تخوض الدولة اللبنانية صراعاً دبلوماسياً مع إسرائيل، بعد ادعاءات الاحتلال بامتلاك حقوق سيادية على جزأين من حقلين نفطيين بحريين يقعان في مياه البحر المتوسط جنوبي لبنان وشمالي فلسطين المُحتلة.
وسارعت إسرائيل إلى محاولة فرض نهجها العدواني بعد إصدار "هيئة المسح الجيولوجي الأميركية" في عام 2010 تقريراً قدّر احتياطات الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط بنحو 122 تريليون قدم مكعّبة ونحو 1.7 مليار برميل من النفط.
وبعد ثماني سنوات من النشاط القانوني والإداري والإنشائي في كل دول حوض البحر المتوسط لإطلاق عمليات الاستخراج، ظهر وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، قبل أسابيع، بمظهر "الشرطي السيئ" الذي هدّد بشن حرب نفطية على لبنان، بعد ادعائه سلطة إسرائيل على حقلين نفطيين وثّق لبنان ملكيّته لهما عبر مراسلات مع الأمم المتحدة، بينما لعب وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، دور "الشرطي الطيب" وطرح الخيار الدبلوماسي لحل الأزمة المُفتعلة مع لبنان.
يعود الخلاف البحري بين لبنان وإسرائيل إلى تسجيل فرق جغرافي بين الترسيمين اللبناني والإسرائيلي للحدود البحرية، تبلغ مساحته نحو 860 كيلومتراً مربعاً. داخل هذه المنطقة تقع أجزاء من الحقلين اللبنانيين رقم 8 و9 الواعدين نفطياً.
اقــرأ أيضاً
معلوم أن لبنان رسّم حدوده البحرية عام 2011، وتم تقسيم المنطقة الاقتصادية الخاصة به إلى 10 حقول "بلوكات"، بعد مراعاة العاملين التجاري والسيادي لجدوى هذا التقسيم.
وقد سارع لبنان إلى الحفاظ على حقه في البلوك رقم 9 أمام إسرائيل، على الرغم من التأخير الكبير في إقرار المراسيم النفطية بسبب الخلافات السياسية التي أجّلت الخطوات العملية للاستكشاف والاستخراج من عام 2013 حتى 2019. لكن المطامع الإسرائيلية تواصلت.
ويشير رئيس مجلس النواب نبيه بري، منذ بدء الأزمة قبل أسبوعين، إلى أن "التصويب الإسرائيلي يتركز على الحقل رقم 8 لأنه الأكثر وفرة بالنفط من الحقل رقم 9".
كذلك تؤكد مصادر سياسية وأمنية لبنانية مُتقاطعة أن "العدو الإسرائيلي يحاول مساومة لبنان بين سيادته على مياهه الإقليمية وحقوقه النفطية وبين سيادته على أراضيه الحدودية التي يحاول الاحتلال بناء جدار أمني عليها".
تنشط على خط هذه الأزمة وساطة أميركية تبدو أقرب إلى الموقف الإسرائيلي منها إلى الصف اللبناني.
ويستند الجهد الأميركي إلى وساطة سابقة للدبلوماسي، فريدريك هوف، الذي درس الملف الحدودي وخرج بخلاصة أن للبنان الحق في أكثر من 500 كيلومتر مربع من أصل 860 كيلومتراً.
وهو ما يعني عملياً انتزاع نصف المساحة المائية السيادية والاقتصادية للبنان وتسليمها إلى إسرائيل. وهو ما يرفضه لبنان.
وقد أثبتت الخارجية اللبنانية حقوق لبنان السيادية في البحر عبر تسجيل الخرائط والمسوحات التي أعدتها وزارة الطاقة في سجلات الأمم المتحدة، ومراسلة مكتب الأمين العام للتحفظ على كل الادعاءات الإسرائيلية. عكس هذا الجهد الدبلوماسي جاءت توجيهات "المجلس الأعلى للدفاع" الذي أوعز إلى الجيش اللبناني "الرد على أي اعتداء إسرائيلي على ثروات لبنان".
