لا تنطقوا باسمنا
ظهرت حقيقة الأمر، وظهرت جثث المستوطنين الثلاثة، بعد أن هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي واقتحم المدن والقرى وأزقة المخيمات في الضفة الغربية، وخصوصاً في منطقة الخليل. تسعة عشر يوماً وليلة، لم يسمح فيها هذا الاحتلال لأحد بأن يهنأ بنوم، أو يخلد إلى راحة، فكل المنازل عرضة للمداهمة، وكل الشباب معرضون للاعتقال.
ليست نتائج عملية الاحتلال الأخيرة مهمة، بقدر ما تهمنا دلالات العملية، ومنها دلالة الموقف الفلسطيني، ولا نقصد موقف الشعب الفلسطيني، أو موقف الناس في أسواقهم وأعمالهم، بل وصف موقف الساسة الفلسطينيين، والقيادة الفلسطينية، حيث أعادت ممارسات دولة الاحتلال وجيشها إلى الذاكرة عدة مفاهيم، وممارسات كثيرة لا يجب على الفلسطينيين، ولا على العرب، أن ينسوها، كما لا يجب أن ننسى أن معيار الوطنية والالتزام الوطني يكون بمضايقة المحتلين، وليس بتسهيل مهامهم.
رحبت القيادة الفلسطينية وجنودها، من مختلف أسلاك الأمن لديها، بالتعاون، وتقديم المساعدة لجيش الاحتلال، وبدأوا البحث عن المستوطنين، وكأنهم حرروا كل الفلسطينيين المعتقلين، وجاء دور أبناء اسماعيل في العثور على أبناء اسحق.
لا نعرف لماذا تقوم السلطة الفلسطينية بهذه الأدوار، ويقبل من يعمل في الأمن الفلسطيني أن يقوم بهذه الأدوار غير النظيفة، وفيها من الخيانة للأمة والوطن أكثر من أي شيء آخر؟ نعرف، جميعاً، الحجج التي يقولها أفراد من الأمن الفلسطيني، للتغطية على ما يقومون به في الليل ضد الفلسطينيين ومع جيش الاحتلال، فيتحججون بلقمة العيش، والالتزام تجاه أسرهم وأطفالهم. لا نستطيع أن نطلب من أحد أن ينسى أبناءه. لكن، يمكننا أن نطلب منه أن يتذكر وطنه، وشرفه، وكرامة أمته ودينه وعروبته.
الأدهى من ذلك كله أن محمود عباس يخرج إلى المؤتمرات العربية والإسلامية والدولية، ويقول إنه يمارس ما يسمى تنسيقاً أمنياً، ويتعامل مع الاحتلال ويعاونه، لأجل حماية الفلسطينيين. لكن، عليه أن يسمح لنا بأن نطلب منه أن يتوقف عن هذا الكلام العاري عن الصحة، فالشعب الفلسطيني يعرف كيف يلتف حول نفسه، ويتعاضد، ويحمي بعضه بعضاً، ولا ينتظر حمايةً مزعومة، لا أساس لها من الصحة، ولا يقبل أن ترتكب باسمه خيانة مقدسات الأمة الإسلامية والعربية والشعب الفلسطيني.