تحوّل لقب "عميد" الأندية الجزائرية إلى ما يشبه أزمة ألقت بظلالها على المشهد الكروي في الجزائر، في ظل الصراع ين فريقين كبيرين على هذا اللقب، والذي عاد للظهور في الفترة الأخيرة، بعد قيام وزير الشباب والرياضة محمد حطاب بإبداء رأيه في الموضوع و"الانحياز" لفريق على حساب آخر.
والمعروف وسط الجماهير الجزائرية أن عميد الأندية هو فريق مولودية الجزائر الذي تأسس في العام 1921، ويملك سمعة عالمية ليس فقط بتاريخه الكروي العريق وألقابه وإنجازاته، وإنما بانخراطه في الكفاح المسلح والثورة التحريرية المباركة ضد الاستعمار الفرنسي.
بينما ظل تاريخ نشأة فريق شباب قسنطينة المنتمي لشرق البلاد محل جدل كبير بين الجماهير، ويعرف عنه أنه تأسس في العام 1926 أي بعد 5 سنوات من نشأة فريق المولودية، لكن مسؤولي النادي، وجماهيره التي يطلق عليها اسم لقب "السنافر"، تصر على أن الفريق تم تأسيسه عام 1898، مبرزين الكثير من الوثائق التي تثبت ذلك، لكن رغم ذلك فقد بقيت صفة العميد "ملتصقة" باسم المولودية.
وقام وزير الشباب والرياضة محمد حطاب مؤخرا بالإدلاء بتصريح صحافي أثار غضب مشجعي ومسؤولي نادي شباب قسنطينة بخصوص أحقية الفريقين بلقب العميد، حيث قال: "المولودي هو العميد لقد تأسس عام 1921، أنا أعرف أن نادي شباب قسنطينة يندد في كل مرة ويطالب بمنحه أحقية هذا اللقب، لكن عليهم أن يثبتوا ذلك ويقدموا وثائق تاريخية".
ولم يمر هذا التصريح مرور الكرام على المدير الرياضي لفريق شباب قسنطينة طارق عرامة، الذي أدلى بتصريحات علق فيها على كلام الوزير قائلا:"نحن لا نريد الدخول في مثل هذا النقاش، لأنه مصدر مشاكل"، مضيفاً: "هذا تاريخنا ولا نريد تشويهه، فكل شيء مسجل ومدوّن في وثائق رسمية. مع احترامي للوزير فإذا كان لديه وثائق أو دليل على أن فريقنا ليس عميد الأندية فما عليه سوى أن يظهرها. نحن لا نريد الاستيلاء على تاريخ أي فريق. عموماً هناك مؤرخون وكتب وحقائق تثبت من هو العميد، ونحن لا نريد أن نتسبب في أي فتنة بسبب هذا الأمر لأنه يؤدي إلى العنف".
في المقابل ختم قائلاً: "خلال قرعة دوري أبطال أفريقيا مؤخراً في مصر، قام المنظمون بوضع تاريخ نشأة فريقنا في العام 1898 وفي رأيي هذا كاف للفصل في هذا الموضوع". وبعد أن تسببت تصريحاته في هذا الجدل، سارع وزير الرياضة مجدداً لتهدئة الأمور حيث أدلى بتصريحات أخرى، أكد فيها أن كلامه تم تحريفه وقصّ جزء مهم منه، ما تسبب في تأويله خطأ، مؤكداً أنه وزير كل الرياضات والرياضيين، وأنه يحترم كل الأندية الرياضية ولا ينحاز لأي طرف.
تجدر الإشارة، إلى أن تحديد تاريخ نشأة الأندية في الجزائر كان يتم وفق معايير تاريخية، أبرزها أن يكون النادي قد تم تأسيسه من طرف المسلمين فقط، حتى يتم الاعتراف به كفريق جزائري، وذلك راجع لوجود الجزائر تحت وطأة الاستعمار الفرنسي في الفترة ما بين 1830 و1962، وشهدت تلك الفترة إنشاء المئات من الأندية الرياضية في البلاد، منها ما أسسه جزائريون مسلمون، ومنها ما أنشأه فرنسيون من مختلف الديانات، ومنذ تلك الفترة كان مصير الكثير من الأندية والجمعيات الرياضية الزوال لأسباب مختلفة، بينما صمدت أخرى إلى غاية اليوم.