وسيتحدّد الموقف الرسمي اللبناني أكثر خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، المقررة سلفاً. مع توقعات بأن تحمل هذه الزيارة مؤشرات حاسمة لمسار الخلاف اللبناني - الإسرائيلي في مجال الطاقة.
وفاز ائتلاف شركات "توتال" الفرنسية و"نوفوتك" الروسية و"إنيي" الإيطالية بحقوق الاستثمار في الحقل النفطي رقم 9 وفي حقل آخر يحمل الرقم 4 شمالي لبنان.
وجرى تبادل العقود الأسبوع الماضي، والإعلان عن بدء أعمال التنقيب العام المقبل. ومن شأن وجود نشاط استثماري واسع في المنطقة المتوترة أن يُخفّض من فرص تحول الأزمة القائمة إلى نزاع مُسلّح واسع، وذلك بضمانة الوجود الروسي والإيطالي والفرنسي في المنطقة، الذي يقابله من الجانب الإسرائيلي النشاط الاستثماري الأميركي في حقول الغاز التي تعمل بوتيرة سريعة في المياه الفلسطينية المُحتلة.
ويشير الأستاذ المساعد للقانون في جامعة بيروت العربية، علي مراد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن لبنان يملك مجموعة خيارات قضائية وغيرها لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي.
وبحسب مراد، تضم قائمة الخيارات القضائية التي يمكن اللجوء إليها، وبالاستناد إلى نزاعات حدودية سابقة بين الدول، التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، أو الاحتكام إلى قانون البحار، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. وهي خيارات صعبة بسبب عدم تبادل الاعتراف بين لبنان وإسرائيل علماً أنها لم توقّع على قانون البحار أصلاً.
أما في ما يخص الخيارات غير القضائية، فيقول مراد إنه "إلى جانب الجهد الدبلوماسي الأميركي الحالي والقبرصي السابق اللذين يُصنّفان ضمن فئة الوساطة، يمتلك لبنان دوماً الحق في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمطالبة بإعادة ترسيم الحدود وفق الفصل السابع".
وهو خيار ممكن نظرياً في حال فشل الجهود الأميركية في تلبية المصالح اللبنانية، إلا أن خطأً ارتكبته السلطات اللبنانية عام 2007 قد يُعرّض مصداقية الطرح اللبناني للاهتزاز.
أخطأ لبنان في تحديد نقاط حدوده البحرية مع قبرص عند توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بينهما عام 2007، وهو ما منح إسرائيل فرصة الاستحواذ - وبقوة القانون - على مساحة 5 كيلومترات من المياه الإقليمية اللبنانية بعد توقيع سلطات الاحتلال لاتفاقية ترسيم حدود مع قبرص انتقلت فيها السيادة على هذه الرقعة البحرية من لبنان عن طريق الخطأ إلى قبرص، ومنها إلى إسرائيل طوعاً.
ومع تصاعد التوتر البري في المثلث الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة وسورية، إضافة إلى إرساء قواعد اشتباك جوي جديدة بعد اسقاط طائرة f-16 الإسرائيلية، فإن خيارات التصعيد العسكري ستبقى مفتوحة جنوبي لبنان.
وقد سارع لبنان إلى الحفاظ على حقه في البلوك رقم 9 أمام إسرائيل، على الرغم من التأخير الكبير في إقرار المراسيم النفطية بسبب الخلافات السياسية التي أجّلت الخطوات العملية للاستكشاف والاستخراج من عام 2013 حتى 2019. لكن المطامع الإسرائيلية تواصلت.
ويشير رئيس مجلس النواب نبيه بري، منذ بدء الأزمة قبل أسبوعين، إلى أن "التصويب الإسرائيلي يتركز على الحقل رقم 8 لأنه الأكثر وفرة بالنفط من الحقل رقم 9".
كذلك تؤكد مصادر سياسية وأمنية لبنانية مُتقاطعة أن "العدو الإسرائيلي يحاول مساومة لبنان بين سيادته على مياهه الإقليمية وحقوقه النفطية وبين سيادته على أراضيه الحدودية التي يحاول الاحتلال بناء جدار أمني عليها".
تنشط على خط هذه الأزمة وساطة أميركية تبدو أقرب إلى الموقف الإسرائيلي منها إلى الصف اللبناني.
