اجتمعت الأحزاب والكتل النيابية اللبنانية (باستثناء القوات اللبنانية) على طاولة الحوار الوطني لأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة لتكرّر المواقف نفسها حول ملف الشغور الرئاسي المستمر منذ مايو/ أيار 2014. وحصل الإجماع الوحيد في الجلسة الحوارية الأولى على تحديد يوم الأربعاء المقبل، 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، موعداً للجلسة الثانية لاستكمال النقاش العقيم نفسه حول الرئاسة. انتقل التباين والاختلاف في وجهات النظر من الشارع والمنابر الإعلامية إلى داخل مبنى البرلمان الذي يرعى رئيسه، نبيه بري، مهمة جمع الأقطاب والكتل النيابية في محاولة حوارية تتكرّر للمرة الثالثة منذ عام 2006.
اقرأ أيضاً: السلطة اللبنانية ترتّب بيتها لمواجهة الحراك بـ"حكومة" زعماء طوائف
تصف مصادر وزارية لـ"العربي الجديد"، أجواء الجلسة الأولى بـ"الطبيعية"، حيث إنّ أكثر المتفائلين لم يكن يتوقّع أكثر من المجريات التي حصلت لجهة التشدّد المستمرّ في مواقف كل الكتل والمشاركين. وكان لافتاً الردود والردود المضادة بين رئيس كتلة المستقبل، النائب فؤاد السنيورة، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، ما عكس فعلياً أجواء التشنّج والاختلاف الحاصلين على الساحة السياسية. وانشغل بري أكثر من مرة في محاولة إطفاء الحدة بين السنيورة وعون. فلدى إشارة الأخير إلى أنّ "ثمة من يمنع انتخاب الرئيس الأكثر تمثيلاً وقوة"، ردّ السنيورة مشيراً إلى إسقاط عون وحليفه حزب الله زعيم المستقبل سعد الحريري من رئاسة الحكومة في شباط/ فبراير 2011. ولدى اتهام عون السياسيين بخرق الدستور والميثاق والقوانين من خلال التمديد لمجلس النواب "غير الشرعي" والموظفين في الدولة، ردّ السنيورة من جديد لافتاً إلى محاولة البعض "فرض الفراغ وتفريغ الدولة من المؤسسات". واستكمل السنيورة كلامه مشيراً إلى أنّ "قواعد اللعبة السياسية تقول إنّ من يربح يحكم"، وهو المنطق الذي ترفضه قوى 8 آذار (حزب الله وعون وغيرهم)، وليعود ويكرّر أكثر من مرة أنّ موقع رئاسة الجمهورية ليس كأي موقع دستوري آخر "إذ لا يمكن لأحد إسقاطه، وهو رمز وحدة البلد وبالتالي يتطّلب شخصية توافقية قادرة على التواصل مع الجميع لملء الشغور فيه". استمرّت مداورة الكلام على طريقة كرة المضرب بين الرجلين، من دون "زيادة أو نقصان على مواقفهما"، ليتدخل بري ويعطي الكلام لغيرهما من المشاركين.
ووصف الوزير رشيد درباس، الذي شارك في الحوار كمعاون لرئيس الحكومة تمام سلام، جلسة الحوار الأولى بأنها "فتحت الآفاق، ولو أنّ الآفاق غير مفتوحة"، وهي عبارة يمكن أن تلخّص طاولة الحوار وكل جلساتها اللاحقة. لكن أجواء بري نقلت عنه إصراره على متابعة هذه الجهود، وهو ما يضعه المعنيون في إطار ملء الشغور السياسي في البلد أكثر منه محاولة لملء الشغور الرئاسي. أما "حراك بيروت"، فاستمر في الشارع وواجه مواكب المتحاورين بالبيض والخضار، من دون أن يكون لاعتصامات ناشطيه أي آذان صاغية بين أصحاب الحوار.
اقرأ أيضاً: حراك بيروت: بيض وطماطم في استقبال المشاركين بـ"حوار الكتل"