الخبير الفرنسي باسكال بونيفاس: لهذه الأسباب قررت السعودية شنّ حملة ضد قطر

باريس

ولاء السامرائي

avata
ولاء السامرائي
28 يونيو 2017
FB11C046-D375-417C-A386-5EB650FADF11
+ الخط -
يرى مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، باسكال بونيفاس، أنّ ثمة أسباباً عديدة لقرار كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر.
ويركز بونيفاس خصوصاً على السعودية التي "جرت طمأنتها" حسب قوله، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مبيناً أن الرئيس دونالد ترامب هو من أشعل الحرائق في البيت الخليجي، وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو من يحاول إطفاءها، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ الحملة التي تشنّ على قطر قد تدفعها إلى التقارب مع إيران.

ويقول بونيفاس في تصريحات إلى "العربي الجديد": "نعلم أن السعودية والإمارات والبحرين قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفرضت حصاراً عليها، بزعم أنها تدعم الإرهاب، وأن التوتر قوي جداً وتردي الوضع في المنطقة سيكون سلبياً جداً، ليس فقط على الدول المعنية، بل على العالم أيضا".

ويشدّد على أنّه "بسبب العلاقات التي تربطنا بهم، فإن قرار الحصار هو قرار خطير، وأكثر أهمية من قطع العلاقات الدبلوماسية، التي لم تدخل حيز التطبيق منذ زمن بعيد في العلاقات الدولية".

ويتساءل "ما هو أصل الصراع بين السعودية وقطر؟"، قبل أن يضيف "هناك جذور بعيدة جداً، والتناقض في أن البلدين على المذهب السني، كما أن البلدين يعتنقان الوهابية"، مشيراً إلى أن "قطر دائماً ما أرادت أن تتميز عن الجار الأكبر مساحة والأكثر قوة، ولهذا فقد انتهجت سياسة مختلفة لكي تكون موجودة في المشهد، وهذا ما يزعج السعوديين بشكل عميق، لأنهم يعتقدون في بعض الأحيان أن قطر امتداد بديهي لمملكتهم".

ويتحدث الخبير الفرنسي عن الدور الذي قامت به قطر في الربيع العربي، والإزعاج الذي تسببت به قناة الجزيرة، إذ يلفت إلى أن "قطر ومنذ 20 عاما تقدم المبادرات، لكي تكون موجودة مقابل السعوديين الذين يرون هذا الأمر نوعاً من التحدي لهم، بهذا المعنى، فقد أطلقت قطر، قناة الجزيرة التي تزعج دول الخليج، وساندت الربيع العربي ومختلف الثورات، في حين أن دولا خليجية كانت ضدها".

وتطرق كذلك إلى جملة من الاختلافات بين كل من السعودية وقطر، إذ "تساند الأخيرة الإخوان المسلمين، بينما تعتبر السعودية أن الإسلام السياسي نوع من الانحراف، ومعركة يجب خوضها، غالبا ما يرون فيها تهديداً، وكذلك فإن السعوديين يلومون قطر لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران، لأنهم يرون فيها تهديدا وجوديا".


وبحسب مدير المعهد، فإنّ قطر تحتفظ بعلاقات مع إيران كونها تتقاسم حقل غاز طبيعي هائل معها. وعاد ليبيّن أن "الاتهامات بدعم الإرهاب هي حقيقة اتهامات خطرة... الإخوان المسلمون حركة سياسية يمكن مواجهتها سياسيا، لكنها ليست حركة إرهابية".

وأكد أن اتهام قطر بالإرهاب هو لنزع المصداقية عن سياساتها المستقلة، مشيراً إلى أن "العنصر الأكثر قرباً هو زيارة دونالد ترامب إلى السعودية، فقد كان السعوديون ينتقدون بشدة الرئيس السابق باراك أوباما لثلاثة أسباب أساسية".

أول هذه الأسباب، حسب الخبير الفرنسي، أنهم "يلومون أوباما لأنه تنصل بسرعة من (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك، هم يقولون إنه لم يعد لديهم ثقة باتفاق كوينسي الذي عنى أن أميركا ستضمن أمن النظام السعودي مقابل التمتع بالوصول إلى النفط بأسعار زهيدة، لأن مثل هذا الحليف القوي والخاضع كما مبارك قد تم التخلي عنه بسرعة من قبل الأميركيين".

