02 نوفمبر 2024
ليبيا... الفرصة الأخيرة
فرض المشهد الليبي نفسه بقوة في الأسبوع الأخير، مع تمكّن حكومة الوفاق، بقيادة فائز السرّاج، من دخول العاصمة طرابلس، للمرة الأولى منذ إعلانها، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي. هلّل المجتمع الدولي، تحديداً البلدان الأوروبية، لـ"الاختراق" النوعي للحكومة، دافعاً باتجاه خطواتٍ أكثر عملانية، قد يكون وقتها ضيّقاً. بالتالي، سيكون أمام السرّاج مهلة قصيرة زمنياً، لحسم الأمور سياسياً في الغرب الليبي، وعدم تحوّله طرفاً آخر في النزاع الداخلي، بغرض عدم فقدان جوهر وجوديته، حكومة جامعة، لا فريقاً جديداً في الخلافات المتناسلة منذ فبراير/ شباط 2011. سيسبق الوقت الضيّق أي خطوةٍ ميدانيةٍ خارجياً.
سيكون الهدف الأساسي للسرّاج ضمان ولاء طرابلس والمناطق الساحلية غرباً، ما سيتيح له التفاوض بالحدّ الأدنى، مع الشرق في طبرق وبنغازي، لإنهاء الانقسام التشريعي والتنفيذي. لا يَخفى على أحد أن الرهان على السرّاج كبير، لاعتبارات عدة، ما يعني أن وقع فشله، في حال حصل، سيكون "كبيراً" أيضاً. في المبدأ، الهدف من وضع حدّ للانقسام الليبي هو منطقة سرت، حيث يوجد مسلّحون من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فيها، والتي توليها أوروبا (تحديداً إيطاليا) الأهمية القصوى.
أهمية سرت أوروبياً تفوق بأهميتها الحدود البحرية اليونانية ـ التركية، المفترض أن تشهد بدء تطبيق الاتفاق التركي ـ الأوروبي، في شأن الحدّ من اللجوء إلى أوروبا، بدءاً من يوم الإثنين المقبل. في ليبيا، لا يُمكن للأوروبيين التفاهم مع أي سلطةٍ غير قادرة على الإمساك بالوضع الميداني، بغية منع زحف نحو 800 ألف لاجئ إليها، كما ذكر وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، الأسبوع الماضي. ومن شأن الرهان على السرّاج، أن يكون بمثابة "خطوةٍ أخيرة" للأوروبيين، قبل تقرير أي خطوةٍ ميدانيةٍ مقبلةٍ، خصوصاً بعد الاطمئنان على حسن تطبيق الاتفاق التركي ـ الأوروبي.
في الواقع، لن تتمكّن حكومة السراج من ترسيخ وجودها في البلاد، وهو ما سيتجلّى في الفترة المقبلة، خصوصاً، أنه في بلدٍ مثل ليبيا، لا تزال فيه المليشيات صاحبة الكلمة الفصل، ولا يُمكن للإجراءات السياسية، أن تجد مكاناً لها، ما سيدفع حكومة الوفاق إلى طلب المساعدة العسكرية الخارجية، تحت شعار "ضرب داعش"، بموازاة "التهديد" في مواجهة كل من يناوئها، من غير التنظيم، غرباً وشرقاً.
لكن، أي حملةٍ عسكريةٍ غربية، لا يُمكن لها تجاهل بلدانٍ أساسية، كتونس التي باتت بنقردان وضواحيها بالنسبة إليها من أسوأ كوابيسها، تجاوزه في بعض نواحيه خطر جبل الشعانبي. لن تتحمّل تونس توسعاً في العمليات العسكرية في ليبيا، من دون ضمان حدودها، ولو بمساعدةٍ خارجية أيضاً.
أما الجزائر، ولأسباب جيوبوليتيكة، لا تعزل المشكلة الليبية عن باقي مشكلات دول جوارها، من مالي إلى النيجر والمغرب. تعمل السلطات الجزائرية على قاعدة "جدوا حلاً سياسياً كيفما كان في ليبيا، لا يؤدي إلى تشريع الحدود الجغرافية وزعزعتها". بالنسبة لمصر، فإن للرئيس عبد الفتاح السيسي حليفاً أساسياً في الشرق الليبي، هو اللواء خليفة حفتر. تعتبر مصر أن أي تدخل عسكري، من دون الاعتماد على حفتر التي تراه "قائداً لجيش وطني" لن تباركه، وهو ما يؤكد محاولتها المحافظة على نفوذها في شرق ليبيا. يُمكن تفسير الخطوة المصرية على أنها مسعىً للإبقاء على نفوذ إقليمي، بعد سقوط السودان منها بفعل ملف سد النهضة الإثيوبي، وعدم قدرتها على حسم الوضع كاملاً في شبه جزيرة سيناء ضد تنظيم "ولاية سيناء".
