22 نوفمبر 2018
لن يصلح "الرزاز" ما أفسده الدهر
لن أكتب مقدمة هذه المرة بل سأختصر وسأقتبس مما كتب في المنهاج الجديد، جملة حازت إعجابي وسيفهم منها اللبيب جوهر مقالي؛ "ومن أبرز صفات المواطن الصالح أن يدفع الضرائب والفرائض المالية جميعها عن طيب خاطر".
سيدي الرئيس، أنا على أتمّ الاستعداد لأكون تلك المواطنة الصالحة التي ذكرتموها في مناهجكم والتي ستدفع عن طيب خاطر ما عليها، وعلى الرغم من أن الضريبة أساسها ليس إيرادات خزينة الدولة بل هي مساهمات بدل خدمات تنفقها الدولة لخدمة المجتمع كالصحة والتعليم والمواصلات والبنية التحتية وغيرها.
غير أنني مقتنعة على عكس البعض بأن الضريبة هي أحد موارد الدولة، في ظل عجز إنتاجي لدولة بحجم بعض الورد، والأصل ألا نعترض عليها بشرط أن تكون منصفة. لن أهاجمك، ولن أطالب بوجوب محاكمة كل رئيس وزراء سبقك بجرم التقصير والتسيّب والتخاذل والإهدار والإهمال، ولن أعلق على كلام أحد وزرائك الأفاضل بأنهم وزراء وليسوا بتجار؛ رغم أنه محقّ، فلو كانوا يعلمون أبجديات التجارة والصناعة لتمكّنوا من صناعة وطن لا مثيل له.
إن من قال لك إن لدينا مشكلة مع قانون الضريبة، قد زوّر الحقائق؛ فمشكلتنا تكمن بقلة السجون، نعم قلة السجون، إذ إننا نعتقد بأنها لن تكفي شعباً بأكمله بسبب الديون والقروض التي ستترتب علينا بعد إقرار القانون المعدل، فماذا عساك فاعلٌ بنا؟ فضلاً عن تجريم الأشخاص الذي ينصّ عليه القانون ذاته، إذ أعطى المقدّر الضريبي صلاحيات متناهية، فببساطة يستطيع تجريم أي منا لدوافع خفية أو واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار في حال لم نستجب لطلباته، وزجنا في السجن الذي أعلم يقيناً أنه لن يتسع لنا.
اعذر جهلي بالقانون يا سيدي، ولكن ما هي الضوابط التي ستضمن لنا ألا نظلم، ماذا لو أخطأ مدقّق حساباتي، فهو بشر يخطئ ويصيب.
لا أعتقد أنك تستطيع إنكار أن هناك ضعفاً في المنظومة الحكومية ككل. فكيف لحكومة غير قادرة على جلب من سرق ونهب مقدرات الوطن أن تحمي ما سندفعه لضريبة الدخل!
فالسرقة، الفساد، المحسوبيات والمناصب تعتبر جوائز ترضية للمتنفعين على حسابنا "والحسابة بتحسب" من جيوبنا؛ أكاد أجزم بأن السبب وراء حب الحكومات المتعاقبة لتعويض هذه السرقات من جيب المواطن بات بسبب أن المسألة هي مسألة ذوق عام لا أكثر ولا أقل، فهناك العديد من الحلول المطروحة، كفكرة الفوترة التي بتنا نسمع عنها مؤخراً، لكن ذوق حكوماتنا يأبى أن يتغيّر، فهو ثابت صارم وحازم ضد جميع المتغيرات.
وفي ما يتعلّق بفرض الضريبة على الدخل الإجمالي وتقدير الإعفاءات للعائلات والأفراد، فمن يقول إنه يتم بشكل عشوائي، معتمداً على أنها كانت 24 ثم هبطت لـ 12، وبعد ذلك عادت وارتفعت لـ 18، كلّي ثقة بأنه لم يزر "الحسبة" في يومٍ من الأيام. إن من العجائب التي حيّرت العالم، وأنا شبه متأكدة أنها قد حيّرت خبراءكم الأفاضل؛ أن لكل أسرة أردنية خصوصيتها، ولا بد أنهم موقنون بأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال فرض ضريبة على الأسرة من دون حساب نفقاتها والتزاماتها؛ كدراسة وضعها، سواء الصحي أو عدد أو حتى أعمار أفرادها وما يترتب عليها من مصاريف لجامعات أو قروض لامتلاك سيارات أو منازل أو حتى إيجارات، ولكن ذلك النابغة الذي اقترح ثباتها لتكون منصفة وعادلة وجد أن هذا الاقتراح الفذّ هو شر لا بد منه.
