رفعت حكومة الوفاق الليبي من مستوى تمثيلها في أعمال القمة الإسلامية الرابعة عشرة التي انعقدت، أمس الجمعة، في مكة المكرمة، بمشاركة رئيس مجلسها الرئاسي، فايز السراج، بعدما خفّضت تمثيلها في القمة العربية، مكتفية بتكليف مندوب ليبيا الدائم في جامعة الدول العربية، صلاح الشماخ، بالمشاركة في أعمالها.
وفيما اعتبر مراقبون عدم مشاركة السراج في القمة العربية احتجاجا واضحا على الموقف العربي إزاء الأعمال العدائية العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ شهرين، وتجاوزا للموقف العربي بحثا عن موقف أوسع من خلال الدول الإسلامية المشاركة، تساءل آخرون عن استمرار اعتراف دول إقليمية، من بينها المملكة السعودية الموالية لحفتر، بحكومة الوفاق كحكومة شرعية ووحيدة لليبيا.
وكان عضو المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، فتح الله السريري، قلل من شأن فعالية قرارات القمة العربية في اتخاذ مواقف إزاء قضايا الأمة العربية.
وقال السريري، في تصريح لتلفزيون محلي، إن القمة العربية "لا يمكن التعويل عليها في اتخاذ أي موقف، إذ تفتقر إلى قوة التنفيذ على الأرض، فضلا عن أن الدول العربية لا تملك قرارها السياسي". وعن تخفيض حكومة الوفاق تمثيلها الدبلوماسي في القمة، لدرجة تكليفها مندوبها في الجامعة العربية، قال "هي رسالة احتجاج على الموقف العربي، خاصة السعودي، إزاء الاعتداء على طرابلس".
وتجاهل بيان القمة العربية الملف الليبي والوضع حول العاصمة، رغم مرور شهرين على هجوم حفتر المسلح عليها، كما لم تمنح الفرصة لممثل ليبيا لإلقاء كلمته.
ولا ترى الصحافية الليبية، نجاح الترهوني، في شكل الاحتجاج أي نتائج مجدية، مدللة على ذلك بتجاوز البيان الختامي للقمة الحديث عن مستجدات الأوضاع في العاصمة طرابلس.
وقالت الترهوني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "السياسة الخارجية للحكومة ضعيفة جدا ومواقفها خجولة وتبدو أحيانا مجاملة أكثر منها حازمة"، لافتة إلى أنها عجزت عن اتخاذ مواقف حازمة، من مثل استدعاء سفراء دول تجاهر بدعمها لحفتر، مثل السعودية على الأقل.
وتساءلت "ماذا يعني أن تقاطع قمة وتشارك في قمة في ذات الدولة وأنت تعرف أن المستقبلين هم أنفسهم مسؤولو ذات الدولة. يصافحونك وفي الوقت ذاته يدعمون من يقتل شعبك؟"، متابعة "التأثير الدولي كان واضحا في موقف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فدعوتها تكاد تكون منقولة حرفيا من الدعوات الأممية والدولية الأخرى".
ودعا البيان الختامي للقمة الإسلامية للدورة، الأطراف الليبية، إلى الالتزام بمراعاة المصلحة العليا، وتجنيب الشعب الليبي مزيدا من المعاناة وويلات الحروب، وضرورة العودة إلى المسار السياسي، في إطار الاتفاق السياسي برعاية الأمم المتحدة.
من جهته، رأى المحلل السياسي الليبي سعيد الجواشي، أن توجيه الدعوة للسراج كرئيس لحكومة الوفاق، بغض النظر عن القمة عربية أو إسلامية، يفتح الباب للتساؤل عن حقيقة مواقف تلك الدول، وعلى رأسها السعودية، وإمكانية عودة حكومة الوفاق إلى الواجهة الدبلوماسية.
ورجح الجواشي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة التي تعيش حصارا سياسيا وعسكريا تمكنت من خلال هذه المشاركة من التأكيد على أن العالم لا يعترف بسواها في البلاد. وقال إن "جلوس السراج الذي يُتهم بوقوفه إلى جانب تشكيلات مسلحة... إلى جانب ممثلي عدد كبير لحكومات ودول يمثل مكسبا سياسيا جديدا". وشدد على أن مشاركة السراج جاءت كرد واضح على أنصار حفتر الذين وصفوه بـ"رئيس حكومة إرهابية، بل ووضعت الحكومة الموالية لحفتر في الشرق اسم السراج على قائمة المطلوبين"، مؤكدا أن زيارة السراج للسعودية بصفته الرسمية أكبر رد على ذلك.
وأعلن حفتر، في 4 إبريل/نيسان الماضي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام طرابلس، بينما ردّت حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، بإطلاق عملية "بركان الغضب"، لوقف أي اعتداء على العاصمة الليبية.
وجاءت عملية حفتر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع في مدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، الذي كان مقرراً بين 14 و16 إبريل/نيسان الماضي، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف حل الأزمة الليبية وإطلاق العملية السياسية، وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى.