لم يعد الوزير السابق ميشال سماحة "المنظّر المدلَّل" لدى فريق الثامن من آذار في لبنان. سماحة، مستشار الرئيس السوري بشار الأسد، تحوّل إلى "رجل منبوذ" بالنسبة لفريقه السياسي بعدما اعترف بنقل "متفجرات والتحضير لأعمال إرهابية" في لبنان، وذلك من مكتب مدير مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، وهو ما اعتُقل بسببه "بالجرم المشهود" في أغسطس/ آب 2012. الأهم أن الوزير والنائب السابق اعترف أن مملوك كان يعلم أن مدير مكتبه قد وضع المتفجرات في سيارة سماحة وهو ما برره المتهم بالقول إنه استدرج إلى هذا لنقل المتفجرات ومبلغ 170 ألف دولار، واعتذر من مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار والنائب خالد الضاهر اللذين كانا مستهدفين بمخططات مملوك ــ سماحة.
هذا الاعتراف الواضح والصريح من قبل سماحة، دفع كثيرين في فريقه السياسي إلى التنكّر له. وبدت اعترافات سماحة مؤذية لفريقه السياسي المحسوب على النظام السوري، إلى درجة أنّ نظرية المؤامرة باتت رائجة بين أصدقائه السابقين. ويتهم أحد المعنيين بملف سماحة في فريق 8 آذار، في حديث إلى "العربي الجديد"، الوزير السابق بأنه عقد صفقة مع "الفريق الآخر" بهدف الخروج من السجن بأسرع وقت، مقابل توريط مملوك بهذا الملف. لا يُنكر هذا المعني أن مملوك كان على علم بنقل المتفجرات، لكنه يعتبر أن سماحة تصرف "بضعف وجبن في المحكمة وعقد الصفقة ليُحكم عليه بنحو ثلاث سنوات سجناً، وهي مدة أمضاها سماحة في السجن، فيخرج قريباً". ويلفت هذا المصدر إلى أنّ سماحة رفض أن يُصرّ محاميه على إحضار مخبر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ميلاد كفوري، الذي سجّل بالصوت والصورة نقل سماحة للمتفجرات وتسلمها منه، كما أنه "أدخل مملوك في القضية وكان يُمكن أن يُخرجه منها". ومملوك ليس تفصيلاً، "فهو الرجل الثالث في النظام السوري لناحية الأهميّة بعد بشار وماهر الأسد" كما يقول المصدر.
اقرأ أيضاً: علي مملوك على قائمة التصفية؟
ولأن نظرية المؤامرة متعددة الجنسيات بتعريفها، يقول مصدر آخر في قوى الثامن من آذار، إن "الصفقة التي عقدها سماحة تمت بمباركة من الاستخبارات الفرنسيّة التي تربطها بسماحة علاقة قوية". وأضاف أن سماحة "سيُغادر لبنان فور إطلاق سراحه، لأنه يخشى على وضعه الأمني"، علماً أن وزير العدل أشرف ريفي سبق أن كشف، منذ حوالي شهرين، عن إحباط مخطط سوري لتصفية سماحة داخل سجنه. أمّا عن سبب الاهتمام المزعوم للفرنسيين بهذه الصفقة، فيقول الرجل إن "هناك دوراً ما لسماحة بعد خروجه من السجن، وسيستفيد منه الفرنسيون في مكان ما في مواجهة النظام السوري".
في المقابل، يعلّق مصدر أمني لبناني (قريب من فريق 14 آذار)، يتابع ملف سماحة من كثب، أن الأخير لم يعقد صفقة مع أحد، بل إن الوقائع أجبرته على الاعتراف، ويُضيف: "الجميع يعرف أننا لا نملك تأثيراً على المحكمة العسكرية". لكنه يضع كلام المؤامرة والصفقة في سياق التحضير لاغتيال سماحة، "وما أعلنه وزير العدل (أشرف ريفي) كان صحيحاً، النظام السوري حاول اغتيال سماحة".
اقرأ أيضاً: ميشال سماحة... صبي البعث البار
لكن لماذا؟ يعتقد المصدر الأمني بأن "العمليّة الأمنيّة التي اعتقل سماحة بموجبها، لم تكن الأولى له، وهو متورّط بملفات كثيرة مثلها، ومن أبرزها محاولة اغتيال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عام 1983، والتي ذُكرت تفاصيلها ودور سماحة فيها في كتاب "كوبرا" الذي أعده مرافق إيلي حبيقة" (أحد رموز الحرب الأهلية والمتهم الرئيسي بمجازر صبرا وشاتيلا وتم اغتياله في ضاحية بيروت الشرقية عام 2002).