بالنسبة إلى كلام خبرائك بأن القانون لن يمسّ 90% من المجتمع، فأجد أنهم محقون 100%؛ فالقانون لن يمسّنا بل سيسحقنا، وبالطبع فإن هذا آخر همهم، فقد بات من المعروف لدى حضرتنا، بعد تصريحات حكومتكم الموقّرة واستعانتها بأرقام أُعدت قبل 10 سنوات حول دراسة خط "الجوع"، بأنها لا تمتلك أدنى فكرة عمّا يدور في الشارع الأردني، وبالتالي فهي لا تمتلك أدوات تحديد الأسعار وغير قادرة على ضبطها؛ ولكي لا أحمل وزرها أجد أنه يتحتّم عليّ كمواطنة صالحة تنوي الدفع عن طيب خاطر أن أشير إليها؛ إن الجميع سيتأثر بقانون الضريبة وإن أي ارتفاع بالضريبة سيُجبر المستثمر ومقدم الخدمة على أن يقوم هو الآخر برفع أسعاره، وبالتالي سنغطي فروق ضرائب الشركات الخدماتية الكبرى أو أي سلعة؛ ما سيخضع المواطنين كافة للضريبة بشكل غير مباشر.
وفي ما يخص الـ 1% تكافل اجتماعي فأجدني هنا يا سيدي عاجزة عن شكر حكومتكم على كرمكم الحاتمي، فقد أخجلتمونا وغمرتمونا به؛ علماً بأن ما دفعناه لكم وما ندفعه وما سندفعه يوجب عليكم خدمتنا، ولكن لا يحقّ لمواطنة صالحة أن تعترض، لذلك سأكتفي بأن أهمس في أذنك يا سيدي، بأنه لا يحق لكم أن تفرضوا علينا ضرائب وسجل نجاحاتكم لغاية الآن هو صفر ولا يحق لكم أن تطالبونا بواجباتنا من دون أن توفّروا لنا حقوقنا.
وفي الختام فإنني "أُعيذك يا وطني الغالي من أحزان تكالبت عليك وأعيذ ترابك وسماك وعيون شعبك من كل هم وفاجعة".
سيدي الرئيس، أنا على أتمّ الاستعداد لأكون تلك المواطنة الصالحة التي ذكرتموها في مناهجكم والتي ستدفع عن طيب خاطر ما عليها، وعلى الرغم من أن الضريبة أساسها ليس إيرادات خزينة الدولة بل هي مساهمات بدل خدمات تنفقها الدولة لخدمة المجتمع كالصحة والتعليم والمواصلات والبنية التحتية وغيرها.
غير أنني مقتنعة على عكس البعض بأن الضريبة هي أحد موارد الدولة، في ظل عجز إنتاجي لدولة بحجم بعض الورد، والأصل ألا نعترض عليها بشرط أن تكون منصفة. لن أهاجمك، ولن أطالب بوجوب محاكمة كل رئيس وزراء سبقك بجرم التقصير والتسيّب والتخاذل والإهدار والإهمال، ولن أعلق على كلام أحد وزرائك الأفاضل بأنهم وزراء وليسوا بتجار؛ رغم أنه محقّ، فلو كانوا يعلمون أبجديات التجارة والصناعة لتمكّنوا من صناعة وطن لا مثيل له.
إن من قال لك إن لدينا مشكلة مع قانون الضريبة، قد زوّر الحقائق؛ فمشكلتنا تكمن بقلة السجون، نعم قلة السجون، إذ إننا نعتقد بأنها لن تكفي شعباً بأكمله بسبب الديون والقروض التي ستترتب علينا بعد إقرار القانون المعدل، فماذا عساك فاعلٌ بنا؟ فضلاً عن تجريم الأشخاص الذي ينصّ عليه القانون ذاته، إذ أعطى المقدّر الضريبي صلاحيات متناهية، فببساطة يستطيع تجريم أي منا لدوافع خفية أو واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار في حال لم نستجب لطلباته، وزجنا في السجن الذي أعلم يقيناً أنه لن يتسع لنا.
