عانت حركة "طالبان باكستان" على مدى أكثر من عام من انشقاقات كبيرة، نتج عنها توزع الحركة إلى جماعات قتالية متنافسة عدة، بقيت معظمها مناوئة للحكومة والجيش الباكستاني. إلا أن البعض اختار التصالح مع الحكومة بصورة أو أخرى كـ "طالبان محسود" وطالبان فرع البنجاب، فيما أعلن بعض القياديين البارزين في الحركة الولاء لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
لكن في الأيام الأخيرة يبدو أن بعض تلك الجماعات أدركت أن انشقاقاتها الداخلية تصبّ في مصلحة الحكومة، وتؤدي في نهاية المطاف إلى اضمحلال وتفكيك قوة كل تلك الجماعات واحدة تلو الأخرى فبدأت تعيد حساباتها.
وكانت الخلافات داخل حركة "طالبان باكستان" قد بدأت عقب مقتل زعيم الحركة، حكيم الله محسود، في غارة أميركية في العام 2013، وبعد أن تم اختيار الملا فضل الله الذي لا ينتمي إلى قبيلة محسود لقيادة الحركة. وهو الأمر الذي عارضه المقاتلون المنتسبون إلى قبيلة محسود التي كانت تتزعم الحركة منذ ولادتها. وبلغت الخلافات داخل الحركة ذروتها في يونيو/حزيران من العام 2014، عندما فشلت المفاوضات بين الحكومة الباكستانية وحركة "طالبان"، وأعلنت الأخيرة اللجوء إلى العمل العسكري، حينها أعلن "فرع محسود" انشقاقه عن الحركة، وأطلق على جماعته تسمية "طالبان محسود"، يقودها القيادي البارز في الحركة سيد خان سجنا. والأخير هو أحد المقربين لزعيم الحركة السابق حكيم الله محسود.
وكان سبب الانشقاق التفاوض بين الحكومة و"طالبان". فكان "فرع محسود" يصرّ على المضي قدماً في التفاوض مع الحكومة، بينما رفضت الحركة مواصلة عملية الحوار لعدم استجابة الحكومة لمطالبها.
وتوالت الانشقاقات في صفوف الحركة. ففي أغسطس/آب من العام 2014، أعلن المتحدث باسم الحركة آنذاك، إحسان الله إحسان، إلى جانب قياديين آخرين من بينهم أمير فرع مهمند خالد خراساني، انشقاقهم عن الحركة وتشكيل جماعة جديدة أطلق عليها اسم "جماعة الأحرار" يقودها قاسم عمر خراساني. وبررت الجماعة خطوتها بأن حركة "طالبان" معرضة لانشقاقات وخلافات داخلية حادة، وأن تشكيل الجماعة سيضع حدا لتلك الخلافات وستؤمن المظلة لمقاتلي الحركة.
اقرأ أيضاً: تنامي "داعش" في باكستان: تحذيرات سياسيّة ونفي حكومي
وبعد فترة وجيزة انفصل فرع آخر من الحركة هو فرع "طالبان البنجاب" أو المعروف في أوساط الحركة بـ "بنجابي طالبان"، إذ أعلن أمير الفرع، عصمت الله معاوية، الذي كان يقود المقاتلين المنتسبين إلى إقليم البنجاب أنه لا طائل من الكفاح المسلح، معلناً استسلامه أمام الجيش، والتوجه نحو الدعوة والتبليغ كوسيلة لنشر تعاليم الإسلام.
واعتبر المراقبون آنذاك هذا التطور نجاحاً كبيراً للاستخبارات الباكستانية وصفعة قوية لـ "طالبان". كما اعتقد الكثيرون أن قوة "طالبان" تدهورت بصورة شبه كاملة، ولا سيما أن الانشقاقات والخلافات الداخلية تزامنت مع عمليات الجيش الباكستاني التي انطلقت في مقاطعة شمال وزيرستان، وامتدت إلى معظم المناطق القبلية، عدا المناطق التي كانت تحت سيطرة "طالبان محسود" الموالية للجيش.
وما زاد الأمور أكثر تعقيداً لـ "طالبان" تحديداً فضلاً عن جميع الجماعات المسلحة عامة، هو عمل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على التواجد في باكستان، وإعلانه تشكيل فرع خراسان. وهو ما نتج عنه إعلان خمسة من القيادات البارزة في الحركة الولاء لـ "داعش".
