شهد مؤتمر "دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظلّ المتغيرات الإقليمية والدولية" نقاشات مستفيضة حول أزمة الهوية والمواطنة في هذه الدول وتحديات التنمية فيها وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية وقضايا الأمن فيها.
وبدأ المؤتمر الذي يعقده المركز "العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة برعاية أمير قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، أعماله بجلسة ناقشت هواجس الهوية في دول الخليج كونها القضية الرئيسة التي تلخّص المخاوف المرتبطة بالاختلال السكاني الناتج من سياسات تنموية اعتمدت على استيراد عمالة أجنبية غير عربية في أغلبها.
وأكّد المحاضرون في الجلسة الأولى للمؤتمر على أهمية أن تتصدّى دول مجلس التعاون الخليجي للتحدّيات المرتبطة بالهوية والمواطنة والعمالة التي قدرت بـ 16 مليون في عام 2009. ورأى علي فخرو الذي شغل مواقع وزارية في البحرين بورقته المعنونة "تحدّيات الهوية في دول مجلس التعاون" أنّ سياسة استيراد العمالة التي أعطت أفضلية لغير العرب ستساهم في استفحال مشكلة هوية الخليج، خصوصًا في السنوات الأخيرة حيث كانت العمالة العربية في الخليج عام 1975 72% وهبطت الان الى 32%. وأوضح أنّ هذه المشكلة ستتفاقم مع تشديد المواثيق الدولية على ضرورة توطين العمّال المهاجرين ومنحهم تمثيلًا في المجالس المرتبطة بالحكم في الدول المستقبلة.
كما حذرت ورقة أستاذة التاريخ في جامعة الإمارات، فاطمة الصايغ، من آثار اختلال التركيبة السكانية لدول الخليج في مفهوم "المواطنة"، فإذا كانت نسبة السكان المحليين تقارب حاليًّا 15% فإنّها في غضون الخمسين سنة المقبلة ستقترب من الصفر.
وافتتح المؤتمر بكلمة قدمها مدير الأبحاث في المركز، جمال باروت، أكد فيها أن المؤتمر بحثي علمي يشتمل برنامجه على أكثر من سبعين بحثًا جرى توزيعها على مسارين يتعلّق الأوّل بجيوبوليتيك الخليج وقضايا العلاقات الدولية، ويناقش الثاني التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي.
وشهد افتتاح المؤتمر محاضرة للأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي، عبد الرحمن العطية، بعنوان " تجربة مجلس التعاون الخليجي: تحديات وعناوين للإصلاح" تحدث فيها عن أبرز التحيات أمام المجلس داعيا لبدء تحديث سياسي شامل في دوله وضرورة اصلاح المجلس وضبط الخلافات بين أعضائه.
كما قدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بنعمر، محاضرة عن "دور مجلس التعاون الخليجي في مقاربة الأزمات الإقليمية: دروس من التجربة اليمنية".
ثم عقدت ندوة حوارية بعنوان "آفاق تطوير مجلس التعاون ودوره في ظلّ الظروف الراهنة"، شارك فيها كل من استاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين، باقر النجار، وأستاذ التاريخ في جامعة الإمارات، فاطمة الصايغ، وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت، محمد الرميحي، ومدير مركز الشرق الأوسط في جدة، أنور عشقي.
يذكر أن المؤتمر يعقد على مدى ثلاثة أيام ويأتي قبل القمة الخليجية المقرر عقدها خلال الأيام المقبلة في الدوحة.