في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، انطلقت مجموعة قنوات "دي إم سي" الفضائية المصرية الخاصة، المملوكة لرجل الأعمال المصري، طارق إسماعيل، وبدعم خفيّ من المخابرات الحربية المصرية، بحسب ما يُشاع في الشارع الإعلامي المصري؛ إذ يشارك في تمويل تلك القنوات ضابط المخابرات السابق، ياسر سليم، والذي يملك موقع "دوت مصر" مع رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة.
تلحق تلك القنوات بخارطة النظام الإعلامية التي بدأت ملامحها تتشكل بشكل أساسي، خلال السنوات القليلة الماضية، بعد التحالفات الإعلامية الكبرى وعمليات الدمج بين القنوات والصحف لصالح حزمة رجال أعمال موالين للسلطة، يسيطرون على سوق الإعلام في مصر بشكل كامل الآن.
كانت القناة الوليدة قد أغرقت الشوارع والكباري المصرية بإعلانات الدعاية البنفسجية لها، وبصور الشخصيات الإعلامية والفنية التي تقدم برامجها المختلفة، والتي تعتمد بشكل كبير على "برامج الترفيه والتسلية"، للحدّ الذي دفع عددا من متصفّحي مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تدشين وسم ساخر "كوبري دي إم سي، أكتوبر سابقاً".
في المقابل، يظل مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرية "ماسبيرو"، يعاني إهمالاً يصفه البعض بـ "المتعمّد" من قبل الحكومة، بل اتجاه إلى "إلغاء مفهوم إعلام الخدمة العامة، والتوجه نحو تحقيق الكسب" التي يجب أن يتبناها أي إعلام حكومي.
"ماسبيرو" هو اسم المبنى الضخم المطلّ على كورنيش النيل مباشرة، مقر اتحاد التليفزيون والإذاعة المصرية، الذي يعد أقدم التليفزيونات والإذاعات الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأطلق عليه هذا الاسم تيمناً بعالم الآثار الفرنسي جاستون ماسبيرو، الذي كان رئيس
هيئة الآثار المصرية. وتأسس في يوليو/تموز عام 1960.
الإعلامي والإذاعي المصري، جمال الشاعر، تحدث في أكثر من مناسبة عن تخوفه من نية الحكومة عرض "ماسبيرو" للبيع أو الإيجار، خاصة بعد إعلان الحكومة في أكثر من سياق بشكل غير مباشر عن ضرورة التعامل معه باعتباره مؤسسة اقتصادية وتجارية هادفة للربح، وإلغاء مفهوم الإعلام كخدمة عامة يعبر عن عامة الشعب.
ولفت الشاعر أيضًا إلى اتجاه الحكومة المصرية الحالية إلى خلق "إعلام دولة موازٍ لإعلام الدولة"، ضاربًا المثل بـ "مجموعة محطات راديو النيل الحكومي الذي طرحته الحكومة لينافس مجموعة قنوات الإذاعة المصرية الرسمية"، موضحًا "بدلا من تطوير شكل وآلية محطات الإذاعة المصرية، اتجهت الدولة إلى بث محطة راديو جديدة تواكب التطورات في القنوات الخاصة، وكأنهم يتعمّدون تدمير المحطات الإذاعية الأصيلة".
ويتضمن "ماسبيرو" شبكة قنوات التلفزيون المصري المكون من "القناة الأولى والثانية والفضائية المصرية"، فضلاً عن النايل تي في أو NILE TV INTERNATIONAL.
وهي قناة تمثل وزارة خارجية الإعلام المصري في الخارج، لأنها تبث باللغات الأجنبية بالفرنسية والإنجليزية على مدار 24 ساعة، وشبكة تليفزيون النيل الذي يضم "قناة النيل دراما، وقناة النيل سينما، وقناة النيل الثقافية، وقناة النيل منوعات (لايف)، وقناة النيل للأسرة والطفل (العائلة)، وقناة النيل رياضة (سبورت)، وقناة النيل للبحث العلمي (المنارة)، وقناة النيل كوميدي، وقناة النيل للتعليم العالي، وقنوات النيل التعليمية. إضافة إلى شبكة تليفزيون المحروسة الذي يضم قنوات "القاهرة، والدلتا، والإسكندرية، والقنال، والصعيد، وطيبة".
أما المحطات الإذاعية العامة فتضم "إذاعة البرنامج العام، والقرآن الكريم، والأغاني المصرية، وصوت العرب، والشرق الأوسط، والبرنامج الثقافي، والشباب والرياضة، والبرنامج الموسيقى، والبرنامج الأوروبي، والأخبار والموسيقى، والتعليمية، والإذاعات الموجهة، والاذاعات الإقليمية، وإذاعة راديو مصر". أما المحطات الإذاعية ذات نسبة الشراكة، فتشمل "ميجا إف إم، وراديو هيتس، ونغم إف إم".
