تجبر ظروف السجن وصعوبة النفاذ إلى مراكز العلاج مدمني المخدرات في سجون تونس على التخلص الذاتي من الإدمان بكلّ ما في ذلك من صعوبات نفسية وجسدية. وبالرغم من أن السجناء في قضايا المخدرات يمثلون العدد الأكبر من نزلاء سجون تونس، فغياب المراكز والأنظمة الخاصة بعلاج المدمنين منهم، تجبر المتعاطين الذين يقررون أو يجبرون على التوقف عن الإدمان على التخلص من المخدرات بمواجهة كثير من الألم، فيما تقتصر مساعدة إدارات السجون على إحالة الحالات المستعصية إلى أقسام الطب النفسي في المستشفيات الحكومية.
تشير بيانات لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ عدد الأشخاص الذين حوكموا بجرائم تتعلق بالمخدرات القابعين في السجون التونسية وصل إلى 7451 شخصاً، من بينهم 7306 رجال و145 امرأة، بحسب الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لوزارة العدل. كذلك، تشير البيانات التي تعود إلى عام 2015 إلى أنّ نحو 70 في المائة (5200 شخص تقريباً) أدينوا باستهلاك أو حيازة مادة القنب الهندي أو الحشيش، المعروفة في تونس بـ"الزطلة"، وأنّ 28 في المائة من مجموع عدد السجناء في تونس من المدانين في جرائم مخدرات.
ويمثل حق السجناء المدمنين في النفاذ إلى العلاج إحدى أبرز النقاط التي تعمل عليها اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان، نظراً لما يخلفه غياب المرافقة الطبية للمدمنين من آثار جسدية ونفسية على السجناء، إذ تجعلهم فريسة سهلة للعودة بمجرد انقضاء عقوبتهم. وتؤكد عضوة اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان الدكتورة هيفاء زليلة أنّ أقسام الاستعجالي (الطوارئ) لمستشفى "الرازي للأمراض النفسية والعقلية" تستقبل بصفة متواترة سجناء في حالة متقدمة من الإدمان تأتي بهم إدارة السجون من أجل مساعدتهم على تخطي المراحل الأولى لوقف التعاطي، مشيرة إلى أنّ العلاج يقتصر على بعض المهدئات والأدوية التي تساعد المدمن على النوم. وتقول زليلة إنّ المستشفى لا يؤوي السجناء المدمنين إلا بمقتضى قرار الإيواء الوجوبي الذي يقدّره القاضي، مشيرة في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أنّ أغلب المدمنين يكونون في وضع صحي ونفسي صعب نتيجة الآلام التي يخلفها التوقف عن تعاطي المخدرات، خصوصاً تلك التي تستخدم عن طريق الحقن والشم.
اقــرأ أيضاً
تضيف عضوة اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان أنّ "الأعراض الانسحابية تدوم أسابيع يكون خلالها المدمن مجبراً على تحمّل آلام مبرحة لا تنفع معها المسكنات العادية"، لافتة إلى أنّ اللجنة طالبت باعتماد بروتوكولات علاجية معمول بها في مراكز المساعدة على الإقلاع عن تعاطي المخدرات تعتمد على عقار "ميثادون" لتجنيب السجناء الآلام الجسدية والنفسية، لكنّ تأخر المصادقة على مشروع قانون المخدرات لم يسمح للأطباء باعتماد هذا الصنف من العلاج.
تؤكد زليلة أنّ "ميثادون" عبارة عن دواء يجرى استخدامه لتسكين الآلام، فهو ينتمي إلى مجموعة العلاجات المُخدرة، كما يُستخدم أيضاً في علاج حالات متنوعة من الآلام، منها المتوسطة والشديدة، إذ يقوم بتثبيط كلّ مستقبلات الألم في الجهاز العصبي المركزي، لذلك يلجأ الأطباء إلى علاج إدمان المخدرات عن طريق هذا الدواء. لكنّها تعتبر أنّ المصادقة على مشروع قانون المخدرات يبقى الحل الجذري لكلّ قضايا الإدمان ومعالجتها، مؤكدة أنّ المشروع يتضمن فصولاً حول حق السجناء المدمنين في العلاج وبروتوكول مساعدتهم على التخلص من الإدمان، كما يحدد الأطراف المتدخلة، فضلاً عن اقتراح فتح مراكز إقليمية للمساعدة على الإقلاع عن المخدرات في محافظات عدة.