وفي ظل الانشقاقات المتزايدة من جهة، وعمليات الجيش المتواصلة من جهة ثانية، عمّ الاعتقاد في أوساط الباكستانيين أن "طالبان" على وشك الانهيار، لكن ذلك ترافق مع قلق إزاء تزايد نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية".
أما السلطات الأمنية، التي ترفض وجود "داعش"، فتؤكد أن قوة "طالبان" انهارت بسبب عمليات الجيش، غير أنها شددت على أنّ للحركة ملاذات آمنة في المناطق القبلية الأفغانية.
وطالبت السلطات الأفغانية بالتصدي لزعيم الحركة، المولوي فضل الله، الذي يتخذ من المناطق القبلية الأفغانية مقرا له، وفق مصادر أمنية باكستانية. لكن يبدو أن حركة "طالبان" وبعض الجماعات المنشقة عنها أدركت فعلاً أن توزعها يؤدي إلى تدهور قوة تلك الجماعات، وأن الجيش الباكستاني هو الجهة التي تستفيد من استمرار الخلافات الداخلية بينها، كما يؤكد مصدر في "طالبان" لـ "العربي الجديد" طالباً عدم الإفصاح عن هويته.
ويوضح المصدر أنّ قيادة الحركة في تواصل دائم مع قيادات جميع الجماعات المنشقة لتقنعهم بالانضمام إلى الحركة مجدداً.
وكنتيجة أولية لتلك الجهود أعلنت "جماعة الأحرار" وجماعة "جيش الإسلام"، التي يتزعمها منجل باغ، انضمامها إلى "طالبان". وكانت "جماعة الأحرار" قد انشقت عن طالبان بسبب الخلافات الداخلية، فيما كانت جماعة "جيش الإسلام" تعمل بمفردها ضد الجيش منذ البداية، ولكن بالتنسيق مع "طالبان".
وأكد المتحدث السابق باسم "طالبان" والقيادي في "جماعة الأحرار"، إحسان الله إحسان، أن الخطوة أتت نتيجة جهود قيادات في الحركة، وستكون لها آثار إيجابية على الوضع الميداني، فيما رحب المتحدث باسم "طالبان" محمد خراساني بانضمام الجماعتين إلى "طالبان".
ولم تعقّب الحكومة الباكستانية ولا حتى الجيش على إعلان "طالبان" حتى الآن، لكن بعض المصادر الأمنية عدّت التطور مجرد محاولة لجلب أنظار الناس، بعد أن خسرت تلك الجماعات قواتها العسكرية، فضلاً عن تعرضها لضربات قاسية إثر عمليات الجيش التي طالت جميع المقاطعات القبلية، وامتدت إلى بعض المدن الرئيسية كمدينتي بشاور وكراتشي، وبعض المناطق في الإقليم البنجاب. غير أن المراقبين للتطورات الميدانية يرون أن ما يجري محاولة ذكية من قبل "طالبان"، إذ إنها بعد أن خسرت قوتها في مقاطعة وزيرستان، نتيجة عملية الجيش في شمال المقاطعة، والمصالحة بين "طالبان محسود" والجيش في الجنوب، ستجد الحركة معقلاً قوياً آخر في المناطق القبلية بعد انضمام جماعة "جيش الإسلام"، والتي تتمتع بنفوذ واسع في مقاطعة خيبر القبلية المهمة التي تقع بمحاذاة العديد من المقاطعات القبلية، وبجوار مدينة بشاور عاصمة إقليم خيبربختونخوا.
أما انضمام "جماعة الأحرار" إلى "طالبان" فسيمنح الحركة قوة داخل المدن الباكستانية ولا سيما في إقليم البنجاب، إذ إن الجماعة استطاعت أن تجمع بعض المقاتلين من إقليم البنجاب، بعد أن أعلن فرع البنجاب من "طالبان" المصالحة مع الجيش الباكستاني، واختار العمل الدعوي لنشر تعاليم الإسلام بدلاً من الخيار العسكري.