ويستند الجهد الأميركي إلى وساطة سابقة للدبلوماسي، فريدريك هوف، الذي درس الملف الحدودي وخرج بخلاصة أن للبنان الحق في أكثر من 500 كيلومتر مربع من أصل 860 كيلومتراً.
وهو ما يعني عملياً انتزاع نصف المساحة المائية السيادية والاقتصادية للبنان وتسليمها إلى إسرائيل. وهو ما يرفضه لبنان.
وقد أثبتت الخارجية اللبنانية حقوق لبنان السيادية في البحر عبر تسجيل الخرائط والمسوحات التي أعدتها وزارة الطاقة في سجلات الأمم المتحدة، ومراسلة مكتب الأمين العام للتحفظ على كل الادعاءات الإسرائيلية. عكس هذا الجهد الدبلوماسي جاءت توجيهات "المجلس الأعلى للدفاع" الذي أوعز إلى الجيش اللبناني "الرد على أي اعتداء إسرائيلي على ثروات لبنان".
وسيتحدّد الموقف الرسمي اللبناني أكثر خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، المقررة سلفاً. مع توقعات بأن تحمل هذه الزيارة مؤشرات حاسمة لمسار الخلاف اللبناني - الإسرائيلي في مجال الطاقة.
وفاز ائتلاف شركات "توتال" الفرنسية و"نوفوتك" الروسية و"إنيي" الإيطالية بحقوق الاستثمار في الحقل النفطي رقم 9 وفي حقل آخر يحمل الرقم 4 شمالي لبنان.
وجرى تبادل العقود الأسبوع الماضي، والإعلان عن بدء أعمال التنقيب العام المقبل. ومن شأن وجود نشاط استثماري واسع في المنطقة المتوترة أن يُخفّض من فرص تحول الأزمة القائمة إلى نزاع مُسلّح واسع، وذلك بضمانة الوجود الروسي والإيطالي والفرنسي في المنطقة، الذي يقابله من الجانب الإسرائيلي النشاط الاستثماري الأميركي في حقول الغاز التي تعمل بوتيرة سريعة في المياه الفلسطينية المُحتلة.
ويشير الأستاذ المساعد للقانون في جامعة بيروت العربية، علي مراد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن لبنان يملك مجموعة خيارات قضائية وغيرها لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي.
وبحسب مراد، تضم قائمة الخيارات القضائية التي يمكن اللجوء إليها، وبالاستناد إلى نزاعات حدودية سابقة بين الدول، التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، أو الاحتكام إلى قانون البحار، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. وهي خيارات صعبة بسبب عدم تبادل الاعتراف بين لبنان وإسرائيل علماً أنها لم توقّع على قانون البحار أصلاً.
أما في ما يخص الخيارات غير القضائية، فيقول مراد إنه "إلى جانب الجهد الدبلوماسي الأميركي الحالي والقبرصي السابق اللذين يُصنّفان ضمن فئة الوساطة، يمتلك لبنان دوماً الحق في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمطالبة بإعادة ترسيم الحدود وفق الفصل السابع".
وهو خيار ممكن نظرياً في حال فشل الجهود الأميركية في تلبية المصالح اللبنانية، إلا أن خطأً ارتكبته السلطات اللبنانية عام 2007 قد يُعرّض مصداقية الطرح اللبناني للاهتزاز.
أخطأ لبنان في تحديد نقاط حدوده البحرية مع قبرص عند توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بينهما عام 2007، وهو ما منح إسرائيل فرصة الاستحواذ - وبقوة القانون - على مساحة 5 كيلومترات من المياه الإقليمية اللبنانية بعد توقيع سلطات الاحتلال لاتفاقية ترسيم حدود مع قبرص انتقلت فيها السيادة على هذه الرقعة البحرية من لبنان عن طريق الخطأ إلى قبرص، ومنها إلى إسرائيل طوعاً.
ومع تصاعد التوتر البري في المثلث الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة وسورية، إضافة إلى إرساء قواعد اشتباك جوي جديدة بعد اسقاط طائرة f-16 الإسرائيلية، فإن خيارات التصعيد العسكري ستبقى مفتوحة جنوبي لبنان.