وحده "داعش" يُمكنه الاستفادة من الوضع الحالي، قبل الانتقال إلى المرحلة التالية. يعاني التنظيم بشدّة في سورية والعراق، حتى أنه بدأ يتراجع في بعض الأماكن، بدلاً من شنّ الهجمات. وقد تكون ليبيا، مع كل فوضاها، ساحةً أساسيةً ورحبةً له، لتثبيت وجوده فيها، وتهديد أوروبا عبرها.
سيكون الهدف الأساسي للسرّاج ضمان ولاء طرابلس والمناطق الساحلية غرباً، ما سيتيح له التفاوض بالحدّ الأدنى، مع الشرق في طبرق وبنغازي، لإنهاء الانقسام التشريعي والتنفيذي. لا يَخفى على أحد أن الرهان على السرّاج كبير، لاعتبارات عدة، ما يعني أن وقع فشله، في حال حصل، سيكون "كبيراً" أيضاً. في المبدأ، الهدف من وضع حدّ للانقسام الليبي هو منطقة سرت، حيث يوجد مسلّحون من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فيها، والتي توليها أوروبا (تحديداً إيطاليا) الأهمية القصوى.
أهمية سرت أوروبياً تفوق بأهميتها الحدود البحرية اليونانية ـ التركية، المفترض أن تشهد بدء تطبيق الاتفاق التركي ـ الأوروبي، في شأن الحدّ من اللجوء إلى أوروبا، بدءاً من يوم الإثنين المقبل. في ليبيا، لا يُمكن للأوروبيين التفاهم مع أي سلطةٍ غير قادرة على الإمساك بالوضع الميداني، بغية منع زحف نحو 800 ألف لاجئ إليها، كما ذكر وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، الأسبوع الماضي. ومن شأن الرهان على السرّاج، أن يكون بمثابة "خطوةٍ أخيرة" للأوروبيين، قبل تقرير أي خطوةٍ ميدانيةٍ مقبلةٍ، خصوصاً بعد الاطمئنان على حسن تطبيق الاتفاق التركي ـ الأوروبي.
في الواقع، لن تتمكّن حكومة السراج من ترسيخ وجودها في البلاد، وهو ما سيتجلّى في الفترة المقبلة، خصوصاً، أنه في بلدٍ مثل ليبيا، لا تزال فيه المليشيات صاحبة الكلمة الفصل، ولا يُمكن للإجراءات السياسية، أن تجد مكاناً لها، ما سيدفع حكومة الوفاق إلى طلب المساعدة العسكرية الخارجية، تحت شعار "ضرب داعش"، بموازاة "التهديد" في مواجهة كل من يناوئها، من غير التنظيم، غرباً وشرقاً.
لكن، أي حملةٍ عسكريةٍ غربية، لا يُمكن لها تجاهل بلدانٍ أساسية، كتونس التي باتت بنقردان وضواحيها بالنسبة إليها من أسوأ كوابيسها، تجاوزه في بعض نواحيه خطر جبل الشعانبي. لن تتحمّل تونس توسعاً في العمليات العسكرية في ليبيا، من دون ضمان حدودها، ولو بمساعدةٍ خارجية أيضاً.
أما الجزائر، ولأسباب جيوبوليتيكة، لا تعزل المشكلة الليبية عن باقي مشكلات دول جوارها، من مالي إلى النيجر والمغرب. تعمل السلطات الجزائرية على قاعدة "جدوا حلاً سياسياً كيفما كان في ليبيا، لا يؤدي إلى تشريع الحدود الجغرافية وزعزعتها". بالنسبة لمصر، فإن للرئيس عبد الفتاح السيسي حليفاً أساسياً في الشرق الليبي، هو اللواء خليفة حفتر. تعتبر مصر أن أي تدخل عسكري، من دون الاعتماد على حفتر التي تراه "قائداً لجيش وطني" لن تباركه، وهو ما يؤكد محاولتها المحافظة على نفوذها في شرق ليبيا. يُمكن تفسير الخطوة المصرية على أنها مسعىً للإبقاء على نفوذ إقليمي، بعد سقوط السودان منها بفعل ملف سد النهضة الإثيوبي، وعدم قدرتها على حسم الوضع كاملاً في شبه جزيرة سيناء ضد تنظيم "ولاية سيناء".
وحده "داعش" يُمكنه الاستفادة من الوضع الحالي، قبل الانتقال إلى المرحلة التالية. يعاني التنظيم بشدّة في سورية والعراق، حتى أنه بدأ يتراجع في بعض الأماكن، بدلاً من شنّ الهجمات. وقد تكون ليبيا، مع كل فوضاها، ساحةً أساسيةً ورحبةً له، لتثبيت وجوده فيها، وتهديد أوروبا عبرها.