09 نوفمبر 2024
لبنان واللاجئون الفلسطينيون
تحوّل اللجوء الفلسطيني في لبنان إلى ورقة استغلال من مختلف الأطراف اللبنانية والعربية والإقليمية، لأسبابٍ عدة، منها في السياق السياسي والمذهبي، ومنها في الإطار الاقتصادي والاجتماعي. ولا مرة تمّ اعتماد مقاربة صحيحة للواقع الفلسطيني في لبنان، لا لدى اليمين ولا لدى اليسار. حاربه اليمين، ولا يزال، واليسار استغله، ولا يزال. الفلسطينيون وحدهم يدفعون أثمان ذلك كله، فلا حقوق اجتماعية بحدّها الأدنى في المخيمات وخارجها، ولا أحد يريدهم أكثر من "بندقيةٍ" بيده، بما يعني ترك السلاح في المخيمات، والذي لا يقتل سوى الأبرياء الفلسطينيين فقط.
مناسبة هذا القول إعلان المديرة العامة لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني، مرال توتليان، الخميس الماضي، أن "عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات بلغ 174.422 فرداً خلال عام 2017، يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان. كما أظهرت نتائج التعداد أن حوالي 45% من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون في المخيمات، مقارنة مع 55% منهم يعيشون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية". أما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فذكرت أن "عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجّلين لديها يبلغ 469.331 فردا". وقالت المتحدثة باسم الوكالة هدى سمرا، إنه "ليس لدينا إحصاء عن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حالياً في لبنان، ما لدينا هو سجل رسمي بعدد المسجّلين، فإذا قرّر أحدهم أن يغادر لبنان لا نعرف بذلك". أي أن التناقض يظهر في سجلات "أونروا" التي لا تشطب أسماء من يغادرون لبنان.
ماذا يعني التضارب في الأرقام أيضاً؟ يعني، أولاً، أن الإحصاء بحدّ ذاته كان مطلباً ضرورياً في لبنان، علماً أن إحصاء أعداد اللبنانيين أيضاً يُبنى وفق "تقديراتٍ" لمنظمات أممية ومحلية، لامتناع الدولة اللبنانية عن إجراء أي إحصاء للسكان، منذ إحصاء عام 1933 الذي تمّ في ظلال الانتداب الفرنسي. ويعني التضارب، ثانياً، أن الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990)، والتي كان العنصر الفلسطيني أساسيا فيها، في فترات عدة منها، كانت "مضخّمة دعائياً"، لكن سقوط عشرات آلاف الضحايا فيها وغياب الوسائل الإعلامية بالصورة المُتاحة اليوم، وعدم إتاحة أرشيف الصحف المحلية للجمهور، منع إظهار هذا التضخيم. وهو ما تناسل بشكل متسارع، حتى وضعت الحرب أوزارها عام 1990.
ثالثاً، يكشف التضارب، أيضاً، مدى استغلال كثيرين، في حال تمّ اعتماد الإحصاء المعلن أخيرا من دون معارضة أي فئةٍ، سواء "أونروا" أو غيرها، للقضية الفلسطينية. منهم من أسسوا جمعياتٍ ومنظمات، أممية أو إنسانية أو سياسية أو حقوقية، وتلقوا الهبات والمساعدات على أساس "وجود نصف مليون فلسطيني في المخيمات اللبنانية"، لم يُخصص إلا جزء بسيط منها لسكان المخيمات. مع أنه كان على مُرسل الهبات والمساعدات أن يلقي نظرة واحدة فقط على "أفخم حي في أفخم مخيم"، ليرى مدى البؤس الذي لم تعالجه ليرة واحدة من المساعدات والهبات.
رابعاً، يشرح الرقم المذكور أيضاً مدى ضعف الدولة اللبنانية، في معالجة مسألة الحقوق الفلسطينية لأسباب مذهبية، وخوفاً من التوطين، حسبما ورد في أدبيات رسمية كثيرة. وعلى الرغم من أن الدستور اللبناني يمنع التوطين، إلا أن خشية الدولة من القيام بخطواتٍ محدّدة، أفضت إلى استغلال مجموعات ارهابية وفصائل عسكرية ومليشيات مسلحة ودول عربية وإقليمية على مدار عقودٍ، لحالات الفقر الشديد في المخيمات، وتحوّل العنصر الفلسطيني إلى "إرهابي"، بسبب هذه الخشية وهذا الاستغلال.