في غياب النص القانوني، تقول زليلة إنّ هناك مبادرات بين الإدارة العامة للسجون واللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان لتكوين كوادر وأعوان (عناصر) السجون في طريقة الإحاطة بالسجناء المدمنين، لمساعدتهم في تخطي مراحل الأعراض الانسحابية بأخفّ الأضرار الجسدية والنفسية. ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2015 قدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون يتعلّق بالمخدرات، ودخل هذا النص التشريعي إلى النقاشات في صلب اللجنة في يناير/ كانون الثاني 2016 لكنّه لم يحظَ بإجماع النواب، إذ مثلت بعض فصوله نقاطاً إشكالية اختلفوا حولها، ولم يصلوا إلى توافق حول صياغة ترضي كلّ الأطراف. ويلزم القانون 52 المتعلق بالمخدرات الذي جرى تبنيه في 1992، المحاكم، بفرض عقوبة إلزامية بالسجن لمدة لا تقل عن سنة على كلّ من يُدان باستخدام أو حيازة مخدر غير قانوني، بما يشمل القنب الهندي.
اقــرأ أيضاً
ويؤكد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح، سفيان مزغيش، أنّ عدد المحالين إلى السجون في قضايا المخدرات في تراجع كبير منذ إقرار ظروف التخفيف على المتعاطين أول مرة، مؤكداً أنّ إقرار البرلمان القانون الجديد سيحدد مفاهيم جديد في التعاطي مع قضايا الإدمان. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ المؤسسة السجنية تعمل على الإحاطة بالسجناء المدمنين لمساعدتهم على الإقلاع بأخف الأضرار، مشيراً إلى أنّه منذ إغلاق مركز الأمل لعلاج المدمنين أصبحت إدارات السجون مجبرة على إحالة السجناء المدمنين الذي يستحيل علاجهم من قبل أطباء السجون إلى مستشفى الأمراض النفسية والعقلية الحكومي. ويلفت في السياق نفسه إلى أنّ مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة بصدد تطوير برنامج مع الإدارة العامة للسجون من أجل إحاطة أفضل بالسجناء المدمنين وتأهيلهم إلى فترة ما بعد السجن بطريقة تمنع عودتهم إلى المخدرات.
وتعاني المنظومة الصحية في تونس من قصور في مراكز العلاج من الإدمان الحكومية بعد إغلاق مراكز تابعة للجمعيات، كنتيجة لغياب الإمكانات، فيما يقتصر العلاج على القطاع الخاص الذي تظل كلفته عالية، ما يجعل النفاذ للعلاج صعباً للفئات الضعيفة والمتوسطة.
تشير بيانات لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ عدد الأشخاص الذين حوكموا بجرائم تتعلق بالمخدرات القابعين في السجون التونسية وصل إلى 7451 شخصاً، من بينهم 7306 رجال و145 امرأة، بحسب الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لوزارة العدل. كذلك، تشير البيانات التي تعود إلى عام 2015 إلى أنّ نحو 70 في المائة (5200 شخص تقريباً) أدينوا باستهلاك أو حيازة مادة القنب الهندي أو الحشيش، المعروفة في تونس بـ"الزطلة"، وأنّ 28 في المائة من مجموع عدد السجناء في تونس من المدانين في جرائم مخدرات.
ويمثل حق السجناء المدمنين في النفاذ إلى العلاج إحدى أبرز النقاط التي تعمل عليها اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان، نظراً لما يخلفه غياب المرافقة الطبية للمدمنين من آثار جسدية ونفسية على السجناء، إذ تجعلهم فريسة سهلة للعودة بمجرد انقضاء عقوبتهم. وتؤكد عضوة اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان الدكتورة هيفاء زليلة أنّ أقسام الاستعجالي (الطوارئ) لمستشفى "الرازي للأمراض النفسية والعقلية" تستقبل بصفة متواترة سجناء في حالة متقدمة من الإدمان تأتي بهم إدارة السجون من أجل مساعدتهم على تخطي المراحل الأولى لوقف التعاطي، مشيرة إلى أنّ العلاج يقتصر على بعض المهدئات والأدوية التي تساعد المدمن على النوم. وتقول زليلة إنّ المستشفى لا يؤوي السجناء المدمنين إلا بمقتضى قرار الإيواء الوجوبي الذي يقدّره القاضي، مشيرة في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أنّ أغلب المدمنين يكونون في وضع صحي ونفسي صعب نتيجة الآلام التي يخلفها التوقف عن تعاطي المخدرات، خصوصاً تلك التي تستخدم عن طريق الحقن والشم.
