غيّب الموت مؤسس الهلال الأحمر اليمني الطبيب السبعيني عبد الله حمود الخميسي، لعدم توفر مستلزمات الجراحة التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة، وعدم قدرته على الخروج من صنعاء. هكذا قضى الطبيب الذي أنقذ آلاف الأشخاص في بلد أنهكته الحرب ودمرت مقدراته، وسقط ضحية الحصار وانهيار القطاع الصحي في بلده بسبب الحرب.
وواصلت عائلة الطبيب الخميسي، الأمين العام للهلال الأحمر اليمني، ونقيب الأطباء اليمنيين السابق، اليوم السبت، تقبل التعازي بعد أن ووري الثرى في مقبرة خزيمة في صنعاء، بعد الصلاة على روحه في الجامع الكبير أمس الذي صادف أول أيام عيد الأضحى.
وأوضح ابن الفقيد، الزبير الخميسي، لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن "الأسرة لم تتمكن في البداية من العثور على الدعامات، وهي أنابيب قابلة للتوسيع تستخدم في الشرايين الضيقة -اللازمة لجراحة قلب والدي، ولا يمكن نقله إلى الخارج للعلاج بسبب القيود التي تفرضها السعودية على الحركة". وأشار إلى أن والده توفي في مستشفى في صنعاء ودفن أمس الجمعة.
وتابع الزبير الخميسي المقيم في المملكة المتحدة: "لم تتمكن المستشفى من إيجاد دعامات، وجدت واحدة، ثم أخرى، ثم اشترت بعضاً منها من ممرضة هندية، كلفة الدعامات بلغت ألف دولار، هذا مبلغ كبير جداً في اليمن".
وأضاف "أجرى الأطباء العملية بالدعامات الموجودة، لكن تبيّن أنهم يحتاجون المزيد، وبعد العملية صارت صحته تتدهور".
وقال: "لم تكن ثمة وسيلة لإخراجه إلى القاهرة، أو عمان، فقائمة الانتظار كانت طويلة جداً، هناك قائمة بأسماء المرضى المنتظرين فرصة الخروج للعلاج، والسعوديون أوقفوا حركة الطيران". ولفت إلى أن والده نقل إلى المستشفى قبل أسبوعين من وفاته، قضى معظمها في العناية المركزة.
وأكد "بالطبع توفي والدي لعدم حصوله على العلاج المنقذ للحياة، من الصعب الحصول على الدواء في اليمن اليوم، ربما تجده إذا دفعت رشاوى وبحثت عبر الأبواب الخلفية، وهي مكلفة جداً".
الهلال الأحمر اليمني
وشغل الخميسي، وهو من مواليد عام 1941، مناصب ومهام محلية وعربية ودولية، إلى جانب ممارسته الطب واختصاصه بأمراض البلدان الاستوائية والإدارة الصحية.
أسس جمعية الهلال الأحمر اليمني عام 1973، وانتخب أميناً عاماً للجمعية منذ التأسيس وشغل المنصب حتى أوائل عام 2000. عيّن مديراً عاماً للطب الوقائي في وزارة الصحة، وكان العضو المؤسس لنقابة المهن الطبية، وللمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، واللجنة الوطنية لرعاية المعاقين، والمجلس اليمني للسلم والتضامن. كذلك شغل عضوية لجنة شؤون اللاجئين.
وسعى الطبيب عبد الله الخميسي إلى بناء وتأثيث المركز الرئيسي للهلال الأحمر اليمني في صنعاء. وأسس عشرة فروع وتابع تجهيزها بالمعدات والمستلزمات الطبية وسيارات الإسعاف. وساهم في تصميم مجمع الهلال الأحمر اليمني وإعداد المواصفات بأفضل المعايير، وروج للمشروع على المستوى الدولي لجمع التبرعات وأشرف على التنفيذ.
وأشرف على إصدار صحيفة "الإيثار" وطورها إلى مجلة بمساعدة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وترأس تحريرها. وأعد كتيب الإسعاف الأولي للسائقين وآخر لتلاميذ المدارس. وصمم وأشرف على عدد من الدورات التدريبية والتأهيلية في مجالات: الإسعاف، إصحاح البيئة، البحث عن المفقودين، إدارة الكوارث، الإعداد لمواجهة الكوارث، القانون الدولي الإنساني.
شارك في إعداد قانون حماية الشارة وتابعه حتى تم إصداره. وتبنى مشروع التدريب على مهارات مدرة للدخل وصممه وروج له وتابع تنفيذه.
جوائز تقدير
نال شهادات التقدير وجوائز، منها وسام الهلال الأحمر الذهبي من تركيا عام 1985، والدرع البرونزي من الهلال الأحمر الإيطالي عام 1986.
لديه كثير من الإصدارات والبحوث ليس في مجال الطب وحده وإنما في القانون والشعر أيضاً.
أبرز مؤلفاته الطبية: البلهارسيا في اليمن، النشأة، الانتشار النوعي، طرق الوقاية والاستئصال. والملاريا في اليمن، النوعية، الانتشار الجغرافي، طرق الوقاية والاستئصال. والرعاية الصحية في بلادنا عبر ثلث قرن.
ووضع كتاباً بعنوان محكمة العدل الدولية – ما لها وما عليها، وآخر بعنوان القانون الدولي الإنساني، مقارنة بقانون الحرب في الإسلام. كذلك له ديوان شعر.
(العربي الجديد)