استيقظ اللبنانيون اليوم وهم باتوا جزءاً من التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب. دوائر وزارة الخارجية اللبنانية صامتة ولا علم لها بأي اتصالات تمّت في هذا الإطار، فتركّزت الأنظار على السرايا الحكومية ورئيس مجلس الوزراء، تمام سلام، الذي مضى في هذه الخطوة.
وتشير أوساط سلام لـ"العربي الجديد" إلى أنّ القيادة السعودية تواصلت مع رئيس الحكومة ووضعته في أجواء الفكرة السعودية الجديدة وسألته عن موقف لبنان، "فكان الجواب إيجابياً لناحية انضمام لبنان الذي يواجه الإرهاب منذ أكثر من عقد ونصف العقد". وتضيف الأوساط نفسها أنّ "الدولة اللبنانية والرئيس سلام لا يفوّتان أي مناسبة للدعوة إلى حشد الجهود لمكافحة الإرهاب"، وبالتالي جاء التحالف السعودي في وقت مناسب" في حين لدينا جنود مخطوفون لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتقوم الأجهزة الأمنية يومياً بتوقيف إرهابيين، أي نحن في حرب مع الإرهاب"، وفق نفس المصادر. ويشدّد المحيطون بسلام لـ"العربي الجديد" على أنّ الانضمام إلى المبادرة السعودية "موقف مبدئي أولاً، والمبادرة بحاجة للكثير من الخطوات التنفيذية كإنشاء غرفة عمليات موحّدة وتنسيق الخطوات وغيرها".
وقد أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً بعد ظهر الثلاثاء، نفت فيه علمها "لا من قريب ولا من بعيد بإنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب ولم يتم التشاور معنا لا خارجياً كما تفرضه الأصول ولا داخلياً كما يفرضه الدستور". ويشكل هذا البيان حلقة إضافية من مسلسل تخبط السياسة الخارجية اللبنانية، وأيضاً لمسلسل الخلاف بين رئيس الحكومة تمام سلام، و"تكتل التغيير والإصلاح" الذي يتولى أحد ممثليه في الحكومة، الوزير جبران باسيل، حقيبة الخارجية.
في المضمون لا يمكن لأي طرف لبناني أو غير لبناني أن يقف في وجه هذه المبادرة، باعتبار أنّ "داعش" وأخواته من الحركات المتطرّفة باتت هدفاً أساسياً في الحرب الدائرة على المنطقة. لكن المبادرة السعودية جاءت مقرونة بصفة "التحالف الإسلامي"، وهو ما ترك العديد من علامات الاستفهام لدى اللبنانيين، على أعتبار أنّ الدستور اللبناني ووثيقة الميثاق الوطني يؤكدان على أنّ لبنان "ذو وجهين، إسلامي ومسيحي". لكنّ موظفين في وزارة الخارجية اللبنانية وفي السرايا الحكومية أكدوا لـ"العربي الجديد" أنّ "الدولة اللبنانية عضو في منظمة التعاون الإسلامي من دون أن يؤثّر ذلك في دستوره وهويته".
ويبقى هذا النقاش مفتوحاً طالما أنّ "حزب الله" لم يعلّق بعد على انضمام لبنان إلى هذا التحالف، على اعتبار أنّ السعوديين وضعوه على لائحة الإرهاب، وهو ما من شأنه أنّ يعقّد الأمور قليلاً لجهة الموقف الرسمي اللبناني. ولن يكون موقف الحزب من هذه الخطوة سوى مؤشر لقرار الحزب بأي اتجاه يريد أخذ البلد واللبنانيين، فإذا أراد معركة في الداخل سيكون هذا الملف حاضراً لإطلاقها، وإذا كان قرار الحزب التهدئة فتمرّ مسألة التحالف بسلاسة. مع العلم أنّ وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، وهو حليف حزب الله سبق وأعلن انضمام لبنان إلى التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب وعاد وتراجع عن موقفه نتيجة مواقف حزب الله الداخلية.