09 نوفمبر 2024
لا انتخابات في لبنان؟
من السهل في لبنان أن تتفق القوى السياسية على تأجيل البحث في قانون للانتخاب، لكنها لن تتمكّن من الاتفاق بشأنه. معضلة تشعّبت وتكثّفت منذ التمديد الأول للمجلس النيابي اللبناني عام 2013، والثاني عام 2014، والمفترض أن ينتهي في 20 يونيو/ حزيران المقبل. الأسباب كثيرة في محطتي التمديد الأولى والثانية، وأبرزها "أسباب أمنيّة"، سواء في اشتباكات مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان، أو في الاشتباكات التي شهدتها منطقة عرسال، شرق البقاع، عام 2014.
الآن، باتت قائمة الأسباب أكثر تنوعاً. تبدأ من الأمنيّة، بعد المعارك الضارية التي شهدها مخيم عين الحلوة، في الفترة الماضية، بين مجموعات متشدّدة ومجموعات من حركة فتح، أفضت إلى إرساء هدنة في المخيم، من دون إنهاء عناصر النزاع. وفي مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين، شمال لبنان، عاد الحديث عن حلول أمنية على خلفية جرائم جنائية. وفي البقاع، ارتفعت وتيرة قصف الجيش اللبناني مواقع "داعش" وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام) في جرود رأس بعلبك والقاع وعرسال، الأسبوع الحالي. بما يوحي وكأن "معركة لبنان" ضد التنظيمين باتت قريبة للغاية، وأن المسألة مرتبطةٌ بالتوقيت المناسب فقط.
"التوقيت المناسب" هو ما تريده جميع القوى السياسية في لبنان، لتنجو من قضية قانون الانتخاب. فإذا اندلعت المعارك في الشرق البقاعي، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تأجيل الانتخابات عاماً، بحجة أن "الاستعانة بالجيش لحماية الانتخابات، لن تكون متاحة لانشغاله في حفظ الأمن في البلاد". هذا عدا عن أن بعضهم سيطرح فرضية أن "من غير الممكن إجراء الانتخابات في لبنان، من دون أن يطاول الأمر عرسال التي تستحق إجراء الانتخابات فيها".
وإذا كانت الأسباب الأمنية "خشبة خلاص" للقوى السياسية اللبنانية، إلا أنها مؤشّر خطير على ما وصلت إليه الحياة السياسية في لبنان. في الواقع، يتمحور الصراع الأساسي حول مرحلة ما بعد انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، في عام 2022، في حال لم يتمّ التمديد له لولاية ثانية، كما جرت العادة في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق الطائف (1989) في لبنان. عليه، يريد الثنائي، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الإمساك بأكثرية النواب المسيحيين، أياً كان شكل القانون الانتخابي. ففي حال فعلا ذلك، فإنهما، وبالحدّ الأدنى، سيتمكّنان من وضع "فيتو"، على أي مرشح رئاسي لا يلائمهما، وبالحدّ الأقصى انتخاب رئيس للجمهورية من صفوفهما، سواء سمير جعجع أو جبران باسيل، أو أي شخصٍ ثالث يتفقان عليه.
في المقابل، يريد حزب الله وحركة أمل الحفاظ على تركيبة مجلس النواب كما هي، ما يسمح لهما بانتخاب زعيم تيار المردة، سليمان فرنجية، رئيساً للبلاد في مرحلة ما بعد عون، لعدم ثقتهما لا بجعجع ولا بباسيل. أما تيار المستقبل، فلا يهمه من يكون رئيس الجمهورية، طالما سيتمكّن من التفاهم معه. وهو ما ظهر من خلال الترشيحات الرئاسية لرئيس التيار، سعد الحريري، الذي انتقل من ترشيح جعجع إلى فرنجية وصولاً إلى ترشيح عون، في غضون ثلاث سنوات. من جهة الحزب التقدمي الاشتراكي، فإن أساس أي قانون انتخابي هو الإبقاء على دور زعيمه وليد جنبلاط، واستطراداً نجله تيمور، كنقطة ترجيح في أي ملف سياسي. أما الخشية المشتركة لدى الجميع، فهي الخوف من نجاح ولو مرشح واحد من التيارات المدنيّة، لأن فوزه سيُشكّل بداية لأمر جديد في لبنان.
