حمل قطار الهجرة عدداً كبيراً من أكراد سورية معه، وخصوصاً الشباب. وخلال الأشهر القليلة الماضية، زادت هجرة هؤلاء إلى الدول الأوروبية، وخصوصاً ألمانيا وهولندا. ليس هناك إحصائيات رسمية حول عدد الأكراد في سورية، وإن كانوا يقدّرون بنحو عشرة في المائة من السكان. يتمركزون في محافظة الحسكة في شمال شرق سورية، بالإضافة إلى مناطق في ريف حلب الشمالي، وخصوصاً عين العرب وعفرين ومحيطها.
وعلى مدى سنوات طويلة خلت، نزح عدد كبير من الأكراد إلى مدن سورية عدة، وخصوصاً دمشق وحلب والرقة. لكن مع بدء الثورة، عاد عدد لا بأس به إلى المناطق التي خرجوا منها. في السياق، يرى بعض الكتاب والإعلاميين الأكراد أن الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة هي نفسها التي تدفع عموم السوريين لهذا الخيار. ويقول الصحافي محمد عبدي، الذي نجح في الوصول إلى ألمانيا، إن "معاناة الأكراد لا تختلف عن معاناة الشباب السوريين. الهموم مشتركة، ويختار هؤلاء الهجرة في ظل غياب الأمان، بالإضافة إلى المستقبل المجهول". ويرجح أن يكون أكثر من نصف الشباب الأكراد قد هاجروا علهم يعيشون في ظروف إنسانية أفضل بعيداً عن الصراع الدائر في سورية.
وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من أكراد سورية كانوا قد لقوا حتفهم في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا. ولعل صورة الطفل عيلان الكردي ستظل محفورة في ذاكرة العالم عقوداً مقبلة. واختار نحو 175 ألفاً من أكراد سورية، (وخصوصاً من محافظة الحسكة) إقليم كردستان العراق للإقامة فيه. أيضاً، لجأ نحو 200 ألف كردي سوري (وخصوصاً من عين العرب وعفرين) إلى المدن التي يسكن فيها أكراد تركيا، وخصوصاً ماردين وديار بكر وأورفة.
من جهته، يرى الكاتب والناشط السياسي، أحمدي موسى، أن "حصار النظام للمناطق الكردية أدى إلى هجرة الأكراد من مناطقهم، بالإضافة إلى وجود وحدات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي، كسلطة أمر واقع". ويشير إلى أن التنجيد الإجباري الذي ينتهجه الحزب يعد سبباً رئيسياً للهجرة. ويشاطره الرأي الناشط الحقوقي رديف مصطفى. يقول إن الشباب يهاجرون بسبب انعدام الأمان، والوضع الاقتصادي، ووجود تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وممارسات وحدات حماية الشعب، وفشله في إدارة المنطقة.
من جهته، يرى إبراهيم مسلم، المقرب من الإدارة الذاتية في الحسكة، أن "التجنيد الإجباري ليس سبباً للهجرة. ويشرح أن مدة التجنيد لا تزيد عن ستة أشهر. كما أن بعض العائلات التي ليس فيها شباب بين 18 و30 عاماً، هاجرت، علماً أن التجنيد لا ينطبق عليها". ويعزو مسلم أسباب الهجرة إلى "الخلافات السياسية بين أطراف كردية، والخوف من المستقبل".
اقرأ أيضاً: أكراد العراق وسورية يودعون عاماً عصيباً