وشرح الوزير الفرنسي، الذي قام بزيارة إلى موسكو التقى خلالها نظيره الروسي، سيرغي لافروف، رؤيته لآفاق التعاون الفرنسي الروسي، وقال: "سنستطيع التقدم بنجاح في الملف السوري إذا نحن التزمنا بمنهجية جديدة ترتكز إلى وضع أسس صلبة ومتفق عليها من أجل إرساء جسور جديدة مع مختلف الأطراف المعنية بالنزاع، من دون اللجوء إلى مقدمات بلاغية".
وتفادى لودريان تأكيد أو نفي سعيه إلى إقناع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتغيير الموقف الفرنسي الرسمي من الأزمة السورية، وتبني المقولة التي اعتبر فيها لودريان أن تنظيم "داعش هو عدونا، أما بشار فهو عدو الشعب السوري"، معتبرًا أن ماكرون عبّر عن رؤيته الخاصة للأزمة السورية، وقال: "إنها رؤيته الخاصة للوضع في سورية".
وبخصوص رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اعتبر لودريان أن على باريس وموسكو الاتفاق حول دوره المستقبلي في المعادلة السورية، في أفق حل سياسي للنزاع السوري، وقال "إن الواقعية تقتضي عدم فرض مبدأ مغادرة الأسد كشرط قبلي للمفاوضات السياسية".
ثم أضاف: "نحن واقعيون على مستويين. واعون بضرورة عدم فرض مغادرة الأسد كشرط لبدء المفاوضات، وأيضًا نحن واعون بأن حل الأزمة السورية لن يكون مع بشار. وأنا لا أتخيل كيف يمكن للاجئين الذين هجّرهم أن يفكروا بالعودة إلى بلادهم من دون أي تغيير في سورية"
وقلل لودريان من الخلافات بين باريس وموسكو حول هذه النقطة متسائلًا: "هل سمعتم من الروس تصريحًا واحدًا يقول إن بشار الأسد يمثل مستقبل سورية؟".
وردًّا على سؤال حول ما إذا كان بشار الأسد سيتحول إلى حليف في محاربة الإرهاب، قال لودريان: "لم أر أي شيء يدفعني إلى الاعتقاد بذلك".
وتطرق الوزير الفرنسي إلى رؤية بلاده لآفاق حل النزاع في سورية، مؤكداً أن إعادة المبادرة السياسية والدبلوماسية حول الملف السوري ترتكز إلى أربع نقاط، فصّلها كالتالي: "أولًا، محاربة كل أنواع الإرهاب. ثانيًا، المنع المطلق والشامل لاستعمال أو تصنيع السلاح الكيميائي. ثالثًا، ضمان توزيع المساعدات الإنسانية لكل المدنيين الذين يحتاجونها في سورية، ورابعًا التوصل إلى حل سياسي بمشاركة كل المكونات السورية، بدعم من الأمم المتحدة، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول المنطقة".
وردًّا على سؤال حول إمكانية مشاركة فرنسا في محادثات أستانة بين الحكومة والمعارضة السوريتين، برعاية روسيا وإيران وتركيا، لم يستبعد لودريان احتمال مشاركة فرنسية فيها، وقال: "نستطيع العمل مع كل الأطراف التي تتبنى المبادئ التي تم إعلانها من طرف رئيس الجمهورية ماكرون خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها بوتين إلى فرساي. وهذا ما قلته لنظيري سيرغي لافروف في زيارتي الأخيرة إلى موسكو. وهذا هو الخطاب الذي أوجهه أيضًا لكل المحاورين المهمين في الملف السوري".
في سياق منفصل، تطرق الوزير الفرنسي إلى الأزمة الخليجية الراهنة، التي أثارها إعلان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين فرض حصار على دولة قطر. واعتبر أنه يجب وضع حد لهذه الأزمة في أقرب وقت، لكونها تضر بمصالح جميع دول الخليج وبمصالح فرنسا التي تربطها علاقات قوية بمختلف دول المنطقة.
وقال لودريان: "إن الخليج منطقة استراتيجية بالنسبة لفرنسا، ولدينا شراكات ومعاهدات دفاع مشترك مع الكويت والإمارات وقطر. هذه الأزمة مضرة بمصالح كل دول الخليج، ومصلحتها تتمثل في وضع حد لها بسرعة".
وعن الموقف الفرنسي حيال الأزمة الخليجية، قال لودريان: "إن موقف فرنسا واضح حيال هذه الأزمة. بداية، يجب محاربة كل أشكال دعم الإرهاب كيفما كانت. وهذه مسؤولية دول الخليج بشكل فردي، وأيضًا بشكل جماعي. أيضًا يجب حل هذه الأزمة داخل منظمة مجلس التعاون الخليجي، وليس عبر مبادرات خارجية. نحن ندعم الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت ونؤمن بأن على الدول الخليجية أن تبدأ بالتخفيف العملي لتداعيات هذه الأزمة؛ لأن هذا الانقسام لا يصب في مصلحة أي من الدول الخليجية".