تصفه بـ"الهمّ اليومي"، بل يصفنه. السؤال نفسه يتكرّر كل يوم أو يومين. ماذا نطهو؟ أو ماذا تريدون أن تأكلوا؟ سؤال يوجّه إلى جميع أفراد العائلة. والجواب... لا جواب. "أف". يتأفّفون، ففي حياتهم أيضاً، "هموم يومية" أُخرى والأكل مجرّد تفصيل. وتلحّ. "أفّ" مرة أخرى. هم مستعدّون لتناول أي شيء. هكذا يقولون. وهي عليها أن تحلّل رغباتهم جميعاً، وتوازن بينها، وتحرص على التغيير، لأنهم في الحقيقة ليسوا مستعدّين لتناول أي شيء.
ربّما يطلبون منها إمهالهم المزيد من الوقت. وفي المساء، لا جواب. تصرخ ويصرخون. ما بالها تكرّر هذا السؤال؟ وما بالهم لا يجيبون عنه؟ وفي النهاية، ستعدّ الوجبة التي تريد. وإذا ما اعترض أحدهم، ستعدّ أُخرى، وهكذا.
وفي اليوم التالي، السؤال نفسه. ماذا أطهو؟ لا أسماء في ذهنها لأكلات محتملة، فقد طهت كلّ شيء. وتسأل صديقاتها ووالدتها، وتبحث عن أكلات جديدة على الإنترنت، وفي كتب الطهي.
أليست حاضنة؟ لأنها حاضنة، يُطلب منها تحضير الطعام. لا أحد يقول ذلك بالضرورة، فهذا من الموروثات التي قد تعترض عليها، إلّا أنها تلتزم بها. وهي قد لا تمانع طلب الطعام من أحد المطاعم ليوم واحد في الأسبوع، إلّا أن احتمال تكرار الأمر ليس كبيراً، لعدم ثقتها به، ولحرصها على إعداد الطعام لأطفالها بنفسها.
قبل أن نستخدم كلمة ذكورية، هناك عامل الثقة. على الأغلب، لا تثق الأمّ إلّا في نفسها، أو بأمّ أخرى. وهي نفسها تقول إن الأمّ تعرف أكثر. وإذا ما يئست من محاولة حثّ الرجل، قد تقتنع بأنّ الأمر مرتبط بطبيعتها كامرأة. ثم تنتبه إلى أنّها تعلّمت الطهي حديثاً، كما أنّها لا تهوى هذه "المهمّة"، ولم تعتد مساعدة والدتها في الطهي. وإن كان الناس يدلّلون على عدم معرفة فلان/ فلانة بالطهي، بالقول إنه/ إنها لا يفرّق/ تفرّق بين البقدونس والكزبرة، فهذا أسهل أحياناً من التفرقة بين السبانخ والهندباء. وكلّما أرادت شراء أحد هذه الأنواع، تسأل البائع، أو تطلب منه إحضارها لتفادي الإحراج. إلّا أنّها تجد نفسها في المطبخ.
وبعيداً عن إدراج المهمة ضمن "الدور" أو عدمه، فإنّها تشعر أحياناً بأنها تحب إعداد الطعام لعائلتها، كفعل نهائي. وإذا ما تنازلت عن حقّها في أن تحصل على مساعدة أم تشعر بمشاركة، فإنها تطلب على الأقل تقديراً، وعدم الاستهزاء بـ"حيرتها"، هي التي تمارس دور التفكير عن الآخرين قبل الطهي، واحترام وقتها. فقبل بدء عملية الطهي، هناك تحضير الأغراض وتذويب اللحم وأشياء أخرى.
ماذا تطهو إذاً؟ "كما تشائين". ربّما تشاء الخروج من المطبخ إلى الأبد.
اقــرأ أيضاً
ربّما يطلبون منها إمهالهم المزيد من الوقت. وفي المساء، لا جواب. تصرخ ويصرخون. ما بالها تكرّر هذا السؤال؟ وما بالهم لا يجيبون عنه؟ وفي النهاية، ستعدّ الوجبة التي تريد. وإذا ما اعترض أحدهم، ستعدّ أُخرى، وهكذا.
وفي اليوم التالي، السؤال نفسه. ماذا أطهو؟ لا أسماء في ذهنها لأكلات محتملة، فقد طهت كلّ شيء. وتسأل صديقاتها ووالدتها، وتبحث عن أكلات جديدة على الإنترنت، وفي كتب الطهي.
أليست حاضنة؟ لأنها حاضنة، يُطلب منها تحضير الطعام. لا أحد يقول ذلك بالضرورة، فهذا من الموروثات التي قد تعترض عليها، إلّا أنها تلتزم بها. وهي قد لا تمانع طلب الطعام من أحد المطاعم ليوم واحد في الأسبوع، إلّا أن احتمال تكرار الأمر ليس كبيراً، لعدم ثقتها به، ولحرصها على إعداد الطعام لأطفالها بنفسها.
قبل أن نستخدم كلمة ذكورية، هناك عامل الثقة. على الأغلب، لا تثق الأمّ إلّا في نفسها، أو بأمّ أخرى. وهي نفسها تقول إن الأمّ تعرف أكثر. وإذا ما يئست من محاولة حثّ الرجل، قد تقتنع بأنّ الأمر مرتبط بطبيعتها كامرأة. ثم تنتبه إلى أنّها تعلّمت الطهي حديثاً، كما أنّها لا تهوى هذه "المهمّة"، ولم تعتد مساعدة والدتها في الطهي. وإن كان الناس يدلّلون على عدم معرفة فلان/ فلانة بالطهي، بالقول إنه/ إنها لا يفرّق/ تفرّق بين البقدونس والكزبرة، فهذا أسهل أحياناً من التفرقة بين السبانخ والهندباء. وكلّما أرادت شراء أحد هذه الأنواع، تسأل البائع، أو تطلب منه إحضارها لتفادي الإحراج. إلّا أنّها تجد نفسها في المطبخ.
وبعيداً عن إدراج المهمة ضمن "الدور" أو عدمه، فإنّها تشعر أحياناً بأنها تحب إعداد الطعام لعائلتها، كفعل نهائي. وإذا ما تنازلت عن حقّها في أن تحصل على مساعدة أم تشعر بمشاركة، فإنها تطلب على الأقل تقديراً، وعدم الاستهزاء بـ"حيرتها"، هي التي تمارس دور التفكير عن الآخرين قبل الطهي، واحترام وقتها. فقبل بدء عملية الطهي، هناك تحضير الأغراض وتذويب اللحم وأشياء أخرى.
ماذا تطهو إذاً؟ "كما تشائين". ربّما تشاء الخروج من المطبخ إلى الأبد.