اقرأ أيضاً: ميشال سماحة... صبي البعث البار
لكن لماذا؟ يعتقد المصدر الأمني بأن "العمليّة الأمنيّة التي اعتقل سماحة بموجبها، لم تكن الأولى له، وهو متورّط بملفات كثيرة مثلها، ومن أبرزها محاولة اغتيال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عام 1983، والتي ذُكرت تفاصيلها ودور سماحة فيها في كتاب "كوبرا" الذي أعده مرافق إيلي حبيقة" (أحد رموز الحرب الأهلية والمتهم الرئيسي بمجازر صبرا وشاتيلا وتم اغتياله في ضاحية بيروت الشرقية عام 2002).
المثير في هذا السياق، أن محاولة الاغتيال هذه، شُملت بقانون العفو الصادر بعد انتهاء الحرب الأهليّة، لكن هذا القانون ينص على أن العفو يسقط عن الأشخاص الذين يثبت تورطهم في قضايا أخرى بعد الحرب. وبالتالي، كان يُمكن التحقيق مع سماحة في هذا الملف، وخصوصاً أنه كان "في حالة نفسية تدفعه للاعتراف بكلّ ما يعرفه، لكننا لم نستطع أن نُحقق معه لأكثر من أربعة أيّام، إذ ألزمنا وزير العدل آنذاك شكيب قرطباوي (المحسوب على فريق ميشال عون) الالتزام بمدة الـ 48 ساعة التي يحق لنا تمديدها مرة واحدة فقط، قبل الإحالة إلى القضاء، رغم أن هذا الملف يُعد جريمة إرهابيّة، وفي الجرائم الإرهابيّة يُترك المتهمون لفترات أطول، وأحياناً تُحقق استخبارات الجيش لأسابيع قبل إحالة المتهمين إلى القضاء"، يقول المصدر الأمني.
أكثر من ذلك، يكشف المصدر الأمني أن المحققين مُنعوا من تصوير المتفجرات التي كان ينقلها سماحة من سورية، واعتبارها جزءاً من الأدلة، لذلك قام اللواء وسام الحسن (رئيس فرع المعلومات واغتيل بعد نحو شهرين على توقيف سماحة في أكتوبر/تشرين الأول 2012) بتسريب التحقيق إلى الصحافة بهدف وضع الجميع أمام مسؤولياته أمام الرأي العام اللبناني". إذاً، هذه الأسباب تدفع النظام السوري إلى العمل على اغتيال سماحة، لأنه بات خطرا على النظام بحسب المصدر الأمني.
أمّا في ما يخص علاقة غزالي بالحسن، فيقول المصدر إن العلاقة بدأت عندما أرسل فرع المعلومات، عبر رئيس الجمهوريّة اللبنانية السابق ميشال سليمان، معلومات للرئيس السوري بشار الأسد عن شبكات تجسس إسرائيليّة في سورية، "حينها طلب الأسد من غزالي متابعة الملف مع الحسن".
ويُضيف أن العلاقة توطدت أكثر عندما كلّف الحسن وغزالي تنسيق زيارة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى سورية عام 2009، "وشخصية الحسن كانت أقوى بكثير من شخصية غزالي". ويلفت المصدر الى أن غزالي كان يملك الكثير من الملفات التي تهم المحكمة الدوليّة الخاصة باغتيال رفيق الحريري "وقد يكون سلّم المحكمة هذه الملفات أو لم يُسلّمها، لكنه واحد من الضباط السوريين الذين كانوا يسعون لنيل حصانة المحكمة الدوليّة وحمايتها مقابل وضع ما يملكونه من معلومات وأدلّة تحت تصرف المحكمة، لكن المحكمة وحدها تملك حقيقة هذا الأمر".
اقرأ أيضاً: رستم غزالي... نهاية رجل المهمات الرخيصة
ويُضيف أن العلاقة توطدت أكثر عندما كلّف الحسن وغزالي تنسيق زيارة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى سورية عام 2009، "وشخصية الحسن كانت أقوى بكثير من شخصية غزالي". ويلفت المصدر الى أن غزالي كان يملك الكثير من الملفات التي تهم المحكمة الدوليّة الخاصة باغتيال رفيق الحريري "وقد يكون سلّم المحكمة هذه الملفات أو لم يُسلّمها، لكنه واحد من الضباط السوريين الذين كانوا يسعون لنيل حصانة المحكمة الدوليّة وحمايتها مقابل وضع ما يملكونه من معلومات وأدلّة تحت تصرف المحكمة، لكن المحكمة وحدها تملك حقيقة هذا الأمر".
اقرأ أيضاً: رستم غزالي... نهاية رجل المهمات الرخيصة