أعادت هجمات النظام السوري على حي جوبر وعين ترما، منطقة الغوطة الشرقية في العاصمة السورية دمشق إلى واجهة الحدث. من المعروف أنّ الغوطة الشرقية ما زالت محاصرة منذ أكثر من 4 سنوات، ويكاد لا يذكر سكانها، البالغ عددهم ما يزيد على 350 ألف شخص، طوال تلك السنوات، غياب أصوات الانفجارات والطائرات والرصاص، في حين يعيشون مأساة إنسانية تتجدد يومياً وقد لا يشعر بها غيرهم.
ينقل الناشط براء أبو يحيى، المحاصر في الغوطة الشرقية، لـ"العربي الجديد" قصة من قصص الحصار: "في بلدة عربين في الغوطة الشرقية يعيش الأربعيني أبو فراس المعيل لأربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز العاشرة. كان يعمل قبل الحصار في أحد المصانع قبل أن يحرم من عمله ويترك بلا أقرباء خلف حصار الغوطة المطبق، الأمر الذي جعله يستيقظ يومياً قبل الفجر ليبدأ رحلة البحث بين أكوام القمامة عن بقايا البلاستيك والنايلون، ليبيعها ويعود بعد غياب الشمس، فيجد أطفاله بانتظاره جوعى آملين أن يحمل لهم والدهم ما يسدّ رمقهم".
يتابع أنّ "الساعات الطويلة التي يقضيها أبو فراس خارج منزله قد تؤمّن له دخلاً لا يتجوز 1500 ليرة سورية (أقل من 3 دولارات أميركية) وهذا المبلغ البخس لا يكفي لتأمين وجبة كاملة، فيكتفي بشراء ربطة خبز ثمنها 700 ليرة، وما تبقى يحاول به الحصول على القليل من الأرز أو البرغل أو البطاطا". يضيف: "باع أبو فراس كلّ أثاث منزله، ولم يبقَ لدى العائلة سوى بعض الفرش البالية التي ينامون عليها".
يلفت أبو يحيى إلى أنّ "الوضع في الغوطة الشرقية بشكل عام مأساوي جداً، بسبب الفقر الشديد وغلاء أسعار جميع المواد بعشرات الأضعاف عما كانت عليه". يعيد ذلك إلى "فرض النظام إتاوات عالية جداً مقابل السماح بدخول البضائع. والتجار من جهتهم يرفعون الأسعار كذلك، فيما وضع الأهالي في تدهور مستمر".
اقــرأ أيضاً
يعرض أبو يحيى أسعار بعض المواد الغذائية والحيوية في الغوطة الشرقية: "سعر اللتر الواحد من البنزين اليوم 5000 ليرة ولتر المازوت بـ 2300 ليرة وأسطوانة الغاز بـ 75 ألف ليرة (145 دولاراً) إن وجدت، وهذا الارتفاع في أسعار المحروقات تسبب في توقف معظم الأعمال التي استمرت في الغوطة الشرقية بعد اندلاع الحرب وبعد الحصار خصوصاً". يوضح أنّ "معظم الأهالي يعتمدون كبديل عن المحروقات على ما يعرف بغاز ومازوت البلاستيك، المصنّع محلياً من مواد بلاستيكية، لكنّه مرتفع الثمن أيضاً ويسبب الكثير من التلوث بالإضافة إلى كونه غير فعال كالمحروقات التقليدية".
يذكر أبو يحيى أنّ مياه الشرب تأثرت بأزمة الوقود إذ لم يعد بالإمكان توفيرها للمنازل: "قبل غلاء المحروقات كان الناس في معظمهم يستخدمون مياه الآبار التي يسحبونها من خلال المضخات التي توصل المياه إلى منازلهم. عاد معظمهم الآن إلى تعبئة المياه يدوياً من الآبار القديمة، وهو ما قد يتسبب بكارثة إذا ما استمر أكثر، لأنّها مياه ملوثة أو غير صحية".
يقول أبو يحيى إنّ "العديد من المنظمات يحاول أن يقدم المساعدة، لكن لكثرة الفقراء فإنّ المنظمات بالكاد تحاول تأمين الأساسيات، وبشكل عام لا تستطيع المنظمات اشباع احتياجات كافة الفقراء لكثرة عددهم"، مبيناً أنّ "العائلة المكونة من أربعة أفراد تحتاج وسطياً إلى 10 آلاف ليرة (19 دولاراً) لتأمين بعض احتياجاتها الأساسية، بالإضافة إلى تأمين وجبتي طعام فقط". يشير إلى أنّ "الفقراء في الغوطة وهم الغالبية الساحقة، يعملون في جمع بقايا البلاستيك من مكبات النفايات، أو العتالة (التحميل على الظهر) أو يبيعون المواد على بسطات صغيرة، أو حتى يبيعون المياه الصالحة للشرب".
كذلك، يتطرق أبو يحيى إلى أزمة السكن في الغوطة: "عائلات كثيرة تسكن في الخيام في البراري، أو في المناطق القريبة من الجبهات العسكرية. المنازل هناك رخيصة إذ يبلغ الإيجار الشهري نحو 10 آلاف ليرة. أما في وسط المدن فيقدر الإيجار بنحو 30 ألف ليرة (58 دولاراً) شهرياً".
