في جديد المحاكمات وغياب العدالة، تبرز قضية هاني مصطفى أمين عامر، "المختطف والمختفي منذ 16 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بحسب ما جاء في رسالة لشقيقه، هشام، حصل "العربي الجديد"، على نسخة منها.
وأكد هشام، في رسالته، أن "أخاه أُحيل إلى سجن العزولي، ثم نقل إلى سجن العقرب مباشرة من دون أن يُعرض على النيابة، وسط تعتيم كبير، ولم يُسمح للمحامي أو لأي فرد من أسرته بزيارته". وأضاف "علمنا لاحقاً أنه متهم في القضية رقم 423، أمن الدولة العليا، والمعروفة بقضية أنصار بيت المقدس، وأن إحدى التهم الموجهة إليه، هي صناعة غواصة لاستهداف قناة السويس".
ولفت هشام إلى أنه تمّ اكتشاف قضية أخرى، يواجهها هاني، وهي "القضية رقم 43/2014 المعروفة باسم قضية عرب شركس، وينظر فيها القضاء العسكري". وفي رأيه، فإن هذه القضية تحديداً "محاطة بكمّ هائل من السرية والحيطة، من دون سبب، لدرجة أن النيابة العسكرية أفادتنا أن القضية مازالت في طور التحقيق، مع أنها أُحيلت إلى المحكمة، ويواجه فيها أخي، وثمانية متهمين آخرين، تم خطفهم بطريقة مماثلة، اتهامات فيها".
وتأكد محامو هاني، في الجلسة الأولى بتاريخ 2 يونيو/حزيران الحالي، من إحالة القضية إلى القضاء العسكري، وتحديداً محكمة شرق القاهرة العسكرية في مدينة نصر.
ووصف هشام أجواء محاكمة أخيه، الذي لم يره منذ أكثر من ستة أشهر، قائلاً إن "قاعة المحكمة كانت فارغة، قبل دخول المتهم الأول، خالد فرج، المخطوف في مارس/آذار الماضي، وكان جالساً على كرسي متحرك، وعرفنا أن جراحة أجريت له، ووُضعت شرائح ومسامير له في قدمه، ثم دخل باقي المتهمين ومن بينهم أخي".
ونقل هشام عن هاني قوله للقاضي "لم أُعرض على نيابة، رغم اعتقالي منذ أكثر من ستة أشهر"، قبل أن يورد ردّ القاضي، الذي أفاد أن مهمته "تقتصر على إثبات حضور المحامين فقط"، ثم رُفعت الجلسة إلى يوم الإثنين 9 يونيو/ حزيران.
ولفت هشام إلى أنه "بعد القبض على أخي بنحو شهر، تم ترحيل بعض المعتقلين من سجن العزولي إلى سجن العقرب، وعلمنا من أهالي المعتقلين المرحّلين، أن هاني قد أصيب بخلع في الكتفين، وكسرت ساقه بسبب التعذيب المستمر بوسائل بالغة القسوة والسّادية، وبعد ذلك تم ترحيل مجموعة أخرى إلى سجن العقرب، وقالوا إن حالة هاني الصحية متدهورة للغاية، وإن حياته في خطر".
وكانت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا، نشرت في مطلع مايو/أيار الماضي، تقريراً بعنوان "معتقل العزولي.. أبو غريب مصر"، جاء فيه "ﺳﺠﻦ ﺍﻟﻌﺰﻭﻟﻲ ﻫﻮ ﺳﺠﻦ ﺣﺮﺑﻲ ﻣﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻌﺴﻜﺮ الجلاء العسكري في ﻤﺤﺎﻓﻈﺔ الإسماعيلية، شمال شرق مصر، ﻭﻣﺨﺼﺺ ﻟﺴﺠﻦ ﺿﺒﺎﻁ ﻭﻣﺠﻨﺪﻱ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻬﻤﻴﻦ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﻭﺳﻤﻲ ﺑﻬﺬﺍ الاسم ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﻐﻠﻮﺍ ﻣﻨﺼﺐ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﻌﻤﻴﺪ، ﺍﻟﻌﺰﻭﻟﻲ، وقد اشتُهر ﺑﺘﻌﺬﻳﺐ السجناء بشكل بالغ القسوة".
ولفت التقرير إلى أن "احتجاز المدنيين ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ، وفق ﻘﺎﻧﻮﻥ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻠﺤﻘﺔ ﺑﻤﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ"، ﻭﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪﻡ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍلاﺣﺘﺠﺎﺯ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻋﻤﻮﻣﺎً، ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺣﻮﻝ ﺣﺎﻻﺕ اﺧﺘﻔﺎﺀ ﻗﺴﺮﻱ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻧﻈﺮﺍً ﻟﻌﺪﻡ ﺧﻀﻮﻋﻪ ﻷﻱ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ، ﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺤﺘﺠﺰﻳﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﺮﺿﻴﻦ ﻟﻜﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ الأذى ﺍﻟﺒﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﻣﺨﺘﻠﻒ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﺇﻧﺴﺎﻧية".
12 ألف معتقل
وأكدت عضو "مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، سارة الشريف، أن "المجموعة لا تملك رقماً محدداً بأعداد المحاكمين عسكرياً، إلا أن الرقم الوحيد الذي من الممكن الانطلاق منه، وتقدير الكم الهائل للمحاكمات العسكرية للمدنيين، هو الرقم الذي جاء على لسان رئيس هيئة القضاء العسكري، عادل مرسي، في حواره مع إحدى الصحف المصرية العام 2011، والذي قال فيه إنه تمت إحالة 12 ألف مدني إلى القضاء العسكري منذ قيام ثورة 25 يناير، وحتى أغسطس/آب 2011".
وسألت "إذا كان هذا الرقم الضخم يعبّر عن ثمانية أشهر فقط، فمن المؤكد أنه تضاعف مرات عدة حتى اليوم، خاصة بعد 30 يونيو/حزيران من العام الماضي، وما تبعها من اعتقالات عشوائية بالجملة".