ومع دخول الأزمة يومها الثاني، تراجعت احتمالات اعتذار باسيل عن تسريب تسجيلات يصف فيها بري بـ"البلطجي" و"عديم الفهم" و"الوقح" خلال لقاء انتخابي في مسقط رأسه، البترون، شمالي لبنان، وذلك بعد أن هجم أنصار بري على المركز الرئيسي لـ"الوطني الحر" في منطقة سن الفيل، شمالي بيروت، في خطوة نقلت الصراع من كونه سياسياً إلى طابع مناطقي وطائفي، بسبب التقسيم المذهبي للمناطق اللبنانية.
وعزز هذا التحرّك موقف باسيل في رفض الاعتذار، والاكتفاء بإبداء "الأسف" الذي نقلته عنه إحدى الصحف المحلية، أمس الإثنين، إلا أن خيار المواجهة التي انتهجته "حركة أمل" منذ يوم أمس، استمر اليوم مع تأكيد كتلة "التنمية والتحرير" (كتلة أمل النيابية) أن السقف المطلوب من باسيل يتجاوز الاعتذار العلني إلى استقالته من الحكومة.
وقال النائب أنور الخليل، الذي تحدث بعد اجتماع الكتلة، ظهر الثلاثاء، إن "مواقف وزير الخارجية جبران باسيل من شأنها أن تعمق الانقسام الطائفي وتعرقل منطق الدستور"، موضحاً أنها "عرقلت وتهدد الاستقرار والسلم الأهلي والأمر لا يستقيم بالاعتذار بل بمراجعة منهجية لشخصية لا مكان لها في زمن السلم".
وتوجّه الخليل لباسيل قائلاً: "أين كنت عندما كان الرئيس بري يطفئ نار الحرب الأهلية في لبنان؟" قبل أن يضيف "استقل قبل الغد فالاعتذار لا ينفع، والتطاول على رئيس مجلس النواب نبيه برّي لن يمر".
وعلى الصعيد الشعبي تكررت الدعوات من قبل أنصار بري للتجمع بعد ظهر اليوم والقيام بالمزيد من الحركات الاحتجاجية للضغط على باسيل.
من جهته، اعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، أن ما حدث بالأمس في الشوارع "خطأ بُني على خطأ"، ودعا القوى السياسية إلى "منع تحول الخلافات السياسية إلى خلافات شخصية" و"الارتقاء إلى مستوى المسؤولية وعدم التفريط بالإنجازات التي تم تحقيقها خلال العام الماضي".
وقال عون في بيان أصدره اليوم الثلاثاء، إن "ما حدث أساء إلى الجميع وأدى إلى تدني الخطاب إلى ما لا يليق باللبنانيين"، وتابع أنه ومن "موقعه الدستوري والأبوي" فإنه "يسامح جميع من تعرض له ولعائلته".
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد أكد على أهمية الاستحقاق الانتخابي المقبل، وشدد خلال لقائه الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، على "أنه لن يسمح بشيء يهدّد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين". وقال بري للصحافيين: "لست خائفا على الانتخابات". واعتبر رئيس الحكومة السابق تمام سلام، بعد لقاء بري، أن "المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد تتطلب بذل جهود مشتركة لوضع الأمور في نصابها والاعتذار أمر مستحق".
ومع ارتفاع منسوب الخطابين المذهبي والسياسي في الخلاف، لا تزال آمال نجاح كل من "حزب الله" ورئيس الحكومة سعد الحريري، في احتواء الموقف قائمة ولكنها غير مُشجعة، وذلك بسبب حالة المشهد السياسي الداخلي، مع تشابك خلافات "أمل" و"الوطني الحر" في مُختلف الملفات، ووجود استحقاقين على المحك، وهما توقيع اتفاقيات النفط في التاسع من الشهر المُقبل، والانتخابات النيابية في أول أسبوع من مايو/أيار المقبل.