لكن احتراف الأنصاري في الدوري السعودي لم يكن الأول من نوعه، بالنسبة للاعبين الكويتيين، إذ إن أندية دوري عبد اللطيف جميل بدأت بالتنبه مبكراً للفوارق الكبيرة بين إمكانيات لاعبي الدوري الكويتي المميزة، وبين ضعف مستوى وجماهيرية وميزانيات ومنشآت أنديتهم الرياضية.
النجوم الكويتية في السعودية
لم تكن تجربة اللاعبين الكويتيين في الدوري السعودي بالمستوى المطلوب إلى وقت قريب، بسبب عجز اللاعبين عن التأقلم في الأجواء الجماهيرية الضخمة والضغط الإعلامي والنفسي الموجود في الوسط الرياضي السعودي. كما أن لعبة كرة القدم في الكويت تعتبر هواية، وليست عملاً رسمياً، فاللاعبون يذهبون إلى أماكن عملهم الرسمية كمدرسين ومهندسين وضباط شرطة، ويلعبون كرة القدم في المساء، مما انعكس على حالتهم البدنية، إذ إن أكثر من نصف اللاعبين الكويتيين الذين احترفوا في الدوري السعودي خرجوا بإصابات كبيرة.
وبدأت سلسلة الاحتراف تلك من منتصف التسعينيات، حينما احترف لاعب نادي السالمية والمنتخب الكويتي علي مروي في نادي أهلي جدة، لكنه لم يستطع التأقلم بسبب عدم جاهزيته البدنية وإصاباته المتكررة قبل أن يستغني عنه النادي، ثم جاءت التجربة الأكثر نجاحاً، حينما احترف صانع ألعاب نادي كاظمة، والمنتخب الكويتي، بدر حجي، في نادي الشباب، وساهم في تتويج النادي بكأس ولي العهد والبطولة العربية، بين عامي 1997 و1999، لكنه لم يستطع إكمال التجربة الاحترافية نظراً لظروف عمله في الكويت.
وفي عام 1998 تعاقد نادي الهلال مع هداف المنتخب الكويتي، ونادي السالمية آنذاك، بشار عبد الله، لكنه لم يستطع التأقلم مع الأجواء هناك، رغم أنه قدم أداء مميزاً في كثير من المباريات، ثم تعاقد الهلال في العام التالي مع زميله جاسم الهويدي، والذي تفجرت موهبته في السعودية، واستطاع تحقيق بطولتين للهلال، لكنه اضطر للعودة إلى الكويت بسبب ظروفه الدراسية.
وانتقل هداف نادي القادسية السابق، أحمد عجب، لنادي الشباب عام 2009 لكن الإصابة حرمته مبكراً من إكمال مشواره الاحترافي، واحترف لاعب القادسية سيف الحشان في النادي نفسه عام 2015 لكن إصابته بالرباط الصليبي عجَلت من عودته أيضاً.
عمر السومة وفهد الأنصاري
ورغم هذه التجارب السيئة للاعبي الدوري الكويتي في السعودية في السنوات السابقة طفت على الساحة تجارب عديدة ولامعة أبرزها تجربة اللاعب السوري المقيم في الكويت عمر السومة الذي انتقل من نادي القادسية إلى نادي أهلي جدة ليصبح المحترف الأفضل في تاريخ الدوري السعودي وليقود الاهلي لتحقيق بطولة الدوري بعد غياب دام أكثر من 30 عاما.
وولد عمر السومة في مدينة دير الزور شرق سورية لكنه جاء إلى الكويت صغيراً للاحتراف في نادي القادسية وعاش بين أبناء مدينته في الكويت والذين تصل أعدادهم إلى 100 ألف شخص ويتركزون في مناطق شبه خاصة بهم ولا تزال عائلة السومة مقيمة في الكويت حتى الآن بالرغم من احترافه في جدة، وكانت الجماهير الكويتية قد طالبت بالاستفادة من السومة قبل رحيله للأهلي وإعطائه الجنسية الكويتية لكن الاتحاد الكويتي السابق رفض هذه الفكرة آنذاك.
