عيّنت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، اللاجئة السورية الشابة، مزون المليحان (19 سنة)، كأحدث سفراء النوايا الحسنة، لتكون أصغر السفراء سنّاً، وأول سفيرة من اللاجئين السوريين، حيث غادرت سورية عام 2013، وتفرغت لمهمة تعليم الفتيات اللاجئات أو اللاتي لا مأوى لهن.
وقالت المليحان لـ"العربي الجديد"، إنّها حين غادرت سورية لم تتوقّع أن تصبح يوماً سفيرة للنوايا الحسنة، لكنّها كانت مهتمة بالتعليم، "من دون التعليم نعجز عن تحقيق كثير من أحلامنا. التعليم هو الحلّ الأمثل لمواجهة التحديات وإعادة إعمار البلاد من جديد. عندما غادرت سورية اعتقدت أنني غير قادرة على إكمال دراستي في المخيّم، وشعرت بالحزن الشديد لمغادرة مدرستي، لكن حين وصلت إلى المخيّم اكتشفت أنّ بإمكاني متابعة الدراسة".
وتضيف السفيرة الأممية: "التعليم يساعد على تغيير أوضاعنا ومجتمعاتنا. لكنّي تفاجأت حين رأيت الكثير من الفتيات والأطفال لا يقدّرون قيمة التعليم، بينما أعتبره أولوية، خاصّة أنّ سورية كان فيها أفضل المدرّسين، ونظام تعليمي جيد".
قرّرت اللاجئة السورية الشابة بدء حملة لتشجّيع الأطفال على الدراسة، لأنّها رفضت أن يبقى أبناء شعبها السوري من دون تعليم. لفت ذلك أنظار "يونيسف" ومنظمة إنقاذ الأطفال في الأردن.
كانت المليحان تقوم بحملات التشجيع على التعليم في كل مكان، وخاصّة محاولة إقناع الآباء بأهميته، كونهم يمتلكون التأثير الأكبر على أبنائهم. بعض الفتيات اللواتي شاركنها الحملات ما لبثن أن تزوّجن لأنّهن اعتبرن أنّ الزواج أولوية مع اقتناع الأهل بذلك.
تضيف المليحان: "عملت مع يونيسف، إلى جانب جهودي الفردية. رافقتهم من خيمة إلى أخرى، ورحت أقنع الناس بضرورة التعليم، وجذبت قدرتي على إقناع الناس اهتمام يونيسف، وكنت أحاول كل جهدي حتى حين يرفض بعض الأشخاص كلامي، كان ذلك يمدّني بالقوّة للاستمرار".
وتعبّر المليحان، عن فرحتها للقاء الناشطة الباكستانية ملالا يوسف، التي زارت المخيّمات في الأردن وطلبت مقابلتها، لأنّها سمعت عن الحملة التي تقوم بها، وتردف أنّ اللقاء بشخص عانى الكثير من أجل رفع صوت الفتيات والتشجيع على التعليم كان رائعاً جداً. خاصّة أنّ ملالا حصلت على جائزة نوبل للسلام.
تقول "أصبحنا صديقتين مقرّبتين بعد انتقالي للعيش في بريطانيا، لأنّنا نملك الهدف ذاته، وهو الدفاع عن الحق في التعليم، ولم أتوقّف عند هذا الحد، بل استمريت بعد وصولي إلى بريطانيا، ودعيت إلى مؤتمرات مهمّة، مثل اجتماع الجمعية العامّة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، وحضرت مؤتمرا لدعم سورية اجتمع فيه قادة العالم، تحدّثت هناك عن الأطفال وعن التعليم وعن اللاجئين".
وتواصل "أعتقد أنّ يونيسف قدّرت كل هذه الجهود، وبعد عام وثلاثة أشهر على تواجدي في بريطانيا، طلبت من يونيسف أن أقوم بجولات ميدانية، فسافرت إلى تشاد، لأنّني لم أرد أن أتكّلم فقط باسم اللاجئين في المؤتمرات رغم أهمية الأمر، لكنّي أردت أن أساعدهم على أرض الواقع، وأن أحوّل هذه الأقوال إلى أفعال".
Twitter Post
|
وتقول المليحان لـ "العربي الجديد": "كثير من الحكومات تقدّم المساعدات للاجئين، لكنّنا نرى قليلاً من الدعم في القطاع التعليمي، إنّهم يرون أنّ الأساسيات هي تأمين الطعام والشراب واللباس، لاشك أنّها ضرورية، لكن من المهم أن ننظر إلى أبعد من ذلك، ونوفّر لهم مستقبلاً أفضل عبر التعليم".
وتوضح "تعييني سفيرة للنوايا الحسنة، فتح أمامي باباً واسعاً، وحمّلني مسؤولية كبيرة كي أدافع عن التعليم وعن الأطفال المتضرّرين من الحروب حول العالم"، ولفتت إلى أنّها ستشارك في اجتماعات مجموعة العشرين في همبورغ بألمانيا، وأنّها ستتطرّق إلى كل التحديات التي تواجه الأطفال لتكون صوتهم باعتبارها كانت واحدة منهم، ولتبلغ العالم أنّهم ليسوا بحاجة إلى المأوى والطعام فقط بل بحاجة إلى التعليم لتحقيق أهدافهم.
وبمناسبة يوم اللاجئ العالمي، تقول المليحان، إنّه من المهم أن يكون للاجئ يوم يتذكّره فيه العالم، لكن ينبغي ألاّ يقتصر الأمر على يوم واحد. يجب أن يكون اللاجئون في قلوبنا وفي أفعالنا.
وتابعت: "أريد أن أطلب منهم ألا يفقدوا الأمل وألا يستسلموا، وأن يؤمنوا بقدراتهم، وأنّنا جميعاً نسمعهم ونحاول توصيل أصواتهم إلى القادرين على دعمهم، "مهما كانت الظروف صعبة ستتغيّر يوماً ما، والظلام لن يدوم، وينبغي أن نكون أقوياء لمواجهة التحديات، لأنّ الحياة ليست سهلة، كلّنا مررنا بتجارب صعبة، وكلّنا لاجئون، لكن هنالك لاجئون يعيشون في مخيّمات في أوضاع صعبة، أدعوهم ألا يفقدوا الأمل لأنّ اللجوء ليس آخر محطات الحياة".
وتقول مليحان، التي تحب القراءة وكتابة القصص والمقالات، إنّها تركّز حالياً على الدراسة، لأنّها ستدخل الجامعة بعد عامين، وترغب في دراسة السياسة والعلاقات الدولية.
Twitter Post
|
وتعتبر المليحان، أوّل لاجئ يمنح مركزاً رسمياً ليصبح سفيراً للأمم المتحدة، وأفادت يونيسف في بيان صحافي، أنّ المليحان، بدأت خلال فترة إقامتها في مخيم الزعتري بالأردن، بدعوة الأطفال إلى التعليم، وخاصة الفتيات.
وقالت الأمم المتحدة، إنّ المليحان تعمل على تعزيز فهم التحديات التي يواجهها الأطفال المتأثّرون والمشرّدون بسبب الحروب في الحصول على التعليم، وفقاً لبيانات يونيسف، فإنّ ما يقدّر بـ25 مليون طفل في المدارس الابتدائية والثانوية خارج المدرسة، في مناطق النزاع حول العالم، وبالنسبة للأطفال الذين يعيشون كلاجئين فإنّ نصفهم فقط ملتحق بالمدارس الابتدائية وأقل من ربعهم مسجّل في المدارس الثانوية.