عُقدت جلسة جديدة للحوار الوطني اللبناني، ظهر اليوم الثلاثاء، من دون أن ينتج عنها أي حلول تتعلّق بالأزمات المتلاحقة في لبنان، ليتأكد أن آلية الحوار، التي أُنشئت في سبتمبر/أيلول الماضي، وكان على رأس جدول أعمالها الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهوريّة، تبدو اليوم أبعد ما تكون عن بحث هذا البند.
وبعد جلسات عديدة، بُحث فيها "صفات الرئيس"، طوي الملف لصالح أمور أكثر يوميّة، ويُفترض أن تقوم بها مؤسسات الحكم، أي الحكومة ومجلس النواب. غير أن تفعيل الحكومة يحتاج إلى "حوار وطني"، وعقد جلسة حكوميّة منتجة يبدو صعباً من دون بحث جدول أعمال هذه الجلسة في "حوار وطني".
وحتى قانون الانتخابات النيابيّة، التي يُفترض أن تبحث اللجان المشتركة عددا من مشاريع قوانينه المقترحة، أجّلت جلساتها الأخيرة بانتظار انعقاد طاولة الحوار الوطني.
وفي الجلسة الأخيرة للجان المشتركة، أعلن مقرر اللجان، النائب روبير غانم، إرجاء الجلسة إلى يوم غدٍ الأربعاء، مضيفا، في الجلسة التي عُقدت قبل نحو أسبوعين: "لا نريد أن نكذب على الناس. بالنتيجة القيادات السياسية هي التي تقرر واللجان النيابية تنفذ، ولذلك من الأفضل أن ننتظر ما سيطرأ في طاولة الحوار، على اعتبار أن قانون الانتخاب سيكون من صلب جدول أعمال طاولة الحوار، وإن شاء الله يتوصلون إلى توافق واتفاق حتى نستطيع أن نكمل في اللجان المشتركة ونقرّب وجهات النظر".
ولم يتفق المجتمعون في الحوار على قانون انتخابات جديد، ما يعني أن جلسة اللجان المشتركة غداً ستكون مضيعة للوقت، ولتسجيل الأهداف الإعلامية من على منبر مجلس النواب.
وقرر المجتمعون عقد ثلاث جلسات متتالية للحوار في 2 و3 و4 أغسطس/آب المقبل، وذلك "لبحث القضايا العالقة من عمل الحكومة إلى تفعيل عمل مجلس النواب"، بحسب ما ذكر عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" (كتلة "حزب الله" النيابية)، النائب علي فياض. ولفت فيّاض إلى أنه مع "عدم أو تعذر الاتفاق على قانون مشترك، تم الاتفاق على البحث مجدداً في السلة المتكاملة".
وستُعقد خلوة حواريّة، يُشبهها مقربون من رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بـ"دوحة لبناني"، وهو ما يُشير إلى اتفاق الدوحة الذي حصل عام 2008، بعد اجتياح "حزب الله" بيروت في مايو/أيار، فيما سُمي بأحداث السابع من مايو/أيار. وقد اتُفق، حينها، على اعتماد قانون الستين الانتخابي، وانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً للجمهوريّة، وآليّة لتشكيل الحكومة.
وكان لافتاً تنبيه بري بعد الجلسة إلى أن "الناس ستنزل إلى الشوارع إذا أجريت الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين"، وشدّد على رفضه تمديدا جديدا لولاية مجلس النواب، إذ قال: "لا تفكّروا بعد اليوم في التمديد".
وكان رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، قد طرح على طاولة الحوار إنشاء مجلسٍ للشيوخ، وانتخاب أعضائه على أساس القانون الأرثوذكسي (كل مذهب ينتخب ممثليه)، وإلغاء القيد الطائفي في مجلس النواب، على أن يُنتخب نوابه على أساس الدوائر الفردية.
وطاول البحث، أيضاً، ملف استخراج الغاز من البحر، خصوصاً مع تأخّر الإجراءات اللبنانيّة، وإمكانية أن تبدأ إسرائيل باستخراج الغاز من الحقول المشتركة. ولفت وزير الخارجيّة، جبران باسيل، بعد اجتماع الحوار، إلى أنه "لا يمكن لإسرائيل أن تمد يدها على نفطنا، وقد تأخرنا في إقرار مراسيم النفط، لكن اليوم أفضل من الغد".