مؤازرة نفسية لمرضى السرطان بالأردن

04 فبراير 2019
الدعم النفسي والإحاطة بالمريض مطلوبان (Getty)
+ الخط -

يشير مكتب منظمة الصحة العالمية في الأردن إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر مناطق العالم تأثّراً بمرض السرطان. وفي الأردن يُعَدّ هذا المرض السبب الثاني للوفاة في حين سُجّلت 8400 حالة سرطان جديدة في عام 2015، وهو ما يدفع إلى التعامل بفعالية مع الحالات المرضية في المستشفيات والمراكز الطبية، فالدعم النفسي يُعَدّ من أسس العلاج.

تخبر تحرير الشعار لـ"العربي الجديد" أنّ والدتها أصيبت بمرض السرطان، وكانت أوّل من عرف بذلك عندما أعلمها الطبيب بإصابتها بعيداً عن الوالدة، مضيفة "أنا والعائلة كلها شعرنا بالصدمة، ولم نتمكن من السيطرة على أنفسنا، وسبقت دموعنا كلماتنا". وتتابع: "بعد ذلك رافقت والدتي إلى الطبيب للمراجعة، فطمأننا إلى أنّ السرطان غير منتشر، ويمكن استئصاله والسيطرة عليه. لكنّ البيت عاش مع ذلك في حالة طوارئ مستمرة. حاولنا أن نكون معها كعائلة حتى لا نترك لها وقتاً للتفكير في المرض، وحتى نشعرها بأنّ السرطان كغيره من الأمراض يمكن الشفاء منه. بتنا أكثر قرباً منها بأجسادنا وأرواحنا، وهو أمر ساهم في قدرتها على مواجهة المرض". وتوضح الشعار: "نحن بشر، نتعب نفسياً أحياناً بسبب الحالة المرضية للوالدة، لكنّنا دائماً نحاول أن نكون أكثر قوة أمامها، فمن المهم إشعار المريض بالقوة وعدم التعامل معه عبر إظهار الشفقة أو التعاطف السلبي". وترى الشعار أنّه "من الأفضل عدم الإفصاح عن حالة المريض مباشرة من قبل الأطباء، فلذلك أثر سلبي على حالته النفسية".




من جهته، يقول أحمد الزعبي إنّ صدمة إصابة والدته بالسرطان كانت كبيرة عليه. ويشير إلى أنّه حاول بقدر الإمكان أن يكون قوياً أمامها وأمام جميع أفراد العائلة، مؤكداً أنّ "الروح المعنوية العالية مهمة في مواجهة المرض". ويوضح أنّ "الإيمان بالله والقدر جزء مهم في تقبّل المرض، وهذا ما جعلنا أكثر طمأنينة. كذلك فإنّ التطوّر العلمي وبعض الحالات التي شهدنا على شفائها أعطتنا الأمل. وكنّا نسرد تلك الأمثال للوالدة، فتجعلها أقل توتراً وأكثر تقبلاً للعلاج". يتابع: "أنا جزء من عائلة كبيرة، والأشقاء والشقيقات وحتى الأقارب يزورون الوالدة دائماً، وهو أمر له أثر إيجابي عليها، إذ إنّنا لا نتركها وحيدة، وباتت جميع طلباتها أوامر".

في السياق، يقول اختصاصي الطب النفسي في "مركز الحسين للسرطان" الدكتور فلاح التميمي إنّ علاج السرطان يأتي من ضمن فرق طبية متعاونة ومنسجمة، شارحاً أنّ "تشخيص المرض يجرى من ضمن خطة علاجية شاملة تشمل تقديم العلاج والأدوية، بالإضافة إلى الدعم النفسي من خلال العلاج النفسي المتكامل، والعلاج الجماعي والمعرفي والسلوكي والعاطفي، مع تدخل العاملين الاجتماعيين في حال المشاكل العائلية والاقتصادية، إلى جانب العلاج الروحي". ويوضح أنّ "العلاج النفسي الأول يكون من خلال الطبيب الذي يكشف للمريض عن حالته، من خلال التهيئة والشرح الوافي والدعم، ثمّ الدعم العائلي للمريض".

يضيف التميمي: "لا شك في أنّ ثمّة طرقاً احترافية لإبلاغ المرضى بحالاتهم، وذلك من خلال التهيئة النفسية المناسبة حول المرض، من أجل تلقي العلاج الملائم في إطار الإجراءات التي يحتاج إليها المريض". يتابع أنّ "إبلاغ المريض حقّ له، ولا يجرى إخفاء حالته عنه إلّا في حالات استثنائية ونادرة جداً. فمعرفة المريض بمرضه جزء مهم في علاجه". كذلك، يشير إلى أهمية مرافقة المعالجين النفسيين للمريض، من الفحص الأول حتى اكتشاف النتيجة وصولاً إلى العلاج، مع الاستماع الجيد والفعال ومواساة المريض. ويؤكد أنّ "ثمّة حالات نفسية تحتاج إلى علاج ودواء، وأخرى تحتاج إلى دعم فقط، ونسبة قليلة من المرضى هي التي ترفض العلاج مع توفر هذه الإحاطة".

ويشدّد التميمي على أنّ "أهل المريض وأقاربه جزء مهم من العلاج، ومن الضرورة أن يتفهموا طبيعة المرض والالتزام بتعليمات الفريق الطبي، خصوصاً في حالات الخوف والضغط النفسي"، مشيراً إلى "أهميّة دور الأزواج في دعم الزوجات والعكس صحيح". ويؤكد كذلك على "أهمية تغيير بعض المفاهيم لدى العامة حول المرض. فالسرطان لا يعني الموت، وهو مرض مثل غيره من الأمراض"، مشدداً على "ضرورة الالتزام بالعلاجات الطبية وعدم اللجوء للوصفات الشعبية والأعشاب التي لا فائدة منها".




تشير "مؤسسة الحسين للسرطان"، وهي مؤسسة وطنية غير ربحية، إلى أنّ السرطانات الثلاثة الأكثر شيوعاً بين الذكور البالغين في الأردن هي: الرئة، والقولون والمستقيم، والمثانة. ولدى الإناث البالغات: الثدي، والقولون والمستقيم، والغدة الدرقية. أما لدى الأطفال فهي: الدم (لوكيميا)، والدماغ والجهاز العصبي المركزي، والغدد الليمفاوية.