بعد المعالجة الأمنيّة لحالة الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية في لبنان، بدأت المعالجة الإنسانية والقانونية بهدف احتواء ردة فعل الأهالي، وعدم السماح بتطورها. ويقول مصدر إسلامي متابع لملف الموقوفين الإسلاميين، لـ"العربي الجديد"، إن سلسلة اتصالات وزيارات سياسية نجحت في "معالجة الملف من زوايا إنسانية وصحية".
يؤكد المصدر أن "زيارة وفد من الصليب الأحمر للسجن، يوم الإثنين، رافقه وفد طبي مؤلف من عشرين طبيبا اطّلعوا على الحالة الصحية للموقوفين، على أن يتبعهم وفد آخر مؤلف من أطباء اختصاصيين". يضيف المصدر الإسلامي، الذي اطّلع على تقارير الأطباء، أن "أغلب الإصابات ناتجة عن مضاعفات لأمراض سابقة، وبعضها أتى نتيجة استخدام الرصاص المطاطي، لكن لم تستوجب أية حالة نقلها إلى المستشفى سوى سجين واحد مصاب بشلل نصفي من قبل وعرض عليه الأطباء نقله لكنه رفض".
أتت زيارة الوفود الطبية بعد السماح للأهالي بإدخال ملابس للموقوفين، بعد اتهام الأهالي سلطات السجن بإبقائهم بالثياب الداخليّة فقط لنحو 48 ساعة. يرفض المصدر "المبالغة في وصف حالة السجناء السيئة، لا سيما أن وزير العدل، أشرف ريفي، أكد توقيف عدد من الضباط والعناصر الذين ارتكبوا تجاوزات بحق الموقوفين أثناء العملية".
تحدث ريفي خلال زيارة قام بها الشيخ، سالم الرافعي، على رأس وفد من الإسلاميين (الموقوفين سابقاً) المتابعين للملف. ونقل زوار ريفي عنه تأكيد ما أعلنه وزير الداخلية عن "استكمال ترميم المبنى (ب) المخصص للإسلاميين خلال ثلاثة شهور". ويضيف المصدر نفسه أن ريفي وعد بـ"إمكانية إعادة السجناء إلى المبنى (ب) على دفعات شهرية بعد الانتهاء من ترميم كل طابق على حدة". كما "أبلغنا ريفي بقرار استحداث هواتف ثابتة متابعة أمنياً تسمح بتواصل السجين مع ذويه بعد الانتهاء من مرحلة الهواتف الذكية بشكل نهائي".
يقيم الموقوفون الآن في المبنى "د"، وهو مبنى "تأديبي" يمنع فيه إدخال الطعام من خارج السجن، ومغادرة الغرف. كما يمنع السجناء من اقتناء كتب أو مشاهدة التلفزيون أو الاستماع للردايو. تشكل تلك الامتيازات جزءاً بسيطاً مما تمتع به عدد من الموقوفين في السجن، ويرغب أهاليهم بعودتها قريباً.
وقد ترافق الإعلان عن انتهاء العملية الأمنية في سجن رومية مع موجة قلق اجتاحت الأهالي. اطّلع هؤلاء على صور سرّبها الموقوفون قبل مصادرة الهواتف النقالة التي كانت بحوزتهم. وضاعفتها الشهادات التي نقلها عدد من الأهالي الذين زاروا السجن بعد يوم واحد على العملية. انتقلت الشهادات من خلال رسائل صوتية مسجلة لعدد من السيدات نقلن ما شاهدن في رومية: "السجناء بلا ملابس منذ أيام. بعض الأهالي لم يتعرفوا على أبنائهم من كثرة الكدمات على وجوههم. عدد من الشباب غير قادر على الحركة". كانت تلك المشاهدات كافية لدفع الأهالي للاعتصام في مدينة طرابلس شمالي لبنان. ينتمي أغلب الموقوفين إلى منطقة الشمال اللبناني، فاقتصرت حركة الأهالي على طرابلس. قاد التحركات الشيخ محمد إبراهيم (المنتمي لحزب التحرير)، وهو يؤكد لـ"العربي الجديد" أن الأهالي "تحركوا بعد الصور التي شاهدوها لأبنائهم، فقررنا الضغط من خلال الاعتصامات".
في مقابل الضغط الذي مارسه الأهالي، يشير المصدر الإسلامي إلى أن "ما تحقق من إيجابيات كان نتيجة الزيارات وليس الاعتصامات". كما يتحدث المصدر عن عرقلة زيارة وفد من العلماء إلى السجن، قد يكون سقف الخطابات العالي في الاعتصامات السبب وراء ذلك.