أكثر من 6 آلاف شخص أوقفتهم الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية خلال ثلاثة أشهر حرجة أمنيّاً، إذ شهد شهر أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول معركتين في بلدة عرسال، شرق لبنان، وفي عدد من المناطق شمالاً، نتج عنها إلى جانب حصيلة القتلى والأسرى العسكريين، توقيفات بالجملة شملت لبنانيين وسوريين وفلسطينيين أوقفوا في مناطق الأحداث. وبعملية حسابية بسيطة، لإحصاء أجرته "العربي الجديد" يتبيّن أن المعدل الوسطي للموقوفين يومياً هو 68، و2,83 أشخاص كل ساعة حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ومن بين المعتقلين الـ6129، 204 لبنانيون و671 سورياً و109 فلسطينيين و5145 من جنسيات غير محددة في البيانات. ومن أصل العدد الاجمالي للتوقيفات، 1185 أوقفوا بتهم مرتبطة بالارهاب، و434 بتهم غير جنائية و4510 بتهم غير محددة، عادةً ما تكون مرتبطة بالأمن والارهاب أيضاً.
اندلعت الاشتباكات في الأصل، نتيجة توقيف السوري، عماد جمعة، بتهمة الانتماء إلى "جبهة النصرة" في بلدة عرسال (بحسب الاتهام الرسمي، أما المعطيات فتقول، إنّه بايع تنظيم الدولة الإسلاميّة)، واللبناني أحمد ميقاتي، بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش" في منطقة عاصون في الضنية، شمالي لبنان.
تتنّوع أسباب التوقيفات بين عدم حيازة أوراق ثبوتيّة، والمشاركة في قتل وقتال عناصر الجيش وحيازة أسلحة من دون ترخيص، وصولاً إلى الشبهة بكتابة شعارات موالية لـ"داعش" على الجدران في القرى. كما تتضمّن اللائحة تهماً ذات طابع جنائي، كتوقيف أحد اللاجئين السوريين شمال لبنان، بتهمة حيازة أسلحة لوجود سكين مطبخ في حقيبته. وتمت غالبيّة التوقيفات في ظلّ الخطة الأمنيّة التي أطلقتها وزارة الداخليّة والبلديّات في محافظتي البقاع والشمال، وشكّلت التهم الجنائيّة المتعلّقة بالمخدّرات والخطف نسبة بسيطة من إجمالي التوقيفات.
"الإرهاب السوري" يتصدّر
يتصدّر الموقوفون في قضايا ذات طابع إرهابي، المجموع العام خلال أشهر أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول في لبنان (التي وقعت فيها المعارك).
في أغسطس/آب، بلغت نسبة الموقوفين "إرهاب" 91.5% من أصل 354 موقوفاً، بحسب بيانات مديرية التوجيه في الجيش والمنشورة على صفحة الوكالة الوطنية، في حين بلغت الحصيلة الشهريّة التي أعلنتها قيادة الجيش للشهر نفسه 1726 موقوفاً. كما بلغت نسبة السوريين الموقوفين 41 في المائة، في حين تنوّع باقي الموقوفين بين لبنانيين وعدد قليل من الأجانب، أوقفهم الأمن العام في المطار والموانئ. ويعود الفرق الكبير بين الرقم الذي أعلنه الجيش، والأرقام الموجودة على الوكالة الوطنيّة، إلى أن الجيش لا يُعلن عن جميع عمليات التوقيف بشكلٍ يومي.
وفي سبتمبر الماضي، بلغت نسبة "الإرهابيين" المفترضين 65 في المائة من أصل 596 موقوفاً، مُعلن عنهم في الوكالة الوطنية للإعلام، في حين بلغت الحصيلة الشهرية لقيادة الجيش 2120. بلغت نسبة السوريين منهم 31 في المائة، وبعضهم قاصرون تمّ توقيفهم في بلدات جنوبيّة بتهمة "كتابة شعارات مؤيّدة لداعش على الجدران".
وفي أغسطس/آب الماضي، بلغت نسبة الموقوفين بتهم الإرهاب 70 في المائة من أصل 673 موقوفاً، بحسب أرشيف الوكالة، في حين بلغت الحصيلة في بيان قيادة الجيش 2157 موقوفاً.
ويُظهر التباين الكبير بين الأرقام في أرشيف الوكالة وبيانات قيادة الجيش حجم الفوضى المرافقة للتوقيفات، إذ من الطبيعي أن ترد عبارة "توقيف عدد غير محدّد من الأشخاص" في البيانات. كما لا بدّ من الإشارة إلى أنّ معظم التوقيفات التي يقوم بها الجيش بمختلف قطاعاته، تأتي على خلفيّة "الإرهاب" وليس تهماً جنائيّة تقليديّة.
وتؤكد مصادر سياسية في شمال لبنان لـ"العربي الجديد"، تجاوز عدد الموقوفين شمالاً عتبة 700 موقوف، خلال أسبوع واحد من شهر أكتوبر/تشرين الأول، اعتُقل أغلبهم لتصادف وجودهم في أماكن الاشتباكات من دون أيّ أدلّة تدينهم"، وتشير المصادر إلى إطلاق سراح عدد منهم بعد أيام على اعتقالهم.
بلغة الأرقام، يبدو عدد الموقوفين كبيراً، ويبلغ معدل الموقوفين ثلاثة كلّ ساعة. أمّا عن تأمين الحقوق القانونيّة لهؤلاء، فذلك بحث آخر، يبدأ من انتشار مقاطع تعذيب عدد من الموقوفين وصولاً إلى التسريبات الخجولة عن توقيف بعض العسكريين بتهم ممارسة التعذيب.