ويتابع "النقطة الثانية هي اكتشاف مهم لآبار الغاز والنفط الصخريين في الولايات المتحدة، ما يجعل منها أقل اعتمادا على المواد الأولية للطاقة من السعودية، (ما يعني) إذاً إعادة النظر من جديد في هذه الاتفاقية".

أما السبب الثالث، والذي لا يقل أهمية عن السببين الأولين، بحسب المصدر نفسه، هو "الاتفاق النووي الإيراني، والتصالح الذي بدأه أوباما مع إيران كان أمراً لا يطاق للسعوديين، وعندما وصل دونالد ترامب إلى السلطة كانوا سعداء، لأنهم يعرفون عداء ترامب لإيران".

وذكر بونيفاس أن "أول زيارة خارجية لدونالد ترامب كانت إلى السعودية؛ وهو ما كان يبدو غريبا لأنه في العادة الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأميركي تكون إلى كندا أو المكسيك، وبهذه المناسبة فقد وقع عقودا مهمة، منها 110 مليارات دولار عقود تسليح".

وفي إشارة إلى السعوديين، قال "لقد تمت طمأنتهم، ولذا انطلقوا بهذه السياسة العدائية إزاء قطر، وقرروا هذا الحصار"، لافتاً إلى أن "هذه السياسة لن ينتج عنها إلا خاسرون، وليس من رابحين. ومن غير المرجح أن تغير قطر سياستها بشكل كامل، وتخضع للتهديدات السعودية، لأنها ستخسر بذلك استقلاليتها، إن الخطورة تكمن في دفع قطر أكثر وأكثر باتجاه إيران".

وأضاف مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أنه "في النهاية، فإن السعوديين يتصرفون بناء على التوقعات، وهي: أنه بسبب الخوف من العلاقات بين قطر وإيران يدفعون بقطر أكثر وأكثر للتقارب مع إيران".


ويذكر أن "هذه الحوادث تُظهر أن الفرضية المنتشرة، والتي تقول إن هناك انقساماً بين الشيعة والسنّة ليست صحيحة، لأن قطر والسعودية دولتان سنيتان، ووهابيتان، إذن قطر لها علاقات جيدة مع إيران، ومدعومة من قبل الكويت وعُمان، ومن قبل تركيا أيضاً".

واعتبر بونيفاس أن "ما سيكون خطراً جداً هو تكوّن كتلتين. والوحدة العربية التي غالباً ما تثار ليست إلا أسطورة لأن هناك انشقاقاتٍ عميقة. إذن الأهمية الكبرى لجميع دول العالم وليس لدول المنطقة فحسب، ألا تتصاعد التوترات، بل يجب أن تخف حدتها وأن يوضع حد للحصار، وأن يكون هناك اتفاق يخرج منه الجميع برأس مرفوع، وأن يكون هناك اتفاق بين السعودية والإمارات وقطر".

وتابع أنه بهذا المعنى، فإن مبادرة الرئيس إمانويل ماكرون هي مبادرة ممتازة للتوسط، يمكن لعُمان أن تلعب هذا الدور أيضا، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

وخلص إلى القول إنه "في النهاية عندما يكون هناك تعارض بين دول، ولا يمكنها التحاور مباشرة، يجب إيجاد وسيط يلعب دور المساعي الحميدة، وسيكون لفرنسا الشرف لفعل ذلك، ومحاولة التوصل حتى لو أنها غير متأكدة، وأن تبذل قصارى جهدها، لتكون وسيطاً في أزمة لن تعرف إلا خاسرين، ليس من دول المنطقة فحسب، ولكن من باقي العالم أيضاً، وهنا نرى أن هناك فرقا في هذه القضية، ذلك أن ترامب من يشعل الحرائق، بينما ماكرون يحاول أن يطفئها".




ذات صلة

الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
الصورة
بانون وترامب في البيت الأبيض، 31 يناير 2017 (تشيب سوموديفيا/Getty)

سياسة

يستعين المرشح الجمهوري للرئاسيات الأميركية دونالد ترامب بفريق من المساعدين، من شديدي الولاء له، فضلاً عن اعتماده على آخرين رغم خروجهم من الدائرة الضيقة.