يحاول زعيم حركة "النهضة" التونسية، راشد الغنوشي، مساعدة الأطراف الليبية المتنازعة على ايجاد مخرج للأزمة التي تواجهها البلاد، بعد الكشف عن تواجده في طرابلس منذ مساء يوم الجمعة الماضي، في محاولة لمساعدة الليبيين على احتواء الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد.
ووفقاً للمعلومات، يجري الغنوشي، الذي أبدى سابقاً استعداده للوساطة بين الليبيين، لقاءات مع عدد من أبرز الأطراف السياسية الفاعلة، وعبر التنسيق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، طارق متري.
ومن المتوقع أن يلتقي الغنوشي كلاً من رئيس كتلة "الوفاء للشهداء"، في المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، عبد الوهاب قايد، ورئيس البرلمان، نوري أبو سهمين، ورئيس حزب "العدالة والبناء"، محمد صوان، فضلاً عن رئيس لجنة تسيير حزب "التحالف"، عبد المجيد مليقطة.
وكان الغنوشي قد استبق لقاءاته مع الأطراف السياسية في ليبيا، بطرح مبادرة دعا فيها، إلى حوار وطني شامل، بهدف احتواء الأزمة، التي تعصف بالبلاد.
وجاءت المبادرة بعد لقاءات جمعت مبعوث الأمم المتحدة بالرئيس التونسي، منصف المرزوقي، الذي أعلن عن إطلاق مبادرة تونسية للوساطة بين الفرقاء الليبيين. وكان متري قد أكد، خلال لقاء جمعه بالغنوشي، البدء في الوساطة، للاستفادة من التجربة التونسية المتناغمة سياسياً، على حد تعبيره.
ومن المتوقع ان تستضيف تونس، خلال الفترة المقبلة، جلسات التفاوض، في حال وصل الفرقاء الليبيين الى صيغة مشتركة تتيح إطلاق حوار وطني.
وتأتي مبادرة الغنوشي بعد فشل مبادرة ليبية، بدأت منذ خمسة أشهر في الأردن، كان قد طرحها رئيس لجنة التوافق الوطني في البرلمان، عبد الهادي شماطة، والمهندس عثمان الريشي، كممثلين للتيار الإسلامي المعتدل، على ممثلين عن تحالف "القوى الوطنية" وأطياف سياسية أخرى.
وخلال لقاءات جرت في عمان وتونس وطرابلس، تبنت الأطراف المشاركة خريطة طريق تنص على سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء السابق، علي زيدان، وتعديل قانون العزل السياسي، لصالح عدم شموله كل من أسهم في ثورة 17 فبراير/شباط، مهما كان منصبه في عهد النظام السابق، إلا أن المحادثات توقفت، بسبب تمسك كتلة "الوفاء للشهداء"، بقانون العزل السياسي.
ويرى مراقبون أن المبادرة التونسية ستصطدم بإشكاليات معقدة، يجب حلها أولاً لضمان نجاح أي حوار سياسي. ويأتي قانون العزل السياسي، الذي يعد جوهر الخلاف السياسي بين الفرقاء الليبيين، في مقدمتها، فضلاً عن تعقيدات أخرى تتصل بقضية تهجير 43 ألف ليبي من تاورغاء، إضافة إلى أكثر من 750 ألف مهجر خارج ليبيا، من أنصار النظام السابق. يضاف إلى ذلك، سطوة الميلشيات وانتشار السلاح والمعتقلات السرية وتواصل الاغتيالات وعمليات الاختطاف، وأخيراً الصراعات القبلية والجهوية، التي ظهرت وعبرت عن نفسها باشتباكات عنيفة راح ضحيتها المئات.