الدبلوماسية القطرية، التي سجلت عدة نجاحات في عدد من الملفات الإقليمية، وساهمت في إطفاء بؤر التوتر في العديد من الملفات الساخنة، على مدار السنوات الماضية، منها الملف اللبناني، ودارفور، والخلاف بين إرتيريا وجيبوتي، وكانت مؤثرة في دعم ليبيا خلال ثورة 17 فبراير/شباط 2011، لا تزال فاعلة في المشهد الليبي، وإن كان هذه المرة من خلف الأضواء، وهي كل مرة تثبت قدرتها على جمع الأطراف المتناقضة، في حوارات تسعى لبناء الثقة وتجزئة الخلافات، للوصول إلى نقطة يمكن البناء عليها، تسمح بجلوس الأطراف جميعاً، إلى طاولة واحدة، ضمن أجندة متفق عليها تساهم في التوصل إلى اتفاق.
وإذا كانت جولات حوار الدوحة الليبي، بين طرفي العاصمة طرابلس، الوفد المؤيد لعملية الحوار السياسي الليبي واتفاق صخيرات، ووفد الرافضين لمخرجات الحوار السياسي من أعضاء المؤتمر الوطني العام، قد اختُتمت من دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بانتظار مزيد من الجولات المقبلة، التي لم يجرِ تحديد موعد رسمي لها، فإن الدوحة قد نجحت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، في تحقيق اختراق مهم في الأزمة الليبية، تمثّل في اتفاق المصالحة بين قبائل الطوارق، وقبائل التبو، والذي نصّ على وقف نهائي لإطلاق النار بين الطرفين، وعودة النازحين والمهاجرين من أهالي مدينة أوباري إلى ديارهم، وفتح الطريق العام إلى المدينة وإنهاء كافة المظاهر المسلحة فيها.
اقرأ أيضاً: قطر تجمع "طرفي طرابلس" للتوصل لمخرج للأزمة الليبية
واعتبر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي أشرف على هذه المفاوضات وعلى توقيع الاتفاق، وكان يومها يشغل منصب مساعد وزير الخارجية للتعاون الدولي، "أن حل الصراع في الجنوب الليبي يُشكّل نقطة بداية لإحلال السلام في كافة مناطق ليبيا"، مضيفاً في تصريحات صحافية لوكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا" أن دولة قطر ستظل تقف إلى جانب خيارات الشعب الليبي. وقال: "إننا اخترنا الشعب منذ بداية ثورة فبراير ولا زلنا مستمرين في هذا الموقف وسنبذل أي مجهود يساهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا". وهي التصريحات التي تؤكد استمرار الجهود القطرية بحثاً عن مخرج للمأزق في ليبيا.
وبانتظار الجولة المقبلة من الحوار بين طرفي العاصمة طرابلس، فإن الدوحة أصبحت تسابق الزمن لجمع طرفي طرابلس من أعضاء المؤتمر العام، حول طاولة حوار واحدة، تنهي الخلافات بينهما بما يعزز المسعى لتطبيق اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة التوافق الوطني، ويسمح باستعادة الدولة، ويمنع في الوقت نفسه التدخّل العسكري الدولي في ليبيا، الذي ترفضه معظم الأطراف السياسية الليبية وترفضه دول الجوار الليبي، والذي يقرع طبول الحرب.
اقرأ أيضاً: قمّة إقليمية لإنقاذ ليبيا من الحرب...ومفاوضات قبلية مع القذاذفة