وقبل انتقال السومة خاض نجم نادي القادسية وقائد المنتخب الكويتي بدر المطوع تجربة احترافية لامعة وقصيرة في نادي النصر استمرت لمدة أربعة أشهر سجَل خلالها 13 هدفاً في 9 مباريات لكنه اضطر للعودة إلى الكويت سريعاً وفسخ عقده مع النصر بسبب قرار الحكومة الكويتية طرده من وظيفته كضابط في قوات الحرس الوطني لتغيبه عن العمل، وعاد المطوع للكويت محاولاً العودة لوظيفته السابقة لكن هيئة الأركان العسكرية في البلاد أكدت أن القرار سيادي وأنها لا تحتمل أن يكون العسكري لاعباً مقيماً في دولة أخرى قبل أن يتم تعيينه كضابط في قوات البرلمان وهي مؤسسة شرفية تقريباً وليس لها أية أدوار عسكرية.
وانتقل فهد الأنصاري هذا العام إلى نادي الاتحاد بعقد يمتد لعام واحد قابل للتجديد وخاض معه عدة مباريات أثبت فيها مستواه كلاعب للوسط وصانع للألعاب رفقة المحترف المصري محمود كهربا وقال فهد الأنصاري في تصريحات صحفية بعد صفقة انتقاله: الدوري السعودي اليوم هو الأفضل في المنطقة والاحتراف فيه يمثل فرصة العمر بالنسبة لأي لاعب شاب كونه يتمتع بالجماهيرية وبالحضور الإعلامي الضخم وهو أمر غير متوفر لدينا.
وأضاف: أحاول ألا أكرر تجارب الذين سبقونا الغير موفقة وأبحث عن الأشياء التي سببت لهم عدم التوفيق كي أتجنبها، اللعب هنا يحتاج للتركيز والتفرغ التام وهو ما أحاول فعله الآن وهو ما نجح به السومة والمطوع. ويقول الصحفي الرياضي جابر جازع المطيري "للعربي الجديد": إن أسباب فشل المحترفين الكويتيين في الدوري السعودي سابقاً تمثلت في حالتين جوهريتين هما ضعف اللياقة البدنية والخشية من الضغط الجماهيري.
وأضاف: أغلب اللاعبين الكويتيين أصيبوا بإصابات قاتلة أنهت مشوارهم الرياضي حينما احترفوا في الدوري السعودي لأن اللاعب الكويتي أثناء التأسيس في الصغر لا يقوم بتدريبات بدنية كافية بسبب ارتباطه بجهات عمله الرسمية إذ إن الاحتراف في الكويت غير قانوني فالكثير من اللاعبين يعملون في مجال الإطفاء أو الجيش أو الشرطة مما يعني ساعات عمل مضاعفة ترهقهم بدنيا ويذهبون إلى الدوري السعودي السريع بدنياً وتكتيكيا فلا تحتمل أجسادهم هذا التعب.
أما السبب الثاني فهو الضغط الجماهيري الضخم إذ إن شعبية نادٍ جماهيري واحد في السعودية تعادل عدد سكان الكويت مجتمعين وهو أمر لم يألفه لاعبو الكويت، لكن النماذج المضيئة مثل بدر المطوع وعمر السومة وفهد الانصاري نجحت في كسب قلوب الجماهير هناك بسبب رباطة جأشها وعدم ارتباكها خصوصاً أن فهد الأنصاري قد تعرض للاعتداء من قبل لاعب النصر حسين عبد الغني في أول مباراة لعبها ومع ذلك فقد تمكن من السيطرة على نفسه ولم يرتبك.
ويقول الخبراء الرياضيون إن عدد اللاعبين الكويتيين المرشحين للاحتراف في الدوري السعودي والدوريات الأخرى سيرتفع بشكل مضطرد خصوصاً إذا استمر الإيقاف الكروي موسماً آخر بحق كرة القدم الكويتية.