مع ميزته الأساسية في الاختراق من العمق، وتحول حركته بشكل مفاجيء للتسديد من مسافات بعيدة، وهذا ما يمكن لدينيس القيام به، شريطة لعب دقائق كافية في قادم المباريات.




 أقرب رسم واقعي للفريق في المرحلة الحالية
يبقى ديولوفيو خياراً أفضل من فيدال، لأنه يضغط باستمرار ولا يتوقف عن الركض والحركة، كما كان يفعل بيدرو سابقاً، ويستطيع روبرتو أيضاً المداورة معه في هذا المكان. وفي حالة استمرار سواريز على هذا النحو، فإن الخط الهجومي سيبدأ بجيرارد على اليمين ودينيس يساراً، وميسي في عمق الهجوم كرأس حربة حقيقي لا مجرد وهمي، مع دخول باولينيو بالتناوب مع راكيتيتش وفق ظروف كل مباراة، حتى يستفيد الفريق من قوة البرازيلي في الانطلاق داخل منطقة الجزاء، ولعب دور المهاجم الإضافي عند الحاجة بالتبادل مع ليو، ليدخل سيميدو الذي لا يهاجم كثيراً إلى العمق بجوار بوسكيتس للتغطية خلف البرازيلي، كلاعب وسط وهمي كما كان يفعل ألفيش سابقاً.

الحقيقة أن أفضل مباريات برشلونة هذا الموسم كانت أمام إيبار بكامب نو، "لويس سواريز على الدكة، ديولوفيو ودينيس في الخانة الأساسية، باولينيو يسجل". لعب الفريق وقتها بمرونة شديدة، مع تموضع ميسي وحده في الهجوم، وصعود إنييستا على مقربة منه عند الضغط على الفريق المنافس، وعند الحصول على الكرة، يصعد باولينيو مباشرة بشكل عمودي تجاه منطقة الجزاء، لإجبار المنافس على العودة أمتاراً للخلف، والتخلي عن فكرة خنق البارسا بالضغط المرتفع، لأن تمريرة واحدة خلف الخطوط تعني هجمة مرتدة سريعة للأحمر والأزرق.

في الحالة الدفاعية، باولينيو وبوسكيتس جنباً لجنب، دينيس وديولفيو أسفل الأطراف أمام الظهيرين، إنييستا يصعد بالقرب من ميسي. وعند قرار الهجوم، يعود أندريس للاستلام بجوار بوسكيتس، ويصعد باولينيو بجوار ميسي، وينطلق ديولوفيو على الخط، فيما يدخل دينيس سواريز في العمق كلاعب وسط إضافي، وربما هذا التوجه هو الأفضل لبرشلونة حالياً، على أمل خطف أي بطولة متاحة، بعد موسم انتقالات كارثي على كافة المستويات.