اعتبرت صحيفة "لوفيغارو" أن الوساطة التي تقوم بها فرنسا لإغاثة "الصديق اللبناني" (رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري)، هي مهمة صعبة، مشيرةً إلى أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يعارض كل التدخّلات في لبنان، سواء أكان مصدرها إيران أم المملكة العربية السعودية.
واستعرضت الصحيفة الفرنسية، في عددها، اليوم الأربعاء، الموقف الفرنسي بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والذي أحزن كثيراً، صديقه الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، فتجلى ذلك في الجهود الفرنسية التي بذلت على الصعيد الدبلوماسي، لعزل النظام السوري، المتهم من قبل المجتمع الدولي بالوقوف وراء الاغتيال.
ولكن اليوم ومقارنة بفترة رئاسة شيراك، بدا الموقف الفرنسي معتدلاً نسبياً، فيما يخص سعد الحريري، الذي أرغِم فيما يبدو على الاستقالة بعد استدعائه من قبل عرّابه السعودي، بحسب الصحيفة.
كما أشارت إلى أن استقالة الحريري وضعت لبنان، من جديد، في قلب صراع ينغمس فيه حلفاء للمملكة العربية السعودية، وآخرون لإيران.
ورأت الصحيفة أن ماكرون، يضع نفسَه كوسيط لتهدئة التوترات الإقليمية. وتنقل عن مصدر في الإليزيه قوله، إن الرئيس الفرنسي، يعارض كل التدخّلات في لبنان، سواء أكان مصدرها إيران أم المملكة العربية السعودية.
ويشدد رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، على أن الحريري يجب أن يمتلك القدرة على "العودة بحريّة" إلى لبنان، وإلاّ فإن فرنسا، كما يقول مصدر في الإليزيه، ستدفع بالملف إلى الأمم المتحدة.
إلى ذلك، وفي إطار استمرار الجهود الفرنسية، سيتباحث ماكرون، اليوم، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بشأن مبادرات قادمة، يمكن اتخاذها لإيجاد حلّ للأزمة اللبنانية.
وتتعلق منهجية ماكرون الدبلوماسية، كما تصفها لوفيغارو، بـ"التحدث مع كل الأطراف، وتمنح فرنسا دور الحَكَم".
وبحسب الصحيفة أيضاً، من السهل على فرنسا لعب هذا الدور، خصوصا وأن صورتها في الخارج تحسنت، بشكل كبير، بعد وصول ماكرون للحكم.
كما أنه يوجد عاملان آخران يخدمان عودة التأثير الفرنسي، ويتعلق الأمر الأول بالبريكست الذي ألغى الدبلوماسية البريطانية، مؤقتاً على الأقل، والأمر الثاني وصول رئيس أميركي، إلى البيت الأبيض، يصعب توقع مواقفه.
في المقابل، عرضت الصحيفة الفرنسية بعض نقاط ضعف التأثير الفرنسي، بسبب تعقد الأوضاع وميزان القوى الإقليمية، كما أن غياب دوافع صلبة للتأثير، يمكنه أن يَحُدّ من فعالية المبادرات الفرنسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا عجزت إلى الآن عن وضع قدم في الصراع السوري، حيث إن الفاعلين المنخرطين على الأرض، هم إيران وروسيا وتركيا.
كما لفتت إلى أنه "منذ أن اتهم إيمانويل ماكرون السعودية بتمويل المجموعات الإرهابية، أصاب العلاقات بين البلدين بعض الفتور"، أمّا "جهود فرنسا من أجل تحسين العلاقات مع إيران، فقد أغاظت المملكة العربية السعودية، رغم أنها لم تُؤْتِ ثمارها بعد في طهران، حيث يتطلع الرئيس الفرنسي لزيارتها، قريباً".
وتنقل "لوفيغارو"، عن دبلوماسي فرنسي، أسفه لأن "حاجة فرنسا إلى إرضاء كل الحلفاء يحرمها من توجيه كلام قوي فيما يتعلق بالأزمة اللبنانية والحرب في اليمن". وهكذا فإن حرمان فرنسا من حلفاء عرب أقوياء في المنطقة منذ "الربيع العربي"، وأيضاً الفوضى التي تعمّ المنطقة، يجعلانها مضطرةً لإنابة المبادرة إلى قوى غير عربية في المنطقة، سواء تعلق الأمر بإيران أم تركيا أم إسرائيل.
وهكذا تخلُص الصحيفة إلى أن فرنسا تجد صعوبة في استخدام ثقلها في الأزمات الإقليمية وتحويل مبادراتها الدبلوماسية إلى إنجازات ملموسة، على الرغم من العلاقات التي تربطها بالشرق الأوسط، وعلى الرغم، أيضاً من وضعيتها كقوة عسكرية ودبلوماسية.
وكنوع من العزاء ترى الصحيفة الفرنسية أن قسمة فرنسا هي قِسمة كل القوى الغربية في هذه المنطقة.