كما أنّ الإعلامي والإذاعي المصري تحدّث عن عبء العاملين في ماسبيرو في دفع "فواتير الحكومات والإدارات السابقة"، في المقابل يتم التعامل مع العاملين في "ماسبيرو" باعتبارهم "عبئا على الدولة المصرية وتضخما في الجهاز الحكومي".
وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات (منظمة حكومية مصرية) في 2015 إلى أن تضخم العمالة في "ماسبيرو" تخطى 45 ألف موظف، معتبرًا أن خطة إعادة هيكلة ماسبيرو تتطلب إعادة النظر في تنظيم تلك العمالة، بحيث يكون هناك تغيير حقيقي
ينهض بالقطاع.
وأضاف الجهاز "الاتحاد حصل على قرض بمبلغ 150 مليون جنيه من بنك الاستثمار القومي، بتاريخ 22 مارس/آذار 2010، بهدف تطوير القنوات الأولى والثانية الفضائية المصرية وإطلاق شبكات راديو النيل، بضمان جزء من أسهم الاتحاد المملوكة لكل من الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي والشركة المصرية للأقمار الصناعية، وقد تبين صرف نحو 19 مليونا و576 ألف جنيه من القرض الثاني مرتبات ونثريات تخص شبكة راديو النيل".
فيما نفى رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق، المخرج شكري أبو عميرة، في تصريحات إعلامية، الأرقام التي يرددها البعض عن حجم العمالة في ماسبيرو التي تجاوزت الـ45 ألف عامل، مشيرا إلى أن عدد العاملين فيه من 22 إلى 23 ألفًا.
وأعلن الشاعر أن ديون "ماسبيرو" تقدر بملياري جنيه سنويا، مطالبا بإعدام هذه الديون لأنها لصالح الدولة.
وتشير الأرقام الرسمية أيضًا إلى أن إجمالي ديون اتحاد الإذاعة والتليفزيون تقدر بـ21 مليار جنيه، رغم أن أصل الدين هو 8 مليارات فقط، إلا أن المبلغ زاد بسبب عدم دفع الفوائد عبر
العهود الماضية.
وعلى الرغم من ضخ كل تلك الأموال والاستثمارات في الإعلام الخاص المصري، إلا أن الإعلام المصري يعاني من "انحدار مهني شديد وتجاوزات أخلاقية تمسّ الأمن القومي المصري"، وفقاً للكاتب الصحافي المصري، عبد الله السناوي، الذي وصف، خلال مشاركة في ندوة عن القضايا الإعلامية، الإعلام المصري بأنه "يكرس للانقسام والتعبئة، بل إنه يعوم في بحر من الكراهية".
وبحسب الأرقام الرسمية المعلنة، فإن ميزانية اتحاد الإذاعة والتلفزيون التي يحصلها من ميزانية الدولة تقدر بـ2.6 مليار جنيه، من ضمنها 220 مليون جنيه تذهب جميعها لرواتب العاملين فقط.
ولفت السناوي إلى خطورة عدم التعامل مع التسريبات المنسوبة لشخصيات سياسية مصرية بارزة، سواء مؤيدة أو معارضة للنظام المصري، مؤكدا أن عدم التعامل الجدي مع هذه التسريبات يجعل كل شيء مستباحًا في الدولة المصرية مهما كانت مكانته أو منصبه.
اقــرأ أيضاً
كانت القناة الوليدة قد أغرقت الشوارع والكباري المصرية بإعلانات الدعاية البنفسجية لها، وبصور الشخصيات الإعلامية والفنية التي تقدم برامجها المختلفة، والتي تعتمد بشكل كبير على "برامج الترفيه والتسلية"، للحدّ الذي دفع عددا من متصفّحي مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تدشين وسم ساخر "كوبري دي إم سي، أكتوبر سابقاً".
في المقابل، يظل مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرية "ماسبيرو"، يعاني إهمالاً يصفه البعض بـ "المتعمّد" من قبل الحكومة، بل اتجاه إلى "إلغاء مفهوم إعلام الخدمة العامة، والتوجه نحو تحقيق الكسب" التي يجب أن يتبناها أي إعلام حكومي.
"ماسبيرو" هو اسم المبنى الضخم المطلّ على كورنيش النيل مباشرة، مقر اتحاد التليفزيون والإذاعة المصرية، الذي يعد أقدم التليفزيونات والإذاعات الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأطلق عليه هذا الاسم تيمناً بعالم الآثار الفرنسي جاستون ماسبيرو، الذي كان رئيس
الإعلامي والإذاعي المصري، جمال الشاعر، تحدث في أكثر من مناسبة عن تخوفه من نية الحكومة عرض "ماسبيرو" للبيع أو الإيجار، خاصة بعد إعلان الحكومة في أكثر من سياق بشكل غير مباشر عن ضرورة التعامل معه باعتباره مؤسسة اقتصادية وتجارية هادفة للربح، وإلغاء مفهوم الإعلام كخدمة عامة يعبر عن عامة الشعب.
ولفت الشاعر أيضًا إلى اتجاه الحكومة المصرية الحالية إلى خلق "إعلام دولة موازٍ لإعلام الدولة"، ضاربًا المثل بـ "مجموعة محطات راديو النيل الحكومي الذي طرحته الحكومة لينافس مجموعة قنوات الإذاعة المصرية الرسمية"، موضحًا "بدلا من تطوير شكل وآلية محطات الإذاعة المصرية، اتجهت الدولة إلى بث محطة راديو جديدة تواكب التطورات في القنوات الخاصة، وكأنهم يتعمّدون تدمير المحطات الإذاعية الأصيلة".
ويتضمن "ماسبيرو" شبكة قنوات التلفزيون المصري المكون من "القناة الأولى والثانية والفضائية المصرية"، فضلاً عن النايل تي في أو NILE TV INTERNATIONAL.
أما المحطات الإذاعية العامة فتضم "إذاعة البرنامج العام، والقرآن الكريم، والأغاني المصرية، وصوت العرب، والشرق الأوسط، والبرنامج الثقافي، والشباب والرياضة، والبرنامج الموسيقى، والبرنامج الأوروبي، والأخبار والموسيقى، والتعليمية، والإذاعات الموجهة، والاذاعات الإقليمية، وإذاعة راديو مصر". أما المحطات الإذاعية ذات نسبة الشراكة، فتشمل "ميجا إف إم، وراديو هيتس، ونغم إف إم".
كما أنّ الإعلامي والإذاعي المصري تحدّث عن عبء العاملين في ماسبيرو في دفع "فواتير الحكومات والإدارات السابقة"، في المقابل يتم التعامل مع العاملين في "ماسبيرو" باعتبارهم "عبئا على الدولة المصرية وتضخما في الجهاز الحكومي".
وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات (منظمة حكومية مصرية) في 2015 إلى أن تضخم العمالة في "ماسبيرو" تخطى 45 ألف موظف، معتبرًا أن خطة إعادة هيكلة ماسبيرو تتطلب إعادة النظر في تنظيم تلك العمالة، بحيث يكون هناك تغيير حقيقي
وأضاف الجهاز "الاتحاد حصل على قرض بمبلغ 150 مليون جنيه من بنك الاستثمار القومي، بتاريخ 22 مارس/آذار 2010، بهدف تطوير القنوات الأولى والثانية الفضائية المصرية وإطلاق شبكات راديو النيل، بضمان جزء من أسهم الاتحاد المملوكة لكل من الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي والشركة المصرية للأقمار الصناعية، وقد تبين صرف نحو 19 مليونا و576 ألف جنيه من القرض الثاني مرتبات ونثريات تخص شبكة راديو النيل".
فيما نفى رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق، المخرج شكري أبو عميرة، في تصريحات إعلامية، الأرقام التي يرددها البعض عن حجم العمالة في ماسبيرو التي تجاوزت الـ45 ألف عامل، مشيرا إلى أن عدد العاملين فيه من 22 إلى 23 ألفًا.
وأعلن الشاعر أن ديون "ماسبيرو" تقدر بملياري جنيه سنويا، مطالبا بإعدام هذه الديون لأنها لصالح الدولة.
وتشير الأرقام الرسمية أيضًا إلى أن إجمالي ديون اتحاد الإذاعة والتليفزيون تقدر بـ21 مليار جنيه، رغم أن أصل الدين هو 8 مليارات فقط، إلا أن المبلغ زاد بسبب عدم دفع الفوائد عبر
وعلى الرغم من ضخ كل تلك الأموال والاستثمارات في الإعلام الخاص المصري، إلا أن الإعلام المصري يعاني من "انحدار مهني شديد وتجاوزات أخلاقية تمسّ الأمن القومي المصري"، وفقاً للكاتب الصحافي المصري، عبد الله السناوي، الذي وصف، خلال مشاركة في ندوة عن القضايا الإعلامية، الإعلام المصري بأنه "يكرس للانقسام والتعبئة، بل إنه يعوم في بحر من الكراهية".
وبحسب الأرقام الرسمية المعلنة، فإن ميزانية اتحاد الإذاعة والتلفزيون التي يحصلها من ميزانية الدولة تقدر بـ2.6 مليار جنيه، من ضمنها 220 مليون جنيه تذهب جميعها لرواتب العاملين فقط.
ولفت السناوي إلى خطورة عدم التعامل مع التسريبات المنسوبة لشخصيات سياسية مصرية بارزة، سواء مؤيدة أو معارضة للنظام المصري، مؤكدا أن عدم التعامل الجدي مع هذه التسريبات يجعل كل شيء مستباحًا في الدولة المصرية مهما كانت مكانته أو منصبه.