الأخطر أنه مهما كان شكل السيناريو المنتصر، إلا أنه سيفتح باباً لأزمةٍ كبرى، وهو ما قد يكون سبباً لبدء "الزحف الأميركي" على لبنان، لناحية تخصيص مليار دولار لبناء المجمّع الجديد للسفارة الأميركية في عوكر، شرق لبنان. وذلك استعداداً لحقبةٍ جديدة، يُصبح فيها الصراع "مباشراً" بين الأميركيين وحزب الله في معقله اللبناني. حتى ذلك الحين، قد لا تكون انتخابات.
الآن، باتت قائمة الأسباب أكثر تنوعاً. تبدأ من الأمنيّة، بعد المعارك الضارية التي شهدها مخيم عين الحلوة، في الفترة الماضية، بين مجموعات متشدّدة ومجموعات من حركة فتح، أفضت إلى إرساء هدنة في المخيم، من دون إنهاء عناصر النزاع. وفي مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين، شمال لبنان، عاد الحديث عن حلول أمنية على خلفية جرائم جنائية. وفي البقاع، ارتفعت وتيرة قصف الجيش اللبناني مواقع "داعش" وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام) في جرود رأس بعلبك والقاع وعرسال، الأسبوع الحالي. بما يوحي وكأن "معركة لبنان" ضد التنظيمين باتت قريبة للغاية، وأن المسألة مرتبطةٌ بالتوقيت المناسب فقط.
"التوقيت المناسب" هو ما تريده جميع القوى السياسية في لبنان، لتنجو من قضية قانون الانتخاب. فإذا اندلعت المعارك في الشرق البقاعي، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تأجيل الانتخابات عاماً، بحجة أن "الاستعانة بالجيش لحماية الانتخابات، لن تكون متاحة لانشغاله في حفظ الأمن في البلاد". هذا عدا عن أن بعضهم سيطرح فرضية أن "من غير الممكن إجراء الانتخابات في لبنان، من دون أن يطاول الأمر عرسال التي تستحق إجراء الانتخابات فيها".
وإذا كانت الأسباب الأمنية "خشبة خلاص" للقوى السياسية اللبنانية، إلا أنها مؤشّر خطير على ما وصلت إليه الحياة السياسية في لبنان. في الواقع، يتمحور الصراع الأساسي حول مرحلة ما بعد انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، في عام 2022، في حال لم يتمّ التمديد له لولاية ثانية، كما جرت العادة في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق الطائف (1989) في لبنان. عليه، يريد الثنائي، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الإمساك بأكثرية النواب المسيحيين، أياً كان شكل القانون الانتخابي. ففي حال فعلا ذلك، فإنهما، وبالحدّ الأدنى، سيتمكّنان من وضع "فيتو"، على أي مرشح رئاسي لا يلائمهما، وبالحدّ الأقصى انتخاب رئيس للجمهورية من صفوفهما، سواء سمير جعجع أو جبران باسيل، أو أي شخصٍ ثالث يتفقان عليه.
في المقابل، يريد حزب الله وحركة أمل الحفاظ على تركيبة مجلس النواب كما هي، ما يسمح لهما بانتخاب زعيم تيار المردة، سليمان فرنجية، رئيساً للبلاد في مرحلة ما بعد عون، لعدم ثقتهما لا بجعجع ولا بباسيل. أما تيار المستقبل، فلا يهمه من يكون رئيس الجمهورية، طالما سيتمكّن من التفاهم معه. وهو ما ظهر من خلال الترشيحات الرئاسية لرئيس التيار، سعد الحريري، الذي انتقل من ترشيح جعجع إلى فرنجية وصولاً إلى ترشيح عون، في غضون ثلاث سنوات. من جهة الحزب التقدمي الاشتراكي، فإن أساس أي قانون انتخابي هو الإبقاء على دور زعيمه وليد جنبلاط، واستطراداً نجله تيمور، كنقطة ترجيح في أي ملف سياسي. أما الخشية المشتركة لدى الجميع، فهي الخوف من نجاح ولو مرشح واحد من التيارات المدنيّة، لأن فوزه سيُشكّل بداية لأمر جديد في لبنان.
الأخطر أنه مهما كان شكل السيناريو المنتصر، إلا أنه سيفتح باباً لأزمةٍ كبرى، وهو ما قد يكون سبباً لبدء "الزحف الأميركي" على لبنان، لناحية تخصيص مليار دولار لبناء المجمّع الجديد للسفارة الأميركية في عوكر، شرق لبنان. وذلك استعداداً لحقبةٍ جديدة، يُصبح فيها الصراع "مباشراً" بين الأميركيين وحزب الله في معقله اللبناني. حتى ذلك الحين، قد لا تكون انتخابات.