المنتخب الوطني أو المنتخب القومي، كما يفضل بعضهم أن يسميه، هو أهم انتماء كروي لدى كل متابع رياضي، بلغة المشجعين الرياضيين هو النادي الذي يستحق الولاء إلى الأبد، أما بلغة العشاق فهو الحب الأزلي الأبدي، وبلغة الراسخين في علوم الرياضيات هو العدد الأكبر الذي لا يقبل القسمة إلا على نفسه، فهو كسيارة الجد سواء أكانت قديمة أم جديدة متاحة للجميع، وكسرير الأم إن كنت كبيراً أو صغيراً تلجأ إليه.
لهذا، وكجزائريّ، ورغم الوضعية التي يوجد فيها المنتخب الوطني، لا يزال العشق نفسه لم يتغير أبداً، يبقى بالنسبة لنا الرقم واحد، وتليه بقية الانتماءات، فنحلم في اليوم ألف مرة أن تعود قاطرة الخضر إلى السكة الصحيحة، وتعود معها السنوات الملاح التي مضت، وتعود العزيمة إلى محاربي الصحراء.
المتتبع لأخبار اللاعبين لا بد أن يقف عند كمية النجاح الشخصي الذي يحصده نجوم المنتخب، اليوم فيغولي نجم فوق العادة في أعرق الأندية الأوروبية ألا وهو غلطة سراي الغني عن أي تعريف، والذي حقق معه البطولة، ليعود نجمه إلى السطوع بعد أن ظن كثيرون أنه قد أفل، الأمر ذاته لبراهيمي، فرغم الصعوبات الكبيرة، إلا أنه توج في النهاية بطلاً للدوري البرتغالي، وكتب اسمه بأحرفٍ من ذهب في نادٍ يعتبر من أعرق الأندية في القارة العجوز. وينطبق هذا الأمر أيضاً على الهلال سوداني، الذي بات الهداف والنجم الأبرز في كبير كرواتيا نادي دينامو زغرب، وتوج هو الآخر معه بالألقاب.
وبعيداً عن صقيع أوروبا، وفي الدوري القطري، بغداد بونجاح يعتبر مثالاً للنجاح الذي تعدى الحدود، حتى أصبح مرمى سهام الفرق المنافسة، ليبحثوا عن إبعاده وإبعاد خطره في الملعب بكل الطرق، أضف إليهم نجاح مبولحي في خطف الأضواء مع ناديه، ومحرز النجم الذي لا يأفل رغم تراجع مستوى ناديه، كذلك الأمر بالنسبة لغولام رغم لعنة الإصابة إلا أنه يبقى نجماً من الصف الأول ومحط أنظار أندية عديدة.
كل هذا النجاح الفردي من الغريب ألا يترجم إلى نجاح جماعي لهذا الجيل، الذي فُكك بطريقة يعرفها الجميع، منذ كواليس كأس أفريقيا 2015، وانفلات الأوضاع من يد المدرب غوركيف، لتليه الثورة غير المعلنة على راييفاتس، ليدق ليكنس آخر مسمار في النعش، ثم تبدأ بعدها مرحلة الإنعاش الفاشلة بمدربٍ إسباني لا يعرف عن أفريقيا شيئاً، ثم مدرب من الأرشيف لا يمت للتدريب إلا بتاريخه الكروي كلاعب، وعدا هذا لا يملك أي مؤهل ليكون على رأس مجموعة الأبطال.
ما يحتاجه المنتخب الآن وقبل فوات الأوان، مدرب يحمل في دمه جينات البطولة، يتوق إلى وضع قدمه في منصات التتويج، ولا يرضيه التعادل، والهزيمة بالنسبة له عزاء لا بد أن يُفرش له الصوان، لا يشبع من الألقاب مهما تعددت.
في الشارع الرياضي الجزائري وحتى المتعاطفون مع الخضر من خارج الحدود ضاقوا ذرعاً بالكلام، مدربون يتحدثون أكثر مما يعملون، أحدهم يحاضر حول نظريات الكرة، وآخر يروي قصص زوجته، وآخر يحاول أن يظهر أنه تعلم الفرنسية، وأخيراً من يتحدث لكي يضحك الشارع الرياضي بكلام لا يتقبله عقل، الوقت يمر بسرعة والمنتخب يسير بخطى ثابتة نحو الانحدار، نتمنى بقلوبنا، ونكتب بأقلامنا، حتى يُمنح المنتخب إلى بطلٍ يقوده إلى منصات التتويج.