فاجأ أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله الجميع في كلمة، مساء الجمعة، بهجومه على "الأصدقاء والحلفاء" قبل الخصوم والمعارضين له، من دون أن يسمّيهم، في إطار قضية إطلاق سراح العميل اللبناني الأميركي عامر الفاخوري.
وقال: "نقبل من أصدقائنا ومن حلفائنا النُصح والانتقاد والاقتراح في العلن، لكن من غير المقبول الاتهام والتخوين للمقاومة والشتيمة والإهانة، والصديق يجب أن يحافظ على احترام الصداقة، ومن يتجاوز الاحترام فليخرج من تحالفنا وأخوتنا ودائرة أصدقائنا".
وأضاف نصر الله: "كان لحزب الله، ولي شخصياً، حظ وافر من الإساءات إثر قضية العميل عامر الفاخوري، وبعض من هو صديق غلب عليه غضبه وتسرعه وساهم في الحملة".
هجوم نصرالله أتى تعليقاً على قضية إطلاق سراح العميل اللبناني الأميركي عامر الفاخوري على يدّ المحكمة العسكرية التي يرأسها العميد حسين عبد الله، المقرّب من "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله)، والتي اتّهم فيها بإجرائه صفقة "تبادل أسرى" بين "حزب الله" وواشنطن، تبدأ مع إطلاق سراح الفاخوري، وتستكمل بعد فترة قصيرة بإخلاء الولايات المتحدة سبيل رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، الممول الأكبر لـ"حزب الله" بحسب وزارة الخزانة الأميركية التي أدرجته على "اللائحة السوداء" عام 2009، وإعطائه الضوء الأخضر للحكومة بالتعاون في إطلاق سراح "جزار الخيام"، ما أكده الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كلمته، أمس الخميس، من خلال شكره والتعبير عن امتنانه للحكومة اللبنانية.
وقد طاولت الاتهامات أيضاً حليفه وزير الخارجية السابق وصهر الرئيس اللبناني جبران باسيل، الذي قيلَ إنّه سار بالتسوية لإنقاذ نفسه من العقوبات الأميركية.
وأحدثت هذه الفضيحة حملات تخوين بين جمهور الحلفاء، ولا سيما "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه باسيل، ومناصري "حزب الله".
ونفى نصر الله وجود أي صفقة خلف إطلاق سراح الفاخوري، وأشار في كلمته التلفزيونية، مساء اليوم، إلى أنّ ضغوطاً أميركية قوية تعرّض لها مسؤولون في الدولة، و"ناقشت معنا أكثر من جهة مسؤولة تهديدات الأميركيين، وسئلت بهدوءٍ عن رأينا إن كان هناك مخرج للملف، وقلنا بشكل واضح إن هذه القضية إنسانية وسيادية وقضية مقاومة"، لافتاً إلى أنه "خلال عملية الضغوط على القضاة، هناك منهم من صمد 6 أشهر، ويجب أن يقدّر، وهناك قضاة خضعوا وقرروا إسقاط التهم وإخلاء السبيل".
وإذ رأى أنه لا يجوز الرضوخ للضغوط، و"أي قاضٍ كان سيصمد في هذه المعركة كان من المفروض الوقوف إلى جانبه"، لفت إلى أنه "لم يكن لدينا أي علم بانعقاد جلسة للمحكمة العسكرية وصدور حكم بهذا النوع بحق الفاخوري، وعندما صدر كنت واحدا من الذين سمعوا الخبر على وسائل الإعلام"، مشيراً إلى أنّ "الجهات الأمنية اللبنانية أكدت التزامها بقرار منع السفر في حال كان الفاخوري سيغادر لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي".
وشدد نصر الله على أن "الحكومة لم تكن يوماً حكومة حزب الله، ولا الدولة دولة حزب الله، وفي المعادلة السياسية الداخلية أطراف تأثيرها أكبر منا"، سائلاً: "هل من مصلحة البلد أن نقوم بـ7 أيار (يوم اجتاح "حزب الله" بيروت عام 2008 واقتحمت عناصره المسلحة منازل بعض النواب وأحرقوا قناة "المستقبل" في الروشة) من أجل عامر الفاخوري؟".
وقال أمين عام "حزب الله": "أصدقاء أميركا في لبنان، الذين سكتوا عن المعبر غير الشرعي الذي هُرب منه العميل، لا يجوز لهم الكلام عن المعابر غير الشرعية".
وبعدما كانت قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، قد أصدرت، في بداية فبراير/ شباط الماضي، قراراً بحق الفاخوري اتهمته فيه بارتكاب جرائم قتل، ومحاولة قتل أسرى داخل سجن الخيام، وخطف وتعذيب آخرين، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وأحالت الملف إلى المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمته، أصدرت المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبد الله، الاثنين الماضي، حكماً قضى بكفّ التعقبات عن الفاخوري المتهم بارتكاب جرائم قتل، ومحاولة قتل أسرى داخل سجن الخيام، وخطف وتعذيب آخرين، خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، قبل الانسحاب عام 2000.
وحصلت ضغوطات أميركية منذ لحظة اعتقاله في لبنان، في سبتمبر/ أيلول الماضي، حتى صدور الحكم، ونقلت السفارة الأميركية في بيروت العميل الفاخوري من المستشفى إلى مبنى السفارة، قبل تأمين طوافة عسكرية له لسفره إلى الولايات المتحدة، على الرغم من صدور قرار عن قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر بمنع السفر عن الفاخوري لشهرين.
واستدعى وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي، قبل ظهر اليوم الجمعة، السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيه، واستمع منها إلى شرح حول حيثيّات وظروف إخراج الفاخوري، فيما أعلن رئيس المحكمة العسكرية، العميد الركن حسين عبد الله، تنحيه عن المنصب على خلفية ذلك.