مرّ شهر على انتهاء اشتباكات طرابلس (شمال لبنان) بين الجيش اللبناني ومجموعات إسلامية متشددة، يُعتقد أنها تنتمي لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة"، ولا تزال تداعيات هذه الاشتباكات قائمة. لم تُدفع التعويضات للمتضررين بعد، خصوصاً أن الاشتباكات حصلت في أسواق طرابلس القديمة، وفي باب التبانة أكثر حي شعبي مكتظ في المدينة. وبعد شهر، لم يُعرف مصير المجموعة التي فتحت الاشتباك في الأسواق القديمة، كذلك بقي مصير الشيخ خالد حبلص، الذي قاد اشتباكات المنية (شمال لبنان) مع الجيش في الفترة عينها مجهولاً.
واستجد في الأيام الماضية الحديث عن انتقال أحد المتهمين بالمسؤولية عن اشتباكات باب التبانة والانتماء إلى "جبهة النصرة"، وهو شادي المولوي، من طرابلس إلى أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين، وهو عين الحلوة الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان. تُذكر هذه الأحداث بقائد "فتح الإسلام" شاكر العبسي، الذي فرّ مع عشرات من مسلحي التنظيم من مخيم نهر البارد، على الرغم من أن الجيش حاصر المخيم، ولم يُعرف مصيره بعد (اشتباكات نهر البارد عام 2007) وبالشيخ أحمد الأسير (اشتباكات عبرا في يونيو/حزيران 2013). بات الأمر أشبه بـ"بسحرٍ، أو ساحر يُخرج المطلوبين من أوكار إلى أماكن آمنة" كما يتهكّم أحد الطرابلسيين على هروب المولوي.
واستجد في الأيام الماضية الحديث عن انتقال أحد المتهمين بالمسؤولية عن اشتباكات باب التبانة والانتماء إلى "جبهة النصرة"، وهو شادي المولوي، من طرابلس إلى أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين، وهو عين الحلوة الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان. تُذكر هذه الأحداث بقائد "فتح الإسلام" شاكر العبسي، الذي فرّ مع عشرات من مسلحي التنظيم من مخيم نهر البارد، على الرغم من أن الجيش حاصر المخيم، ولم يُعرف مصيره بعد (اشتباكات نهر البارد عام 2007) وبالشيخ أحمد الأسير (اشتباكات عبرا في يونيو/حزيران 2013). بات الأمر أشبه بـ"بسحرٍ، أو ساحر يُخرج المطلوبين من أوكار إلى أماكن آمنة" كما يتهكّم أحد الطرابلسيين على هروب المولوي.
تؤكّد استخبارات الجيش اللبناني أن المولوي موجود في المخيم، مثل العديد من المطلوبين، والذي قد يكون أبرزهم إعلامياً، الفنان السابق فضل شاكر الذي قاد إلى جانب الشيخ الفار أحمد الأسير مجموعة مسجد بلال بن رباح في عبرا (شرق صيدا). السؤال الأساسي الذي تطرحه الفصائل الفلسطينيّة، قبل تأكيد أو عدم تأكيد وجود المولوي في المخيم هو: "كيف وصل شادي المولوي من طرابلس إلى عين الحلوة"؟ بحسب ما يسأل أحد المسؤولين الفلسطينيين في لبنان. سؤال شرعي باعتبار أن الإجراءات الأمنيّة على طول الخط الساحلي مشددة، خصوصاً حول طرابلس وصيدا، اللتين تعيشان في مناخ أمني متوتر في الأيام الأخيرة، نتيجة مداهمة منازل العديد من "إخوة" الأسير.