وعلى الرغم من اعتقاد بعض الخبراء الأمنيين أن الإعلان محاولة لجذب اهتمام وسائل الإعلام، إلا أن العمليات الأخيرة التي نفذتها الحركة تشير إلى أن انضمام الجماعتين إلى "طالبان" ساندها كثيراً في لمّ شملها، وجمع قوتها العسكرية ولو نسبياً. كما أكدت المصادر العسكرية في وقت سابق أن الهجوم على مدرسة لأبناء العسكريين في مدينة بشاور، قد نفذته "طالبان" بالتنسيق مع جماعة "الجش الإسلام" التي انضمت إلى "طالبان" أخيراً. ما يعني أن لانضمام الجماعتين إلى "طالبان" آثارا كبيرة على الوضع الميداني. وكان الهجوم الدموي قد أسفر عن مقتل العشرات، معظمهم من طلاب المدارس.
وفي حين سيضاعف تحالف الجماعات المسلحة مهمة الجيش الباكستاني، إلا أنه يعدّ أيضاً عقبة أمام نفوذ "داعش" المتزايد في المنطقة، ولا سيما أنّ "جماعة الأحرار" كانت من الجماعات الموالية لـ "داعش" قبل التراجع عن قرارها وانضمامها إلى "طالبان".
وكانت الخلافات داخل حركة "طالبان باكستان" قد بدأت عقب مقتل زعيم الحركة، حكيم الله محسود، في غارة أميركية في العام 2013، وبعد أن تم اختيار الملا فضل الله الذي لا ينتمي إلى قبيلة محسود لقيادة الحركة. وهو الأمر الذي عارضه المقاتلون المنتسبون إلى قبيلة محسود التي كانت تتزعم الحركة منذ ولادتها. وبلغت الخلافات داخل الحركة ذروتها في يونيو/حزيران من العام 2014، عندما فشلت المفاوضات بين الحكومة الباكستانية وحركة "طالبان"، وأعلنت الأخيرة اللجوء إلى العمل العسكري، حينها أعلن "فرع محسود" انشقاقه عن الحركة، وأطلق على جماعته تسمية "طالبان محسود"، يقودها القيادي البارز في الحركة سيد خان سجنا. والأخير هو أحد المقربين لزعيم الحركة السابق حكيم الله محسود.
وكان سبب الانشقاق التفاوض بين الحكومة و"طالبان". فكان "فرع محسود" يصرّ على المضي قدماً في التفاوض مع الحكومة، بينما رفضت الحركة مواصلة عملية الحوار لعدم استجابة الحكومة لمطالبها.
وتوالت الانشقاقات في صفوف الحركة. ففي أغسطس/آب من العام 2014، أعلن المتحدث باسم الحركة آنذاك، إحسان الله إحسان، إلى جانب قياديين آخرين من بينهم أمير فرع مهمند خالد خراساني، انشقاقهم عن الحركة وتشكيل جماعة جديدة أطلق عليها اسم "جماعة الأحرار" يقودها قاسم عمر خراساني. وبررت الجماعة خطوتها بأن حركة "طالبان" معرضة لانشقاقات وخلافات داخلية حادة، وأن تشكيل الجماعة سيضع حدا لتلك الخلافات وستؤمن المظلة لمقاتلي الحركة.
اقرأ أيضاً: تنامي "داعش" في باكستان: تحذيرات سياسيّة ونفي حكومي
وبعد فترة وجيزة انفصل فرع آخر من الحركة هو فرع "طالبان البنجاب" أو المعروف في أوساط الحركة بـ "بنجابي طالبان"، إذ أعلن أمير الفرع، عصمت الله معاوية، الذي كان يقود المقاتلين المنتسبين إلى إقليم البنجاب أنه لا طائل من الكفاح المسلح، معلناً استسلامه أمام الجيش، والتوجه نحو الدعوة والتبليغ كوسيلة لنشر تعاليم الإسلام.
واعتبر المراقبون آنذاك هذا التطور نجاحاً كبيراً للاستخبارات الباكستانية وصفعة قوية لـ "طالبان". كما اعتقد الكثيرون أن قوة "طالبان" تدهورت بصورة شبه كاملة، ولا سيما أن الانشقاقات والخلافات الداخلية تزامنت مع عمليات الجيش الباكستاني التي انطلقت في مقاطعة شمال وزيرستان، وامتدت إلى معظم المناطق القبلية، عدا المناطق التي كانت تحت سيطرة "طالبان محسود" الموالية للجيش.
