يبحث مجلس برلمان طبرق، الثلاثاء المقبل، مقترح نقل مقره إلى مدينة بنغازي، وبينما لاقت هذه الدعوة ترحيباً من رئيس البرلمان عقيلة صالح وعدد من النواب الآخرين، وجد فيها مراقبون "غرضاً سياسياً"، يهدف إليه اللواء خليفة حفتر، مشيرين إلى أن هذه الخطوة إن تمت، فإنها ستعقد الوضع سياسياً في ليبيا.
وأعلن عقيلة صالـح عن عرض مقترح عدد من النواب نقل مقر المجلس إلى مدينة بنغازي خلال جلسته التي سيعقدها الثلاثاء المقبل، مرحبا بالدعوة لعودة المجلس لـ"مقره الرسمي".
وأكد صالح، في بيان ليل أمس الثلاثاء، أن المقر الرئيس للمجلس، حسب الاعلان الدستوري، هو مدينة بنغازي، لكنه أرجع القرار للنواب خلال الجلسة المقبلة، ولجهوزية ترتيبات نقله إلى المدينة من الناحية الأمنية واللوجستية، في وقت شكك فيه مراقبون بحقيقة هذه الخطوة.
وكان مجلس النواب الليبي عقد أولى جلساته في مدينة طبرق في الرابع من أغسطس/آب من عام 2014، بحجة عدم قدرته على عقدها في بنغازي حسب الإعلان الدستوري، بسبب الاشتباكات الدائرة بين قوات حفتر وقوات "مجلس شورى بنغازي" وقتها.
لكن القرار الذي توازى مع خلافات سياسية وأمنية كبيرة وقتها، دفع بعدد من النواب إلى مقاطعته، كما ساهم حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية بعدم دستورية عقد مجلس النواب جلساته في طبرق ودستورية انتخابه على أساس مقترحات لجنة فبراير، زاد من حدة الانقسام داخله، لينتهي بانقسام سياسي في البلاد إثر عودة المؤتمر الوطني العام للواجهة السياسية بناء على حكم المحكمة العليا.
ودافع عضو مجلس النواب، الصالحين عبد النبي، عن الخطوة، معتبرا أنها "تأخرت"، وقال لـ "العربي الجديد"، إنه "لا يوجد مانع من عودة المجلس لمقره الأصلي في بنغازي"، مؤكدا أنه "لا توجد أغراض سياسية من وراء القرار".
كما اعتبر أن "عقد المجلس لجلساته في بنغازي رسالة للعالم بأن بنغازي آمنة، وأن قوات الجيش (قوات حفتر) قضت على الإرهاب"، مضيفاً "الإعلان الدستوري ينص على أن بنغازي مقر مجلس النواب الرسمي، لكن حتى نطمئن الرأي العام يمكن للمجلس أن يعقد جلساته في أي مدينة أخرى في الجنوب أو الغرب، لكن يجب العودة أولا إلى بنغازي".
واعتبر أن "وجود المجلس في بنغازي عودة للمياه لمجاريها، ومثال لكل المؤسسات في البلاد لتحذو حذو المجلس وتعود لمقراتها لمباشرة أعمالها وإنهاء الخلافات والانقسامات".
لكن المحلل السياسي جمعة بوسعدة، اعتبر دفاع عبد النبي لا يتعدى حديث "الاستهلاك الإعلامي"، مؤكدا أن "أغراضا سياسية تصب في صالح حفتر تقف وراء هذا القرار".
وقال إنه من "اللافت في الداعين لذهاب المجلس إلى بنغازي هم النواب الموالون والداعمون لحفتر، ولم نسمع أي صوت حتى الآن للكتل الأخرى التي تميل في آرائها لدعم الاتفاق السياسي"، مؤكدا أن ذهاب المجلس إلى بنغازي "يعني مصادرة قراره والقضاء على آخر بؤر الأمل في وجود آراء توافق الاتفاق السياسي وتعارض حفتر ولو نسبيا".
ورأى بوسعدة أن وجود المجلس في طبرق أتاح نسبيا هامشا من الحراك والحرية لبعض النواب الموالين للاتفاق السياسي، مضيفاً أن "هذا القرار الذي فوجئنا بترحيب صالح به، جاء بعد فشل استمرار مؤيدي حفتر في عرقلة عقد جلسات المجلس، وبالتالي يجب إيجاد سبيل آخر كنقله إلى بنغازي، حيث السيطرة الكاملة لحفتر، ولا يجرؤ أحد على لفظ حتى اسمه دون كلمة المشير وسط بنغازي".
وتساءل المحلل السياسي عن كيفية عقد المجلس جلساته وإصدار قراراته بغياب أعضاء يتعذّر ذهابهم إلى بنغازي وهم كثر "ليسوا المقاطعين فقط، بل هناك 100 نائب وقعوا في فبراير/شباط 2015 بياناً فوضوا فيه حكومة الوفاق بالعمل".
وتابع "هناك أغراض ولا شك تخدم حفتر، وأعتقد أن من بينها كتم الأصوات النيابية الضاغطة بشدة هذه الأيام لإصدار قانون استفتاء على الدستور، وهو ما يرفضه الموالون لحفتر داخل المجلس". واعتبر بوسعدة أن ذهاب المجلس لبنغازي حلقة في سلسلة العراقيل لأي تسوية سياسية، سواء من خلال الدستور أو الانتخابات أو الاتفاق السياسي.