لماذا فرنسا الآن؟

سقف زجاجي للإرهاب، وأيدٍ استخباراتية تصنع اللعبة الدولية، فلماذا تدار اليوم على الساحة الفرنسية؟ وما هو موقع ودور فرنسا على المسرح الدولي؟
فرنسا تتصدر، اليوم، المشهد الدولي، وتُزِج إلى ساحة الدول المتضررة من الإرهاب، المنسوب، زوراً وبهتاناً، إلى الإسلام والمسلمين، عبر مسرحية هزليةٍ، عاش العالم فصولها ببث حي ومباشر، فعدنا بالذاكرة إلى مسلسل "11 سبتمبر"، والذي مازال العرب المسلمون يعيشون تبعاته السيئة، ويدفعون ثمنه من دمائهم.
لم يقف المشهد السياسي المرافق لعملية "شارلي إيبدو" على ردود الفعل المعتادة من شجب واستنكار وغيرها، بل تعدت ذلك إلى حشد سياسي وإعلامي مدروس ومبرمج، ما يشير إلى أن هذه السحابة لن تزول، ولها مالها من تبعات مرسومة ومخطط لها جيداً، وستكون فرنسا الخط العريض في هذه المخططات.
الحضارة التي تقوم عليها دول أوروبا، اليوم، وفي مقدمتها فرنسا، لا تنفصل عن تاريخ الأجداد، بل تعتبر تجديداً للعصر الوسيط الراحل، وتجميلاً للتاريخ بما يتناسب والواقع.
لهذا، أوروبا الحديثة، بعلمانيتها وديموقراطيتها واحترامها "للرأي وحرية التعبير" واجهة تجميلية وزخرف خداع للازدواجية في المعايير، وتوظيفها لخدمة المصالح السياسية لهذه الدول والتي يلعب فيها الصراع الديني دوراً أساسياً.
فالماضي والحاضر يشهدان أن لفرنسا آثاراً إرهابية، أينما حلت وأينما وطأته أقدام جنودها، وعلى سبيل المثال، ما جرى ويجري في مالي من حملات إبادة ضد المسلمين، برعاية ومباركة فرنسية.
ولنستذكر الثلاثين من سبتمبر/أيلول عام 2005، حيث نشرت صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية اثنتي عشرة صورة كاريكاتيرية للرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، تداولتها أيضاً صحف أخرى فرنسية وألمانية ونرويجية، ولم تشهد الدنمارك أية عمليات تبنتها القاعدة أو الجماعات التي توصف بالإرهابية، على غرار ما حدث في فرنسا، فلماذا فرنسا اليوم وليست الدنمارك أمس؟
الحروب الغربية الحديثة ستبلغ ذروتها بعد حشد الرأي العام الأوروبي، ضد العرب والمسلمين، نتيجة "شارلي إيبدو"، والذي بدأنا نرى توابعه في ألمانيا، بعد إحراق وتخريب مساجد ومحلات لمسلمين عرب وأتراك، ومن الممكن أن نرى قريباً حرباً شعواء، بتحالف جديد يرضى عنه الشارع الأوروبي، المتخوف من الإرهاب، ونشهدَ عمليات جديدة في عواصم أخرى، لتزيد النار في الهشيم.