خامساً، الرقم المذكور، وعدم إرفاقه بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، يُصبح أيضاً محطة استغلال سياسية في لبنان، تحديداً إذا قرّر أحدٌ الحديث عن فزّاعة التوطين، في ظل الإعلان الأميركي "القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل"، وإسقاط "صفقة القرن" حق العودة، بينما المطلوب هو الحدّ الأدنى من الحقوق الإنسانية فقط.
مناسبة هذا القول إعلان المديرة العامة لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني، مرال توتليان، الخميس الماضي، أن "عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات بلغ 174.422 فرداً خلال عام 2017، يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في المحافظات الخمس في لبنان. كما أظهرت نتائج التعداد أن حوالي 45% من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون في المخيمات، مقارنة مع 55% منهم يعيشون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية". أما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فذكرت أن "عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجّلين لديها يبلغ 469.331 فردا". وقالت المتحدثة باسم الوكالة هدى سمرا، إنه "ليس لدينا إحصاء عن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حالياً في لبنان، ما لدينا هو سجل رسمي بعدد المسجّلين، فإذا قرّر أحدهم أن يغادر لبنان لا نعرف بذلك". أي أن التناقض يظهر في سجلات "أونروا" التي لا تشطب أسماء من يغادرون لبنان.
ماذا يعني التضارب في الأرقام أيضاً؟ يعني، أولاً، أن الإحصاء بحدّ ذاته كان مطلباً ضرورياً في لبنان، علماً أن إحصاء أعداد اللبنانيين أيضاً يُبنى وفق "تقديراتٍ" لمنظمات أممية ومحلية، لامتناع الدولة اللبنانية عن إجراء أي إحصاء للسكان، منذ إحصاء عام 1933 الذي تمّ في ظلال الانتداب الفرنسي. ويعني التضارب، ثانياً، أن الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990)، والتي كان العنصر الفلسطيني أساسيا فيها، في فترات عدة منها، كانت "مضخّمة دعائياً"، لكن سقوط عشرات آلاف الضحايا فيها وغياب الوسائل الإعلامية بالصورة المُتاحة اليوم، وعدم إتاحة أرشيف الصحف المحلية للجمهور، منع إظهار هذا التضخيم. وهو ما تناسل بشكل متسارع، حتى وضعت الحرب أوزارها عام 1990.
ثالثاً، يكشف التضارب، أيضاً، مدى استغلال كثيرين، في حال تمّ اعتماد الإحصاء المعلن أخيرا من دون معارضة أي فئةٍ، سواء "أونروا" أو غيرها، للقضية الفلسطينية. منهم من أسسوا جمعياتٍ ومنظمات، أممية أو إنسانية أو سياسية أو حقوقية، وتلقوا الهبات والمساعدات على أساس "وجود نصف مليون فلسطيني في المخيمات اللبنانية"، لم يُخصص إلا جزء بسيط منها لسكان المخيمات. مع أنه كان على مُرسل الهبات والمساعدات أن يلقي نظرة واحدة فقط على "أفخم حي في أفخم مخيم"، ليرى مدى البؤس الذي لم تعالجه ليرة واحدة من المساعدات والهبات.
رابعاً، يشرح الرقم المذكور أيضاً مدى ضعف الدولة اللبنانية، في معالجة مسألة الحقوق الفلسطينية لأسباب مذهبية، وخوفاً من التوطين، حسبما ورد في أدبيات رسمية كثيرة. وعلى الرغم من أن الدستور اللبناني يمنع التوطين، إلا أن خشية الدولة من القيام بخطواتٍ محدّدة، أفضت إلى استغلال مجموعات ارهابية وفصائل عسكرية ومليشيات مسلحة ودول عربية وإقليمية على مدار عقودٍ، لحالات الفقر الشديد في المخيمات، وتحوّل العنصر الفلسطيني إلى "إرهابي"، بسبب هذه الخشية وهذا الاستغلال.
خامساً، الرقم المذكور، وعدم إرفاقه بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، يُصبح أيضاً محطة استغلال سياسية في لبنان، تحديداً إذا قرّر أحدٌ الحديث عن فزّاعة التوطين، في ظل الإعلان الأميركي "القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل"، وإسقاط "صفقة القرن" حق العودة، بينما المطلوب هو الحدّ الأدنى من الحقوق الإنسانية فقط.