يحتار المرء بين الضحك والبكاء، عندما يسمع الرئيس السوداني عمر البشير، يعلن تقدّم بلاده بوساطة سلمية لوقف الحرب الليبية، ونيتها تنظيم مؤتمر سلام في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، في العاصمة السودانية لكافة أطراف الأزمة. يحتار فعلاً لأن الواقعة تذكّره بكم هو بائس عالمنا العربي حدّ اللامعقول.
السودان، بلد الحروب الأهلية المتواصلة في كل مكان تقريباً، ما عدا في وسط الخرطوم ربما، يعرض التوسُّط بين المتحاربين الليبيين! هو السودان الذي لم تبقَ دولة ومنظمة أفريقية وأممية لم تحاول التوسط من أجل وقف حروبه، ومصالحة أفرقائه، يريد أن يكون وسيط سلام. بلد يعجز العالم أن يجمع حكومته ومعارضاته حول طاولة حوار، يتنطّع رئيسه ليعد بحلّ إحدى أكثر الحروب الأهلية تعقيداً؛ أي المسألة الليبية التي تتداخل فيها كل عوامل الحروب الأهلية، الداخلية والخارجية.
ماذا سيكون بإمكان عمر البشير أن ينصح أطراف الحرب الليبية؟ أن يحلّوا المليشيات العسكرية، وأن يتم دمجها في جيش وطني ما؟ لتصبح كحال مليشيات الجنجويد سيئة الذكر الحاكمة الفعلية اليوم في السودان؟ أو أن يتفادوا المجازر العرقية على غرار مجازر دارفور؟ أو أن يتجنبوا التقسيم الذي سلخ جنوب السودان عن شماله؟ أو ألا يعتمدوا أساليب الإقصاء السياسي التي أوصلت إلى نفي الصادق المهدي، بعد سجنه إثر تجرّؤه على انتقاد الجنجويد نفسها؟ ربما ينصحهم بتحاشي الانقلاب كوسيلة للوصول إلى السلطة التي يجب أن يتداولوها. هي السلطة التي يتمسك بها البشير منذ 25 عاماً، ستصبح 30 على الأرجح. خبرة البشير مع اتفاقيات السلام التي يعرض نفسه اليوم ليكون وكيلها مع الليبيين، عريقة، لكنها فاشلة طبعاً، بما أنه وقّع تسعاً منها، يمكن القول إنّ معظمها فشلت في حال قررنا أن نعرّف السلام بأنّه إنهاء لأسباب الحروب، لا مجرد هدنة تتجدد دورياً، أكان في دارفور أم في كردفان أو مع الجنوب أو مع حركة "تحرير السودان".
بحسابات الورقة والقلم، لدى السودان الكثير لتقديمه، نظراً لوزنه ومساحته وثرواته التي جعلت البلاد في أحد الأيام، قادرة على إطعام القارة الأفريقية كاملة. لكن ليس لدى حكامها اليوم عملياً، ما يقدمونه لغيرهم سوى وصفات الخراب.
السودان، بلد الحروب الأهلية المتواصلة في كل مكان تقريباً، ما عدا في وسط الخرطوم ربما، يعرض التوسُّط بين المتحاربين الليبيين! هو السودان الذي لم تبقَ دولة ومنظمة أفريقية وأممية لم تحاول التوسط من أجل وقف حروبه، ومصالحة أفرقائه، يريد أن يكون وسيط سلام. بلد يعجز العالم أن يجمع حكومته ومعارضاته حول طاولة حوار، يتنطّع رئيسه ليعد بحلّ إحدى أكثر الحروب الأهلية تعقيداً؛ أي المسألة الليبية التي تتداخل فيها كل عوامل الحروب الأهلية، الداخلية والخارجية.
ماذا سيكون بإمكان عمر البشير أن ينصح أطراف الحرب الليبية؟ أن يحلّوا المليشيات العسكرية، وأن يتم دمجها في جيش وطني ما؟ لتصبح كحال مليشيات الجنجويد سيئة الذكر الحاكمة الفعلية اليوم في السودان؟ أو أن يتفادوا المجازر العرقية على غرار مجازر دارفور؟ أو أن يتجنبوا التقسيم الذي سلخ جنوب السودان عن شماله؟ أو ألا يعتمدوا أساليب الإقصاء السياسي التي أوصلت إلى نفي الصادق المهدي، بعد سجنه إثر تجرّؤه على انتقاد الجنجويد نفسها؟ ربما ينصحهم بتحاشي الانقلاب كوسيلة للوصول إلى السلطة التي يجب أن يتداولوها. هي السلطة التي يتمسك بها البشير منذ 25 عاماً، ستصبح 30 على الأرجح. خبرة البشير مع اتفاقيات السلام التي يعرض نفسه اليوم ليكون وكيلها مع الليبيين، عريقة، لكنها فاشلة طبعاً، بما أنه وقّع تسعاً منها، يمكن القول إنّ معظمها فشلت في حال قررنا أن نعرّف السلام بأنّه إنهاء لأسباب الحروب، لا مجرد هدنة تتجدد دورياً، أكان في دارفور أم في كردفان أو مع الجنوب أو مع حركة "تحرير السودان".
بحسابات الورقة والقلم، لدى السودان الكثير لتقديمه، نظراً لوزنه ومساحته وثرواته التي جعلت البلاد في أحد الأيام، قادرة على إطعام القارة الأفريقية كاملة. لكن ليس لدى حكامها اليوم عملياً، ما يقدمونه لغيرهم سوى وصفات الخراب.