وبحسب المصادر الأمنية الرسميّة، فإن "جماعة الأسير" تعمل بشكلٍ جدي للقيام بسلسلة "من الأعمال الإرهابية، لكن تم إحباط معظمها". وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنه قبل عام تقريباً (19 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، تم استهداف السفارة الإيرانيّة في بيروت، عبر انتحاريين من سكان صيدا، ومن أتباع الأسير. ولذلك كان التخوّف الأمني من حصول أعمال أمنيّة في ذكرى تلك العملية. يرفض مسؤولون في استخبارات الجيش الكشف عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بالاعتقالات، التي جرت أخيراً، لعدد من أنصار الأسير، لكن مصادر أمنيّة تؤكد وجود ترابط بين هؤلاء وكتائب عبدالله عزام، وهي الجناح اللبناني لتنظيم "القاعدة".
في العودة لقضية المولوي، تشير مصادر طرابلسيّة إلى أن الأخير انتقل إلى عين الحلوة منذ نحو عشرة أيّام، وذلك بعد أن نال تعهّداً بوجود طريق آمن له، "لأن ثمة من رغب في تخفيف حدة الاحتقان في طرابلس من دون الإنهاء على المولوي". اللافت، أن المولوي أصدر بياناً منذ نحو عشرة أيّام اتهم فيه مشايخ من طرابلس بـ"التبعية للأجهزة الأمنية والتخلي عن المجاهدين". وتبيّن لاحقاً أن هذا البيان صدر بعد وصوله إلى عين الحلوة. المثير للاهتمام، أن هناك مسؤولين في أجهزة أمنيّة لبنانيّة في طرابلس، لا يزالون يُرددون أن المولوي لا يزال في المدينة!
إذاً، جاء انتقال المولوي إلى المخيم ليُعيد فتح نقاش داخل لبنان عن تحوّل عين الحلوة إلى مأوى "للمطلوبين للقضاء اللبناني" وخصوصاً الإسلاميين منهم. ويترافق هذا النقاش مع سلسلة اتهامات إعلامية للمخيم بأنه تحوّل إلى مقر للمتشددين الإسلاميين.
لكن الرجل لا يعتقد بأن الأجهزة الرسميّة اللبنانيّة جدية في توقيف مولوي، إذ يسأل: "هل هم جديون في توقيفه؟ وإذا كانوا كذلك، لماذا لم يتم اعتقاله خلال انتقاله من طرابلس إلى صيدا". ويعتقد هذا المسؤول الفلسطيني، أن "الدولة اللبنانيّة تسعى إلى التغطية على أحداث أخرى، عبر افتعال نقاش إعلامي حول عين الحلوة". فبرأيه ثمة مشكلة لم تُحلّ بعد في صيدا، و"عمرها من عمر اشتباكات عبرا بين الأسير والجيش"، سائلاً عن أسباب عدم تدخل المسؤولين السياسيين في صيدا لحلّ هذه المشاكل كما حصل في طرابلس. أم أنّ المطلوب "ترك الأوضاع المتوترة على حالها ورمي المسؤوليّة على الفلسطينيّين، خصوصاً أن أبناء صيدا المطلوبين يهربون باتجاه المخيم"؟
يتوافق هذا الكلام مع كلام لمسؤول في فصيل آخر. ويُشير الاثنان إلى أن للفلسطينيين قيادة سياسيّة وعسكرية موحّدة وهي على تنسيق تام مع أجهزة الدولة، ومستعدة للتعاون، "لكن التعاون يكون بالتواصل المباشر وليس عبر وسائل الإعلام" في إشارة إلى تسريب خبر وجود المولوي في المخيم، قبل إبلاغ الفصائل رسمياً بالأمر.
يُصرّ الفلسطينيون على أنهم لم ينجروا إلى الصراع الداخلي اللبناني، وأنهم لن يكونوا طرفاً، وسيحرصون على حماية الجيش، "ولمن نسي، نُذكر الجميع كيف أن سيارات إسعاف خرجت من مخيم نهر البارد شمال لبنان، لتسعف جرحى الجيش في اشتباكات المنية، بسبب عدم قدرة سيارات الإسعاف التابعة للجيش على الوصول".