18 أكتوبر 2024
لبنان .. من يوقظ الفتنة؟
تجاوز لبنان في الخمس عشرة سنة التي مضت محطات ومطبات كثيرة كادت، في لحظات معيّنة، أن تنزلق به نحو أتون فتنة مذهبية مجهولة النتائج، فمن حادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، مروراً بخروج الجيش السوري من لبنان في إبريل/ نيسان 2005 وما تبع ذلك من انقسام سياسي وطائفي لبناني بشكل عمودي، إلى عدوان يوليو/ تموز الإسرائيلي في عام 2006، وما تلا ذلك من حملات تشكيك وتخوين، إلى دخول مجموعات مسلّحة من القوى الحزبية المدعومة من النظام السوري في عام 2008 واجتياح بيروت الغربية، فضلاً عن أماكن أخرى تحت عنوان السلاح سيستخدم للدفاع عن السلاح، إلى انقسام لبناني عمودي مرة أخرى، وعميق حيال "الثورة السورية" في عام 2011، وما استتبع ذلك، إلى محطّات أخرى شهد فيها البلد اغتيالاتٍ سياسية وغير سياسية، إلّا أنّ كل تلك المحطات والمطبات التي كادت أن تنزلق بالبلد إلى الفتنة، تمكّن لبنان واللبنانيون من تجاوزها، إمّا وعياً منهم أو خوفاً من نتائجها، وإمّا لأنّ أحداً لم يجرؤ على دخولها، لأنّه يدرك أنّ إمكانية الحسم فيها صعبة، إن لم تكن مستحيلة.
اليوم وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان على المستويات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية، وفي ظل تراجع المستوى المعيشي، وانسداد أفق حلّ الأزمة الاقتصادية، بل تزايد الضغوط في هذا الجانب، وفي ظل تمادي القوى السياسية الممسكة بتلابيب القرار اللبناني، بالعمل وفقاً لمنطق المحاصصة والمناكفة والكيدية، والتي كان جديدها، وكما يعلم الجميع، التعيينات المالية والإدارية التي أقرّتها الحكومة في جلستها التي عقدتها يوم 10 يونيو/ حزيران الحالي، والتي كانت محل انتقاد شديد على المستويين الداخلي والخارجي. وفي ظل طموحات كبيرة لقوى سياسية لتغيير قواعد النظام، والعمل وفق قواعد جديدة ونظام جديد
يعكس الغلبة لفريق على فريق في بلد يتكوّن أساساً من مزيج طائفي ومذهبي وعرقي، ليس فيه غلبة لطرف على آخر. اليوم وأمام هذا المشهد، يأتي من يحاول إشعال الفتنة الأهلية، طائفية أو مذهبية أو مناطقية، لإدخال البلد في أتون فوضى وحربٍ قد تكون غير معروفة النتائج، فما إن انتهت، أو تراجعت إجراءات الحكومة اللبنانية بخصوص وباء كورونا، حتى عاد الناس إلى الشوارع والساحات، معترضين على أداء الحكومة في الجانب الحياتي الاقتصادي، خصوصاً أنّ الحكومة فشلت في هذا الجانب، وأنّ سعر صرف الليرة اللبنانية تراجع بنسبة كبيرة أمام العملات الأجنبية، حتى بلغ سعر صرف الدولار في بيروت قرابة خمسة آلاف ليرة لبنانية، بعدما كان يساوي بداية العام الحالي حوالي 1500 ليرة. كما راحوا يطالبون بتغيير وحل سياسي يبدأ من قانون انتخاب جديد، وانتخابات نيابية مبكّرة على اعتبار أن أساس المشكلة في لبنان سياسية أكثر منها اقتصادية. بينما حاول بعضهم زجّ قرار مجلس الأمن
1559، والذي يدعو إلى سحب سلاح حزب الله. وقد كان هذا الشعار محل خلاف كبير في الساحات المنتفضة على الحكومة، على اعتبار أنّه ليس أولوية في هذه المرحلة. غير أنّ دخول بعض الشبّان على خط التحركات المطلبية، واستخدام عبارات طائفية حيناً، وشتائم طاولت مقدسات ورموزاً إسلامية ومسيحية كبيرة حيناً آخر، وحصول فوضى وإشكالات تحوّلت أحياناً إلى إطلاق نار من بنادق حربية بين أحياء مختلفة طائفياً ومذهبياً في بيروت، ذلك كله جعل قسماً كبيراً من اللبنانيين يستشعرون خطر الفتنة، ورأوا أنّ هناك مشروعاً يدبّره بعضهم في الخفاء لإطلاق هذه الفتنة وإشعالها، وقد تولت بعض وسائل الإعلام المرئي والإلكتروني، بشكل مباشر أو غير مباشر، ترويج استثارة العصبيات الطائفية والمذهبية، وكاد الأمر يخرج عن نطاق السيطرة، لولا تداركت الأمر قيادات سياسية ودينية استشعرت الخطر.