يختم أبو يحيى أنّ "الغوطة تعتمد اليوم على معبر وحيد لدخول البضائع هو معبر مخيم الوافدين، والنظام لا يفتحه بشكل دائم، وإن فتحه وأدخل إليه بعض البضائع فهو يفرض عليها رسوماً مرتفعة جداً، ما يجعل أسعار البضائع مضاعفة".
يشار إلى أنّ الغوطة الشرقية هي إحدى المناطق الأربع المسماة "مناطق تخفيف التصعيد" التي أقرت في مؤتمر أستانة بضمانة روسية تركية إيرانية، ما يفرض أن يتوقف استهدافها بالقصف ويسهل وصول المساعدات الإنسانية لها، إلاّ أنّ ذلك لم يطبق حتى اليوم.
اقــرأ أيضاً
ينقل الناشط براء أبو يحيى، المحاصر في الغوطة الشرقية، لـ"العربي الجديد" قصة من قصص الحصار: "في بلدة عربين في الغوطة الشرقية يعيش الأربعيني أبو فراس المعيل لأربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز العاشرة. كان يعمل قبل الحصار في أحد المصانع قبل أن يحرم من عمله ويترك بلا أقرباء خلف حصار الغوطة المطبق، الأمر الذي جعله يستيقظ يومياً قبل الفجر ليبدأ رحلة البحث بين أكوام القمامة عن بقايا البلاستيك والنايلون، ليبيعها ويعود بعد غياب الشمس، فيجد أطفاله بانتظاره جوعى آملين أن يحمل لهم والدهم ما يسدّ رمقهم".
يتابع أنّ "الساعات الطويلة التي يقضيها أبو فراس خارج منزله قد تؤمّن له دخلاً لا يتجوز 1500 ليرة سورية (أقل من 3 دولارات أميركية) وهذا المبلغ البخس لا يكفي لتأمين وجبة كاملة، فيكتفي بشراء ربطة خبز ثمنها 700 ليرة، وما تبقى يحاول به الحصول على القليل من الأرز أو البرغل أو البطاطا". يضيف: "باع أبو فراس كلّ أثاث منزله، ولم يبقَ لدى العائلة سوى بعض الفرش البالية التي ينامون عليها".
يلفت أبو يحيى إلى أنّ "الوضع في الغوطة الشرقية بشكل عام مأساوي جداً، بسبب الفقر الشديد وغلاء أسعار جميع المواد بعشرات الأضعاف عما كانت عليه". يعيد ذلك إلى "فرض النظام إتاوات عالية جداً مقابل السماح بدخول البضائع. والتجار من جهتهم يرفعون الأسعار كذلك، فيما وضع الأهالي في تدهور مستمر".
يذكر أبو يحيى أنّ مياه الشرب تأثرت بأزمة الوقود إذ لم يعد بالإمكان توفيرها للمنازل: "قبل غلاء المحروقات كان الناس في معظمهم يستخدمون مياه الآبار التي يسحبونها من خلال المضخات التي توصل المياه إلى منازلهم. عاد معظمهم الآن إلى تعبئة المياه يدوياً من الآبار القديمة، وهو ما قد يتسبب بكارثة إذا ما استمر أكثر، لأنّها مياه ملوثة أو غير صحية".
يقول أبو يحيى إنّ "العديد من المنظمات يحاول أن يقدم المساعدة، لكن لكثرة الفقراء فإنّ المنظمات بالكاد تحاول تأمين الأساسيات، وبشكل عام لا تستطيع المنظمات اشباع احتياجات كافة الفقراء لكثرة عددهم"، مبيناً أنّ "العائلة المكونة من أربعة أفراد تحتاج وسطياً إلى 10 آلاف ليرة (19 دولاراً) لتأمين بعض احتياجاتها الأساسية، بالإضافة إلى تأمين وجبتي طعام فقط". يشير إلى أنّ "الفقراء في الغوطة وهم الغالبية الساحقة، يعملون في جمع بقايا البلاستيك من مكبات النفايات، أو العتالة (التحميل على الظهر) أو يبيعون المواد على بسطات صغيرة، أو حتى يبيعون المياه الصالحة للشرب".
كذلك، يتطرق أبو يحيى إلى أزمة السكن في الغوطة: "عائلات كثيرة تسكن في الخيام في البراري، أو في المناطق القريبة من الجبهات العسكرية. المنازل هناك رخيصة إذ يبلغ الإيجار الشهري نحو 10 آلاف ليرة. أما في وسط المدن فيقدر الإيجار بنحو 30 ألف ليرة (58 دولاراً) شهرياً".
يختم أبو يحيى أنّ "الغوطة تعتمد اليوم على معبر وحيد لدخول البضائع هو معبر مخيم الوافدين، والنظام لا يفتحه بشكل دائم، وإن فتحه وأدخل إليه بعض البضائع فهو يفرض عليها رسوماً مرتفعة جداً، ما يجعل أسعار البضائع مضاعفة".
يشار إلى أنّ الغوطة الشرقية هي إحدى المناطق الأربع المسماة "مناطق تخفيف التصعيد" التي أقرت في مؤتمر أستانة بضمانة روسية تركية إيرانية، ما يفرض أن يتوقف استهدافها بالقصف ويسهل وصول المساعدات الإنسانية لها، إلاّ أنّ ذلك لم يطبق حتى اليوم.