وفي ظل الانشقاقات المتزايدة من جهة، وعمليات الجيش المتواصلة من جهة ثانية، عمّ الاعتقاد في أوساط الباكستانيين أن "طالبان" على وشك الانهيار، لكن ذلك ترافق مع قلق إزاء تزايد نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية".
أما السلطات الأمنية، التي ترفض وجود "داعش"، فتؤكد أن قوة "طالبان" انهارت بسبب عمليات الجيش، غير أنها شددت على أنّ للحركة ملاذات آمنة في المناطق القبلية الأفغانية.
وطالبت السلطات الأفغانية بالتصدي لزعيم الحركة، المولوي فضل الله، الذي يتخذ من المناطق القبلية الأفغانية مقرا له، وفق مصادر أمنية باكستانية. لكن يبدو أن حركة "طالبان" وبعض الجماعات المنشقة عنها أدركت فعلاً أن توزعها يؤدي إلى تدهور قوة تلك الجماعات، وأن الجيش الباكستاني هو الجهة التي تستفيد من استمرار الخلافات الداخلية بينها، كما يؤكد مصدر في "طالبان" لـ "العربي الجديد" طالباً عدم الإفصاح عن هويته.
ويوضح المصدر أنّ قيادة الحركة في تواصل دائم مع قيادات جميع الجماعات المنشقة لتقنعهم بالانضمام إلى الحركة مجدداً.
وكنتيجة أولية لتلك الجهود أعلنت "جماعة الأحرار" وجماعة "جيش الإسلام"، التي يتزعمها منجل باغ، انضمامها إلى "طالبان". وكانت "جماعة الأحرار" قد انشقت عن طالبان بسبب الخلافات الداخلية، فيما كانت جماعة "جيش الإسلام" تعمل بمفردها ضد الجيش منذ البداية، ولكن بالتنسيق مع "طالبان".
وأكد المتحدث السابق باسم "طالبان" والقيادي في "جماعة الأحرار"، إحسان الله إحسان، أن الخطوة أتت نتيجة جهود قيادات في الحركة، وستكون لها آثار إيجابية على الوضع الميداني، فيما رحب المتحدث باسم "طالبان" محمد خراساني بانضمام الجماعتين إلى "طالبان".
ولم تعقّب الحكومة الباكستانية ولا حتى الجيش على إعلان "طالبان" حتى الآن، لكن بعض المصادر الأمنية عدّت التطور مجرد محاولة لجلب أنظار الناس، بعد أن خسرت تلك الجماعات قواتها العسكرية، فضلاً عن تعرضها لضربات قاسية إثر عمليات الجيش التي طالت جميع المقاطعات القبلية، وامتدت إلى بعض المدن الرئيسية كمدينتي بشاور وكراتشي، وبعض المناطق في الإقليم البنجاب. غير أن المراقبين للتطورات الميدانية يرون أن ما يجري محاولة ذكية من قبل "طالبان"، إذ إنها بعد أن خسرت قوتها في مقاطعة وزيرستان، نتيجة عملية الجيش في شمال المقاطعة، والمصالحة بين "طالبان محسود" والجيش في الجنوب، ستجد الحركة معقلاً قوياً آخر في المناطق القبلية بعد انضمام جماعة "جيش الإسلام"، والتي تتمتع بنفوذ واسع في مقاطعة خيبر القبلية المهمة التي تقع بمحاذاة العديد من المقاطعات القبلية، وبجوار مدينة بشاور عاصمة إقليم خيبربختونخوا.
أما انضمام "جماعة الأحرار" إلى "طالبان" فسيمنح الحركة قوة داخل المدن الباكستانية ولا سيما في إقليم البنجاب، إذ إن الجماعة استطاعت أن تجمع بعض المقاتلين من إقليم البنجاب، بعد أن أعلن فرع البنجاب من "طالبان" المصالحة مع الجيش الباكستاني، واختار العمل الدعوي لنشر تعاليم الإسلام بدلاً من الخيار العسكري.
وفي حين سيضاعف تحالف الجماعات المسلحة مهمة الجيش الباكستاني، إلا أنه يعدّ أيضاً عقبة أمام نفوذ "داعش" المتزايد في المنطقة، ولا سيما أنّ "جماعة الأحرار" كانت من الجماعات الموالية لـ "داعش" قبل التراجع عن قرارها وانضمامها إلى "طالبان".
اقرأ أيضاً: خطف أبناء "هزارة" يهدد أفغانستان بحرب طائفية