لاجئون أفارقة مشرّدون في لبنان بعد فضّ اعتصامهم

28 يناير 2020
"حقّنا"... (العربي الجديد)
+ الخط -

أزالت القوى الأمنيّة اللبنانيّة، اليوم الثلاثاء، 15 خيمة للاجئين أفارقة يعتصمون أمام مقرّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، الواقع في العاصمة بيروت، مشرّدة بالتالي 26 لاجئاً، من أطفال ورجال ونساء، علماً أن امرأتَين بينهنَّ في الأشهر الأخيرة من حملهما. وقد أثار الأمر حالة من الغضب في صفوفهم وقد حاول أحدهم الانتحار. 

وكانت القوى الأمنية قد أمهلتهم حتى تاريخ أمس الاثنين لفكّ اعتصامهم السلمي ضدّ المفوضية تحت طائلة إزالة خيمهم وتفريقهم بالقوّة. ونقل لاجئون لـ"العربي الجديد" أنّ موظّفين في المفوضية أبلغوهم بأنّهم غير قادرين على التدخّل، مبرّرين موقفهم بأنّ "الجميع تحت سقف القانون ويجب احترام قرار الأجهزة الأمنية".

ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر، تنفّذ مجموعة من اللاجئين الأفارقة، من السودان والصومال وإثيوبيا ومالي وإريتريا، اعتصاماً تبعه نصب عدد من الخيم، بحسب ما يشرح عدد من هؤلاء، وذلك تنديداً بإهمال المفوضية لملفات لجوئهم وإعادة توطينهم وتقصيرها في دعمهم وحمايتهم، بعدما باتوا مشرّدين في الشوارع، واستنكاراً لما يتعرّضون له من حملات اعتقال وقمع وعنف، سواء على يد عناصر الأمن التابعة للمفوضية أم على يد القوى الأمنية التي ما زالت تحتجز عدداً منهم، عدا عن التهديدات بوقف المساعدة النقدية الشهرية للمشاركين في الاعتصام وبعدم دراسة ملفّاتهم العالقة منذ سنوات.

يقول لاجئ سوداني، فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، إنّه لجأ إلى لبنان قبل نحو عامَين، "هرباً من ملاحقة أمنية في بلدي بسبب نشاطي السياسي ورصدي انتهاكات الأجهزة الأمنية السودانية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى موقفي من حرب اليمن". يضيف: "لكنّني لم أجد حماية كافية من قبل المفوضية، وهو ما دفعني وزملاء لي إلى الاعتصام والمطالبة بأدنى مقوّمات العيش الكريم، وبحقوقنا البديهية من سكن وغذاء وتعليم وطبابة وأمان اجتماعي. لكن حتّى الاعتصام السلمي لم يرُق لهم، واستفزّتهم خيمة كانت ملجأنا الوحيد".

من جهتها، تلفت لاجئة من إرتريا، فضّلت كذلك عدم الكشف عن هويتها، إلى أنّ "عناصر أمن المفوضية اقتحمت الخيم قبل فترة وجيزة، وأقدمت على تكسير محتوياتها ورميها والاعتداء على المعتصمين بالضرب المبرح". تضيف لـ"العربي الجديد": "لجأتُ إلى لبنان قبل تسعة أعوام، زوجي سوداني الجنسية ولي ولد حُرمت منه بعد الطلاق. لقد عانيتُ كثيراً، سواء عند توقيفي أكثر من مرّة من قبل الأمن العام اللبناني لعدم قانونية أوراقي، أو عند استغلالي في العمل وسط غياب كلّ حماية ممكنة من قبل المفوضية". وتتابع: "أنا اليوم من دون مأوى، لا عمل لي ولا أهل. كنتُ أعيش في خيمة الاعتصام، لكنّني صرت مشرّدة. أين أعيش؟ أين أعمل؟".


في السياق، توضح مديرة قسم المناصرة لدى "حركة مناهضة العنصرية" زينة عمّار لـ"العربي الجديد"، أنّ "فضّ الاعتصام السلمي من قبل عناصر الأمن غير مقبول ومخالف لحقّ التظاهر"، مؤكّدة أنّ "لا حلّ لأزمة اللاجئين الأفارقة إلا عبر المفوضية، لكنّ المفوضية تتنصّل من المسؤولية".