تضيف عضوة اللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان أنّ "الأعراض الانسحابية تدوم أسابيع يكون خلالها المدمن مجبراً على تحمّل آلام مبرحة لا تنفع معها المسكنات العادية"، لافتة إلى أنّ اللجنة طالبت باعتماد بروتوكولات علاجية معمول بها في مراكز المساعدة على الإقلاع عن تعاطي المخدرات تعتمد على عقار "ميثادون" لتجنيب السجناء الآلام الجسدية والنفسية، لكنّ تأخر المصادقة على مشروع قانون المخدرات لم يسمح للأطباء باعتماد هذا الصنف من العلاج.
تؤكد زليلة أنّ "ميثادون" عبارة عن دواء يجرى استخدامه لتسكين الآلام، فهو ينتمي إلى مجموعة العلاجات المُخدرة، كما يُستخدم أيضاً في علاج حالات متنوعة من الآلام، منها المتوسطة والشديدة، إذ يقوم بتثبيط كلّ مستقبلات الألم في الجهاز العصبي المركزي، لذلك يلجأ الأطباء إلى علاج إدمان المخدرات عن طريق هذا الدواء. لكنّها تعتبر أنّ المصادقة على مشروع قانون المخدرات يبقى الحل الجذري لكلّ قضايا الإدمان ومعالجتها، مؤكدة أنّ المشروع يتضمن فصولاً حول حق السجناء المدمنين في العلاج وبروتوكول مساعدتهم على التخلص من الإدمان، كما يحدد الأطراف المتدخلة، فضلاً عن اقتراح فتح مراكز إقليمية للمساعدة على الإقلاع عن المخدرات في محافظات عدة.
في غياب النص القانوني، تقول زليلة إنّ هناك مبادرات بين الإدارة العامة للسجون واللجنة الوطنية لمقاومة الإدمان لتكوين كوادر وأعوان (عناصر) السجون في طريقة الإحاطة بالسجناء المدمنين، لمساعدتهم في تخطي مراحل الأعراض الانسحابية بأخفّ الأضرار الجسدية والنفسية. ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2015 قدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون يتعلّق بالمخدرات، ودخل هذا النص التشريعي إلى النقاشات في صلب اللجنة في يناير/ كانون الثاني 2016 لكنّه لم يحظَ بإجماع النواب، إذ مثلت بعض فصوله نقاطاً إشكالية اختلفوا حولها، ولم يصلوا إلى توافق حول صياغة ترضي كلّ الأطراف. ويلزم القانون 52 المتعلق بالمخدرات الذي جرى تبنيه في 1992، المحاكم، بفرض عقوبة إلزامية بالسجن لمدة لا تقل عن سنة على كلّ من يُدان باستخدام أو حيازة مخدر غير قانوني، بما يشمل القنب الهندي.
ويؤكد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون والإصلاح، سفيان مزغيش، أنّ عدد المحالين إلى السجون في قضايا المخدرات في تراجع كبير منذ إقرار ظروف التخفيف على المتعاطين أول مرة، مؤكداً أنّ إقرار البرلمان القانون الجديد سيحدد مفاهيم جديد في التعاطي مع قضايا الإدمان. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ المؤسسة السجنية تعمل على الإحاطة بالسجناء المدمنين لمساعدتهم على الإقلاع بأخف الأضرار، مشيراً إلى أنّه منذ إغلاق مركز الأمل لعلاج المدمنين أصبحت إدارات السجون مجبرة على إحالة السجناء المدمنين الذي يستحيل علاجهم من قبل أطباء السجون إلى مستشفى الأمراض النفسية والعقلية الحكومي. ويلفت في السياق نفسه إلى أنّ مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة بصدد تطوير برنامج مع الإدارة العامة للسجون من أجل إحاطة أفضل بالسجناء المدمنين وتأهيلهم إلى فترة ما بعد السجن بطريقة تمنع عودتهم إلى المخدرات.
وتعاني المنظومة الصحية في تونس من قصور في مراكز العلاج من الإدمان الحكومية بعد إغلاق مراكز تابعة للجمعيات، كنتيجة لغياب الإمكانات، فيما يقتصر العلاج على القطاع الخاص الذي تظل كلفته عالية، ما يجعل النفاذ للعلاج صعباً للفئات الضعيفة والمتوسطة.