لم ينته الأمر عند هذا الحدّ، فالحراك الشعبي المعترض على أداء الحكومة مستمر، والأزمة الاقتصادية الحياتية لم تجد لها حلّاً حتى الساعة، وصراعات المنطقة التي تعكس نفسها في الساحة اللبنانية وفي غيرها مستمرة، والتعبئة والتحريض ما زالا قائمين حتى من قيادات نادت بالاعتدال والحوار والانفتاح ومنع الفتنة. فليلة الجمعة (12/6/2020) عاود الناشطون في الحراك تحرّكهم، ولكن في مقابل ذلك أقدم شبّان على الاعتداء خلال التحرّكات المطلبية على الأملاك العامة والخاصة في بيروت وطرابلس. وهنا وجد بعض مروّجي الفتنة ضالتهم فعمدوا إلى إطلاق العبارات والمواقف الطائفية والمذهبية، وإلى تعبئة الرأي العام الذي يمثلونه ضد الأطراف الأخرى، وبشكل "قبيح". وقد فعل ذلك نوابٌ يفترض أنّهم يمثلون الشعب اللبناني،
وفعل ذلك وزراء حاليون وسابقون، فضلاً عن رجال دين في هذا المقلب أو ذلك (وهذا كله موثّق).
يسير بعض هؤلاء في الفتنة، وربما من دون إدراك، لأنّهم يقصدون حصد تأييد شعبي من مناصريهم وأتباعهم، أو تحصيل مواقع نفوذ عند أطراف داخلية أو خارجية، أو حتى ربما ظنّاً منهم أنّهم بذلك يخيفون الطرف الآخر، ويهيمنون على البلد، وهذا جهلٌ يقود البلد إلى حتفه، حتى وإن اعتبرنا أنّ نوايا أولئك ليست الفتنة بعينها، ولكن آخرين يسيرون بهذا الخط الذي يؤدي إلى إيقاظ الفتنة عن سابق وتصوّر وتصميم، غير آبهين بما يمكن أن يصيب البلد وأهله، هؤلاء ليس من السهل وقف أجندتهم أو تغييرها، لأنّ ارتباطهم بات مكشوفاً للعيان بجهات تتربص بالمنطقة كلّها فضلاً عن لبنان، هؤلاء هم الخطر الذي يوازي خطر الجهلة ويفوقه، فأعان الله لبنان واللبنانيين على هؤلاء وأولئك.
يعكس الغلبة لفريق على فريق في بلد يتكوّن أساساً من مزيج طائفي ومذهبي وعرقي، ليس فيه غلبة لطرف على آخر. اليوم وأمام هذا المشهد، يأتي من يحاول إشعال الفتنة الأهلية، طائفية أو مذهبية أو مناطقية، لإدخال البلد في أتون فوضى وحربٍ قد تكون غير معروفة النتائج، فما إن انتهت، أو تراجعت إجراءات الحكومة اللبنانية بخصوص وباء كورونا، حتى عاد الناس إلى الشوارع والساحات، معترضين على أداء الحكومة في الجانب الحياتي الاقتصادي، خصوصاً أنّ الحكومة فشلت في هذا الجانب، وأنّ سعر صرف الليرة اللبنانية تراجع بنسبة كبيرة أمام العملات الأجنبية، حتى بلغ سعر صرف الدولار في بيروت قرابة خمسة آلاف ليرة لبنانية، بعدما كان يساوي بداية العام الحالي حوالي 1500 ليرة. كما راحوا يطالبون بتغيير وحل سياسي يبدأ من قانون انتخاب جديد، وانتخابات نيابية مبكّرة على اعتبار أن أساس المشكلة في لبنان سياسية أكثر منها اقتصادية. بينما حاول بعضهم زجّ قرار مجلس الأمن
لم ينته الأمر عند هذا الحدّ، فالحراك الشعبي المعترض على أداء الحكومة مستمر، والأزمة الاقتصادية الحياتية لم تجد لها حلّاً حتى الساعة، وصراعات المنطقة التي تعكس نفسها في الساحة اللبنانية وفي غيرها مستمرة، والتعبئة والتحريض ما زالا قائمين حتى من قيادات نادت بالاعتدال والحوار والانفتاح ومنع الفتنة. فليلة الجمعة (12/6/2020) عاود الناشطون في الحراك تحرّكهم، ولكن في مقابل ذلك أقدم شبّان على الاعتداء خلال التحرّكات المطلبية على الأملاك العامة والخاصة في بيروت وطرابلس. وهنا وجد بعض مروّجي الفتنة ضالتهم فعمدوا إلى إطلاق العبارات والمواقف الطائفية والمذهبية، وإلى تعبئة الرأي العام الذي يمثلونه ضد الأطراف الأخرى، وبشكل "قبيح". وقد فعل ذلك نوابٌ يفترض أنّهم يمثلون الشعب اللبناني،
يسير بعض هؤلاء في الفتنة، وربما من دون إدراك، لأنّهم يقصدون حصد تأييد شعبي من مناصريهم وأتباعهم، أو تحصيل مواقع نفوذ عند أطراف داخلية أو خارجية، أو حتى ربما ظنّاً منهم أنّهم بذلك يخيفون الطرف الآخر، ويهيمنون على البلد، وهذا جهلٌ يقود البلد إلى حتفه، حتى وإن اعتبرنا أنّ نوايا أولئك ليست الفتنة بعينها، ولكن آخرين يسيرون بهذا الخط الذي يؤدي إلى إيقاظ الفتنة عن سابق وتصوّر وتصميم، غير آبهين بما يمكن أن يصيب البلد وأهله، هؤلاء ليس من السهل وقف أجندتهم أو تغييرها، لأنّ ارتباطهم بات مكشوفاً للعيان بجهات تتربص بالمنطقة كلّها فضلاً عن لبنان، هؤلاء هم الخطر الذي يوازي خطر الجهلة ويفوقه، فأعان الله لبنان واللبنانيين على هؤلاء وأولئك.