عقدت لجنة الدفاع عن الصحافي خالد درارني مؤتمرا صحافيا، أمس الأربعاء، لتوضيح الملابسات السياسية للحكم الصادر في حقه الاثنين من قبل محكمة في العاصمة الجزائرية بالسجن ثلاث سنوات بتهمة المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر.
وقال عضو اللجنة المحامي عبد الغني بادي إنّ الحكم الصادر في حق خالد بتهمة التجمهر والمساس بالوحدة الوطنية أمر لا علاقة له بالوقائع الحقيقية، مشيراً إلى أن السلطة استهدفت خالدا لكونه ظل ينقل مظاهرات الحراك في إطار عمله الصحافي.
وقال الصحافي محمد أيوانوغان إن الحكم شكل صدمة كبيرة في الوسط الصحافي ولدى الرأي العام الجزائري، وأثار استياءً بالغا لكونه رسالة سلبية إلى المواطنين بعد حراك دام أكثر من سنة.
وذكر الصحافي محمد سيدمو خلال المؤتمر أنّ تهمة تلقي أموال من قنوات تلفزيونية التي ترددها السلطة في حق خالد، هي مغالطة وتضليل، لكون كل القنوات تدفع مقابلاً للصحافيين والمحللين الذين يتحدثون في برامجها.
وانتهت اللجنة إلى إصدار بيان "من أجل الخروج من الاتهام الرئاسي وإعادة الاعتبار لخالد درارني". وشجبت اللجنة فيه الحكم وأكدت أنّ "مجريات المحاكمة أظهرت الغياب التام لأي عنصر من شأنه الإثبات بأن الموقوفين حرضوا على التجمهر أو مسوا بالوحدة الوطنية. وبالتالي كان ينبغي منطقياً أن تستجيب المحكمة لالتماس براءة المتهمين المقدم من طرف المحامين. لكن المحكمة قررت خلاف ذلك".
واعتبرت اللجنة أنّ المحكمة تصرفت مع خالد درارني كما لو أنه متابع بوقائع أخرى وفي قضية أخرى. وأدين" لأنه أصبح من المستحيل على القضاء الجزائري أن يتحمل بكل استقلالية تبرئته بعد التدخل الرئاسي المتحامل ضده في هذا الملف في الثاني مايو/أيار الماضي. فمن خلال تأكيد، بدون ذكر اسمه، بأن خالد درارني كان "خبارجي" (جاسوس) وأنه توجه مباشرة إلى سفارة أجنبية بعد أن أفرج عنه من قبل المصالح الأمنية، أصدر الرئيس عبدالمجيد تبون حكم إدانة فعليا في حقه".
ونفت اللجنة صحة أي وقائع في ملف متابعة خالد درارني منذ التحقيق الابتدائي حتى النطق بالحكم، "بل يتعلق الأمر باختراع كيدي تم تداوله في أعلى هرم الدولة قصد تبرير حبس أحد أكبر المهنيين المستقلين الذي قاوم لأشهر طويلة تحرشات مصالح الأمن (أربع عمليات استنطاق في ثكنة عنتر التابعة للمخابرات) قصد جعله يتوقف عن تغطيته للحراك الشعبي".
ودانت اللجنة ما اعتبرته "تدخلاً غير مسبوق على هذا المستوى من الدولة في ملفات قضائية قيد التحقيق جعل القانون يغيب في بلد يخضع القضاء فيه إلى السلطة التنفيذية والأمنية".
ولفتت اللجنة إلى أن هذا الحكم جر الجزائر أمام الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وهو خطأ سياسي كبير ويجب أن يتوقف. وطالبت بالإفراج عنه سريعا للمثول طليقاً خلال محاكمة الاستئناف المقبلة، في إشارة إلى موجة تنديد دولية من منظمات وشخصيات وهيئات حقوقية، كان آخرها اصدار 35 منظمة حقوقية تونسية بيان إدانة للحكم في حق خالد.
وقالت المنظمات التونسية إنّه سبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن ساق في حوار تلفزيوني في الثاني من أيار /مايو 2020 اتهامات إلى الصحافي خالد درارني، وتحول الرئيس نفسه إلى جهة اتهام وحكم مسبق على الصحافي وهو ما اعتبرته تدخلاً وتوجيها للقضاء، وكان الحكم الظالم مؤسساً على ذلك.
ورأت أنّ الحكم الذي صدم كل الصحافيين والعاملين في مجال حرية التعبير والحريات يتناقض مع كامل الالتزامات الدولية التي وقعتها الجزائر في مجال حفظ الحقوق والحريات، ويعطي رسالة سلبية ومؤشراً غير مشرف عن توجه السلطة الجزائرية الجديدة وتعهداتها بإقرار مناخ أفضل لحرية الصحافة والتعبير، في الوقت الذي يجمع فيه جل الملاحظين على أنّ حرية الصحافة والتعبير شرط أساسي من شروط إقامة مسار ديمقراطي يتطلع إليه الشعب الجزائري، وعبر عنه الجزائريون/ات بوضوح في الحراك الشعبي السلمي الذي أبهر العالم، والمساس بحرية الصحافة عبر التضييق والملاحقات القضائية هو تعطيل للمسار الديمقراطي.
وعبرت الجمعيات الحقوقية والنقابية والصحافية الموقعة على هذا البيان عن قلقها المتزايد إزاء تكرار حالات التضييق والملاحقات والاعتقالات التي طاولت في الأشهر الماضية عدداً من الصحافيين والمدونين والناشطين الجزائريين، مؤكدة أن هذا الحكم قاس ومخالف للمعايير الدولية للمحاكمة. وطالبت بإلغائه لأنه يستمد مرجعيته فقط من توجيه سياسي يهدف إلى إسكات الصحافي خالد درارني وكل الصحافيين والمدونين والناشطين الناقدين، وتجريم حرية التعبير والصحافة في الجزائر.
وجددت هذه المنظمات تضامنها المطلق مع الصحافي خالد درارني، وأكدت التمسك بحقه في العمل بكل حرية، مطالبة بالإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط، وفي أقرب وقت ممكن، لأن المكان الطبيعي لخالد هو في قاعة التحرير مع زملائه الصحافيين وليس في زنزانة السجن.
كما طالبت بإطلاق سراح كل الصحافيين والمدونين والناشطين الجزائريين المعتقلين وإلغاء الأحكام الجائرة في حقّهم بسبب قيامهم بعملهم أو ممارسة حقهم في حرية التعبير.