اعذر جهلي بالقانون يا سيدي، ولكن ما هي الضوابط التي ستضمن لنا ألا نظلم، ماذا لو أخطأ مدقّق حساباتي، فهو بشر يخطئ ويصيب.
لا أعتقد أنك تستطيع إنكار أن هناك ضعفاً في المنظومة الحكومية ككل. فكيف لحكومة غير قادرة على جلب من سرق ونهب مقدرات الوطن أن تحمي ما سندفعه لضريبة الدخل!
فالسرقة، الفساد، المحسوبيات والمناصب تعتبر جوائز ترضية للمتنفعين على حسابنا "والحسابة بتحسب" من جيوبنا؛ أكاد أجزم بأن السبب وراء حب الحكومات المتعاقبة لتعويض هذه السرقات من جيب المواطن بات بسبب أن المسألة هي مسألة ذوق عام لا أكثر ولا أقل، فهناك العديد من الحلول المطروحة، كفكرة الفوترة التي بتنا نسمع عنها مؤخراً، لكن ذوق حكوماتنا يأبى أن يتغيّر، فهو ثابت صارم وحازم ضد جميع المتغيرات.
وفي ما يتعلّق بفرض الضريبة على الدخل الإجمالي وتقدير الإعفاءات للعائلات والأفراد، فمن يقول إنه يتم بشكل عشوائي، معتمداً على أنها كانت 24 ثم هبطت لـ 12، وبعد ذلك عادت وارتفعت لـ 18، كلّي ثقة بأنه لم يزر "الحسبة" في يومٍ من الأيام. إن من العجائب التي حيّرت العالم، وأنا شبه متأكدة أنها قد حيّرت خبراءكم الأفاضل؛ أن لكل أسرة أردنية خصوصيتها، ولا بد أنهم موقنون بأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال فرض ضريبة على الأسرة من دون حساب نفقاتها والتزاماتها؛ كدراسة وضعها، سواء الصحي أو عدد أو حتى أعمار أفرادها وما يترتب عليها من مصاريف لجامعات أو قروض لامتلاك سيارات أو منازل أو حتى إيجارات، ولكن ذلك النابغة الذي اقترح ثباتها لتكون منصفة وعادلة وجد أن هذا الاقتراح الفذّ هو شر لا بد منه.
بالنسبة إلى كلام خبرائك بأن القانون لن يمسّ 90% من المجتمع، فأجد أنهم محقون 100%؛ فالقانون لن يمسّنا بل سيسحقنا، وبالطبع فإن هذا آخر همهم، فقد بات من المعروف لدى حضرتنا، بعد تصريحات حكومتكم الموقّرة واستعانتها بأرقام أُعدت قبل 10 سنوات حول دراسة خط "الجوع"، بأنها لا تمتلك أدنى فكرة عمّا يدور في الشارع الأردني، وبالتالي فهي لا تمتلك أدوات تحديد الأسعار وغير قادرة على ضبطها؛ ولكي لا أحمل وزرها أجد أنه يتحتّم عليّ كمواطنة صالحة تنوي الدفع عن طيب خاطر أن أشير إليها؛ إن الجميع سيتأثر بقانون الضريبة وإن أي ارتفاع بالضريبة سيُجبر المستثمر ومقدم الخدمة على أن يقوم هو الآخر برفع أسعاره، وبالتالي سنغطي فروق ضرائب الشركات الخدماتية الكبرى أو أي سلعة؛ ما سيخضع المواطنين كافة للضريبة بشكل غير مباشر.
وفي ما يخص الـ 1% تكافل اجتماعي فأجدني هنا يا سيدي عاجزة عن شكر حكومتكم على كرمكم الحاتمي، فقد أخجلتمونا وغمرتمونا به؛ علماً بأن ما دفعناه لكم وما ندفعه وما سندفعه يوجب عليكم خدمتنا، ولكن لا يحقّ لمواطنة صالحة أن تعترض، لذلك سأكتفي بأن أهمس في أذنك يا سيدي، بأنه لا يحق لكم أن تفرضوا علينا ضرائب وسجل نجاحاتكم لغاية الآن هو صفر ولا يحق لكم أن تطالبونا بواجباتنا من دون أن توفّروا لنا حقوقنا.
وفي الختام فإنني "أُعيذك يا وطني الغالي من أحزان تكالبت عليك وأعيذ ترابك وسماك وعيون شعبك من كل هم وفاجعة".